الرسوم الجمركية المتبادلة تهدد الاقتصاد العالمي

08 يوليو 2018
تعد الصين أكبر مستهلك للسلع الأولية(فرانس برس)
+ الخط -


حذر تحليل اقتصادي، صدر اليوم الأحد، من مغبة نشوب حرب تجارية عالمية، وذلك على خلفية الإجراءات التي تتخذها الولايات المتحدة الأميركية من فرض سلسلة من التعريفات الجمركية الانفرادية، وردّ الدول المتضررة أيضا عليها بسرعة بإجراءات مماثلة.

وأوضح التحليل الصادر عن بنك قطر الوطني (QNB) ونشرته وكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن فرض الرسوم والرسوم المضادة بمثابة الطلقات الافتتاحية للحرب التجارية قد تم إطلاقها، كما أن الخوف الحقيقي يكمن في أن هذه التدابير - الصغيرة نسبيا - التي تم الإعلان عنها حتى الآن قد تكون ببساطة هي الرشقات الأولى لحرب أكبر من ذلك بكثير.

وأشار التحليل إلى أن الإجراءات التي اتخذت حتى الآن لم تكن كافية لإلحاق ضرر بليغ باقتصاد الولايات المتحدة، فقد بلغ إجمالي فاتورة الواردات الأميركية 2.34 تريليون دولار في عام 2017، بينما كان الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة ضخما، حيث بلغ 19.4 تريليون دولار.
كما أن التعريفات الجمركية التي تم الإعلان عنها حتى الآن والتي تقارب قيمتها 100 مليار دولار أميركي لا تغطي سوى نسبة تزيد قليلا عن 3% من إجمالي فاتورة استيراد السلع الأميركية، أو نحو 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، حيث ردت الصين بفرض تعريفات جمركية بقيمة 50 مليار دولار على سلع أميركية هي في الأغلب سلع زراعية، ورد الاتحاد الأوروبي بفرض تعريفات بقيمة 37 مليار دولار على بعض الشركات الأميركية الكبرى.

وأوضح التحليل أن حزمة الإجراءات التالية التي يلوح بها الرئيس دونالد ترامب بشكل علني من شأنها أن تشكل تصعيدا خطيرا في حال تم تطبيقها، لافتا إلى أنه من بين هذه الإجراءات، فرض 200 مليار دولار أميركي إضافية كرسوم جمركية على الواردات الصينية، زيادة على 200 مليار دولار أخرى في حال ردت الصين بالمثل، كما هدد الرئيس الأميركي بفرض رسوم جمركية على جميع واردات الولايات المتحدة من السيارات بما في ذلك قطع غيار السيارات، مما قد يؤثر في ما تصل قيمته إلى 360 مليار دولار من الواردات، ومن شأن هذه الإجراءات أن تشمل ثلث الواردات الأميركية وأن يصل تأثيرها الإجمالي إلى حوالي 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي.

وبحسب التحليل، ستكون هذه الإجراءات متبوعة برد قوي من قبل الاتحاد الأوروبي والصين، مما يعني نشوب حرب تجارية عالمية شاملة، وقد هدد الاتحاد الأوروبي، الذي سيكون أكبر متضرر من الرسوم الجمركية على السيارات على سبيل المثل، بفرض رسوم انتقامية تقارب قيمتها 300 مليار دولار على الصادرات الأميركية.


ونوه التحليل أيضا إلى أن هناك مشكلة عدم التكافؤ بين الواردات الأميركية من الصين (505 مليارات دولار في 2017) وواردات الصين من الولايات المتحدة (130 مليار دولار فقط)، ما يعني أن الصين لن تكون لديها صادرات أميركية كثيرة يمكن فرض رسوم مماثلة عليها، مشيرا إلى أن حالة عدم التكافؤ هذه تثير احتمال اضطرار الصين إلى الرد من خلال إجراءات أخرى غير الرسوم الجمركية، مثل فرض قيود على التأشيرات والاستثمارات المباشرة، مما سيضر بالاستثمارات المباشرة الضخمة للشركات الأميركية في الصين.

ولفت التحليل إلى أن الخيار الأخطر يظل هو أن تقوم الصين بمحاربة الرسوم الأميركية من خلال تخفيض متعمد لقيمة اليوان الصيني أمام الدولار، وعندها سيكون هناك تهديد بتحول الحرب التجارية العالمية إلى حرب عملات عالمية.

وتعد الصين أكبر مستهلك للسلع الأولية، ومن ثم فإن ضعف اليوان سيشكل صدمة انكماشية عالمية لكثير من بقية دول العالم، وسيعمل على تخفيض قيمة السلع بالدولار، والإضرار بعائدات الدول المصدرة الكبرى للسلع، وسيهدد بزيادة الآثار السلبية التي ترتبت على العديد من الاقتصادات الناشئة في العام الجاري، كما ستتفاقم تقلبات الأسواق المالية عبر العالم وسيتباطأ النمو العالمي.

وأوضح التحليل أن خفض قيمة اليوان لن يكون أمرا سهلا على الصين، حيث يمكن لذلك بسهولة إطلاق توقعات بحدوث ضعف متسارع في قيمة العملة، الأمر الذي سيثير موجة مزعزعة من هروب رؤوس الأموال تصعب السيطرة عليها حتى من خلال الضوابط المشددة الجديدة التي فرضتها الصين، وسيؤدي ضعف اليوان أيضا إلى زيادة أسعار الواردات الصينية، وذلك بالإضافة إلى تأثير الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الأميركية، الأمر الذي سيزيد التكلفة التي تقع على عاتق المستهلك الصيني نتيجة لنشوب حرب تجارية، وسيؤدي كلا العاملين إلى زيادة الضغوط على أسعار الفائدة الصينية.

المساهمون