عين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وسطاء الجمهورية في 42 ولاية وكذا عشر مقاطعات، كآلية إصغاء للمواطنين والمجموعات السكانية والتوسط مع الإدارات المحلية، وسط انتقادات حادة لهذا القرار الذي سيكلف الخزينة العمومية أعباء مالية إضافية في عز أزمة مالية تعيشها البلاد.
وعين الرئيس تبون 52 عضوا في هيئة وسيط الجمهورية، يعملون تحت رئاسة الوسيط العام للجمهورية كريم يونس، بانتظار تعيين ستة آخرين في ولايات ست لم يتم بعد اختيارهم من قبل مصالح الرئاسة. وسيكون لهم مقر في كل ولاية للاستماع إلى شكاوى وتظلمات المواطنين ضد الإدارات والهيئات الحكومية والأمنية.
ويراهن الرئيس تبون على هؤلاء الوسطاء للحد من التعسف الإداري والأمني الذي قد يطاول المواطنين، أفرادا أو مجموعات أو مناطق، وفتح قناة رسمية ومنتظمة لحل مشكلات المواطنين في حال عجز القضاء لأسباب متعددة عن ذلك، ومحاربة الفساد في الوسط الإداري والإدارة المركزية والمحلية والمرافق العمومية، وكذا في القطاع الخاص الذي يقوم بتأدية خدمات عمومية.
وتتبع هيئة وسيط الجمهورية رئيس الجمهورية وتستمد منه سلطتها، وتعد هيئة طعن غير قضائية تساهم في حماية حقوق المواطنين وحرياتهم وفي قانونية سير المؤسسات والإدارات العمومية.
ويخول لوسيط الجمهورية صلاحيات المتابعة والرقابة العامة التي تسمح له بتقدير حسن علاقات الإدارة مع المواطنين، إذ يمكن لأي شخص طبيعي استنفد كل طرق الطعن، ويرى أنه وقع ضحية ظلم أو تعسف بسبب خلل في تسيير مرفق عمومي، أن يخطر وسيط الجمهورية، بعد استنفاد الطرق القضائية، إذ لا يتيح القانون لوسيط الجمهورية التدخل في أي إجراء قضائي، أو أن يعيد النظر في أي مقرر قضائي.
يخول لوسيط الجمهورية صلاحيات المتابعة والرقابة العامة التي تسمح له بتقدير حسن علاقات الإدارة مع المواطنين
ويمنح المرسوم الرئاسي لاستحداث وسيط الجمهورية لهذا الأخير، مركزيا أو محليا، صلاحيات التحريات التي تسمح له، بالتعاون مع الإدارات والمؤسسات المعنية، إنجاز مهامه، ومنح سلطة طلب معلومات ووثائق من أية إدارة أو مؤسسة يرى أنها يمكن أن تقدم له مساعدة مفيدة، كما يمكنه أن يطلع على أية وثيقة أو ملف لهما صلة بالقضايا المطروحة أمامه، عدا ما يرتبط بأمن الدولة والدفاع الوطني والسياسة الخارجية، قبل تقديم تقرير إلى رئيس الجمهورية يتضمن التدابير والقرارات التي ينبغي اتخاذها ضد الإدارة المعنية أو موظفيها.
ووفر الرئيس تبون لوسيط الجمهورية سلطة قانونية تلزم المؤسسات الإدارية والخدمية بتقديم كل الأجوبة عن المسائل المطروحة في الآجال المعقولة، ويمكنه أن يخطر رئيس الجمهورية إذا لم يتلق جوابا مرضيا عن طلباته.
وفي 17 فبراير الماضي، كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد استحدث مؤسسة وسيط الجمهورية ليتولى الوسيط متابعة ومعالجة قضايا وحقوق المواطنين لدى المؤسسات الحكومية، وكآلية جديدة لضبط وتنظيم الدولة، وكوظيفة الوساطة والتحكم لدى المواطنين ومحيطهم، والسهر على احترام الحقوق والحريات من طرف الإدارات ومؤسسات الدولة والجماعات المحلية والمنشآت" وبالتالي تحسين الخدمة العمومية.
وعين تبون رئيس البرلمان الأسبق كريم يونس (وهو رئيس برلمان سابق ورئيس لجنة الحوار السياسي خلال فترة الحراك الشعبي)، في منصب وسيط الجمهورية، وقال يونس عقب تعيينه، في فبراير الماضي، إن من مهام هذه الهيئة "السهر على احترام حقوق المواطنين من طرف مؤسسات الدولة والجماعات المحلية وتحسين الخدمة العمومية، وبالتالي المساهمة في بناء جزائر جديدة تكون أكثر عدلا وإنصافا".
وهذه هي المرة الثانية التي يتم خلالها استحداث منصب وسيط الجمهورية، بعد تجربة أولى عام 1996 من قبل الرئيس السابق ليامين زروال، لكن الرئيس بوتفليقة قام في أغسطس 1999 بإلغاء هذا المنصب وقال إنه بلا جدوى وأنه يُكتفى برسائل مفتوحة تتضمن شكاوى المواطنين تنشر على الصحف الحكومية.
واللافت أنه ومنذ إعلان الرئيس تبون إعادة استحداث هيئة وسيط الجمهورية، لم تتوقف الانتقادات بشأن ما يصفه المعارضون ضخ مزيد من الهيئات البيروقراطية في جسم الدولة، وزيادة الأعباء المالية على الخزينة العمومية، من دون أن يكون لمثل هذه الهيئات أية فعالية أو نجاعة ميدانية، بحكم التجربة السابقة، خاصة أن الوسيط العام للجمهورية كريم يونس لم يقم بأي عمل منذ تعيينه في فبراير الماضي، عدا إصدار بيانين لحث المواطنين التزام تدابير الوقاية من كورونا وبيان تنديد بتصرف حاكم ولاية مستغانم غربي الجزائر مع مواطن، وكذا لتداخل صلاحيات هذه الهيئة مع هيئات أخرى كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان .