الرجل الذي سرقه جاره

08 فبراير 2016
كان صندوقه ينقص كلما غادر المحل (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

حدث ذلك قبل سنوات. لاحظ صاحب محل الملبوسات أنّ مال صندوق مبيعاته ينقص كلّ يوم جمعة. في العادة، يكتفي بإقفال الباب الزجاجي للمحل بالمفتاح كلما ذهب لأداء الصلاة، ويترك الباب الحديدي مفتوحاً، طالما أنه سيعود لمتابعة البيع بقية النهار.
في المرّة الأولى ظنّ أنه أخطأ في الحسابات، فلم يعط الأمر أهمية. في المرة الثانية ساوره شك سريع. راجع نفسه وتذكّر المرة التي سبقت. لكن عندما تكرّر الأمر في المرة الثالثة أدرك أنّ ثمة خطباً ما. كان متأكداً أنّ صندوقه ينقص كلما غادر المحل في هذا اليوم.

لذلك، وكي يكون حاسماً في قراره، وضع مبلغاً محدداً من المال في الصندوق بعدما عدّه مراراً. ثم خرج وأقفل الباب الزجاجي كالعادة. أدّى ما عليه وعاد خلال ساعة أو أكثر من الوقت. فتح الباب الزجاجي بالمفتاح وتوجّه فوراً نحو الصندوق. صار شكّه يقيناً. لقد كان صندوق المال ينقص بالفعل.

جلس يفكّر وحيداً بالطريقة التي يختفي بها ماله. دارت عشرات الأفكار في رأسه. أراد أن يعرف الطريقة التي يختفي فيها ماله، بعدما بات متأكداً أنّ في الموضوع سرقة مؤكدة.
فكّر كثيراً قبل أن يخطو أيّ خطوة. لم يكن مهتماً بالمال الذي سُرق بقدر اهتمامه بمعرفة الفاعل الذي يقوم باستغفاله كلما غادر المحلّ. استشار ابنه، الذي يملك بعض المعرفة في عالم التكنولوجيا، فقام هذا الأخير بزرع كاميرا مراقبة في زاوية مخفيّة من محل والده بعدما ركّز عدستها على باب المحلّ الزجاجي وحضّر جهاز التسجيل.

في يوم الجمعة غادر البائع محلّه كالعادة بعدما شغّل جهاز التسجيل. قضى ما عليه في ساعة من الزمن وعاد إلى محلّه مستعجلاً لمعرفة النتيجة.
كانت صدمته في ذروتها عندما شاهد على الشاشة الصغيرة جاره، في المحل الملاصق، يفتح الباب الزجاجي ويدخل إلى المحل ومن ثم يقفل الباب وراءه. ضرب على رأسه في تلك اللحظة. صحيح أنّ الفاعل بات معروفاً، لكنّ ما أذاه كان أبعد من السرقة التي ظلّت محدودة بنظره. كان فعل الخيانة هو ما جعله يفقد أعصابه.

أول ما قام به كان أن خرج ليواجه "جار العمر" بفعلته هذه. لم يكتف بذلك، بل قام بصفعه على وجهه. لكنّه لم يدّع عليه ولم يشتكه للشرطة. كان يعلم أنّ الموضوع لا يستحق سجناً وأنّ عائلة جاره الفقيرة لا تتحمّل نكبة كخسارة معيلها الوحيد، لذلك قرّر الاكتفاء بالمواجهة التي دارت بينهما. ومن يومها لا يكلّمان بعضهما نهائياً.

قبل يومين توفي شقيق السارق. وحده صاحب محل الملبوسات من كان يمسك بذراع الجار خلال الجنازة.

اقرأ أيضاً: أهلاً بكم في الميكانيك
دلالات
المساهمون