الرئيس العراقي في الدوحة: طي صفحة المالكي

11 فبراير 2015
تصلح زيارة معصوم للدوحة ما أفسده المالكي (فرانس برس)
+ الخط -

تدشّن زيارة الرئيس العراقي، فؤاد معصوم، الرسميّة برفقة وزيري الدفاع والداخلية، إلى الدوحة، اليوم الأربعاء، والتي تستمر يوماً واحداً، يلتقي خلالها أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، التي شابها توتّر على مدى السنوات الماضية، وطيلة تولّي نوري المالكي رئاسة الحكومة.

ولم يزر المالكي، خلال ترؤسه الحكومة العراقية، الدوحة إلا مرة واحدة خلال انعقاد القمة العربيّة عام 2009، ممثلاً للعراق، وتميزت علاقاته مع دول الخليج العربية، طيلة السنوات الماضية بالتوتر، الذي بلغ ذروته حين شنّ في شهر مارس/آذار الماضي، هجوماً غير مسبوق على قطر والسعودية، متهماً إياهما بزعزعة استقرار العراق، من خلال دعم تنظيمات مسلحة ماليّاً وسياسيّاً وإعلاميّاً.

ولم يتردّد المالكي في القول لقناة "فرانس 24" التلفزيونيّة، إن "البلدين الخليجيين أعلنا الحرب على العراق، ويستخدمان سورية كقاعدة لمهاجمة العراق بشكل مباشر".
وسبق للعلاقة بين البلدين، أن شهدت توتراً إضافيّاً، حين طالبت الحكومة العراقية الدوحة، في شهر أبريل/نيسان 2012، بتسليمها نائب الرئيس العراقي، طارق الهاشمي، الذي زار قطر. وردت الدوحة بالتأكيد على أنّها استقبلت الهاشمي بصفته الرسمية، وترفض تسليمه إلى بغداد.

ولم يتأخّر وزير الخارجية القطري، خالد العطية، في الردّ خلال كلمة ألقاها أمام قمة مجموعة الـ 77 والصين في بوليفيا، في يونيو/حزيران الماضي، بشكل غير مباشر، على اتهامات المالكي، موضحاً أنّ التطوّرات الأمنيّة في العراق، حيث "تشنّ مجموعات، ضمنها جهاديون، هجوماً كاسحاً هو نتيجة اعتماد التهميش والإقصاء من قبل المالكي". ويلفت إلى أنّ "ما يحصل هو في أحد أوجهه، نتيجة عوامل سلبيّة تراكمت على مدى سنوات، وأدّت إلى ما أدّت إليه، وكان أبرزها انتهاج السياسات الفئويّة الضيقة، واعتماد التهميش والإقصاء".

وفي موازاة تنديد الوزير القطري "بتجاهل الاعتصامات السلميّة، وتفريقها بالقوة واستخدام العنف تجاهها ووصف المعارضين بالإرهابيين"، في إشارة إلى قمع متظاهرين طالبوا باستقالة المالكي، لم يغفل العطية دعوة السلطات العراقية حينها إلى "ضرورة الالتفات إلى مطالب قطاعات كبيرة من الشعب لا تنشد سوى المساواة والمشاركة، بعيداً عن كلّ أشكال التمييز الطائفي أو المذهبي".

وفي وقت لا تزال فيه السفارة القطرية في بغداد مغلقة، منذ عام 2003، وقدمت الحكومة القطرية، أخيراً، وعداً بإعادة افتتاحها، لم يجرِ تعيين سفير دائم للعراق في الدوحة، بعد انتهاء مهمة السفير العراقي السابق، جواد الهنداوي، عام 2013، علماً أنّ القائم بالأعمال، نوار صادق جواد، هو من يمثّل بغداد في الدوحة.

ومن المقرر أن يبحث معصوم مع المسؤولين القطريين، وفق ما أعلنه مستشار الرئيس العراقي، طورهان المفتي، في تصريحات صحافية، الوضع الأمني في المنطقة والحرب ضد تنظيم "داعش"، إلى جانب إزالة جميع أنواع الخلافات السابقة بين العراق وقطر.
وكان رئيس البرلمان العراقي، سليم الجبوري، قد زار الدوحة في الأول من ديسمبر/كانون الأول الماضي، على رأس وفد برلماني بحث إمكانية إعادة فتح السفارة القطريّة في بغداد. وأعلن حينها أنّ "العلاقات الثنائية بين العراق وقطر ستشهد انفتاحاً واسعاً، وقد ناقش الملف الأمني مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني".

واستبق وزير الداخلية العراقي، محمد سالم الغبان، زيارة الجبوري، بزيارة الدوحة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، التقى خلالها رئيس الوزراء ووزير الداخلية القطري، الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني. ونقل بيان لوزارة الداخلية العراقية عن الوزير العراقي قوله، إن قطر وعدت العراق، أخيراً، بفتح صفحة جديدة من التعاون البنّاء في مختلف المجالات، وخصوصاً الأمنية منها، وأكدت أنّها تفتح قلبها قبل أبوابها للمسؤولين العراقيين. واتفق البلدان على تشكيل لجنة للتعاون الأمني المشترك والبدء في مرحلة تعاون مبنية على العمل المشترك والمشاركة الفعالة في مكافحة الإرهاب والتصدي للفكر المتطرف.

وعلى الرغم من البرود الذي اتسمت به العلاقات القطرية ــ العراقية، منذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وما تلاه، فقد استقبلت الدوحة زيارات عدد من المسؤولين العراقيين ومن مختلف المكوّنات العراقية، حيث زارها السيد مقتدى الصدر، في شهر مايو/أيار 2011، ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، عمار الحكيم، مرتين في شهر أبريل/نيسان 2013، ومايو/أيار 2009. كما زار الدوحة الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق، الشيخ حارث الضاري أكثر من مرة.
ولم تنجح هذه الزيارات في تحريك ملف العلاقات بين البلدين، بسبب سياسات المالكي التي وجدتها قطر، ومعها دول مجلس التعاون الخليجي، موجهة ضدّ مصالحها، وضد المكوّن السني في العراق. واليوم، يبدو أنّ الاختراق الذي حقّقه رئيس مجلس النواب العراقي، ووزير الداخلية، يؤذن بطيّ صفحة المالكي، وفتح صفحة جديدة في علاقات العراق مع قطر ومع محيطه العربي والخليجي.

المساهمون