الرئيس الجزائري يتمسك باللجنة الدستورية ويحذر من موجة احتجاجات

13 يونيو 2020
أعلن تبون مواعيد تقريبية لإنهاء النقاش حول الدستور (فيسبوك)
+ الخط -
رفض الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تغيير اللجنة الدستورية التي تولّت صياغة مسودة تعديل الدستور، بعد انتقادات واعتراضات حادة تعرضت لها اللجنة ومطالبات سياسية باستبدالها بلجنة توافقية أو هيئة تأسيسية، وأعلن عن مواعيد تقريبية لإنهاء النقاش حول الدستور وتمريره على البرلمان والاستفتاء الشعبي.

وجدّد تبون ثقته بأعضاء اللجنة، وقال في مقابلة تلفزيونية مع مجموعة من الصحافيين "لدي ثقة بكامل أعضاء اللجنة وهم يتعرضون للتشويه، ولدي ثقة تامة برئيس اللجنة الدستورية أحمد لعرابة، لأنه خبير أممي تستعين به الأمم المتحدة، وهو ابن شهيد من شهداء ثورة التحرير، ولا يمكن الشك مطلقاً في أن يحيد عن القيم الوطنية، كما أن مقرر اللجنة وليد العقون ابن شهيد ووالده من أعضاء جمعية العلماء المسلمين، وبالتالي لا تمكن المزايدة عليهم".

وفي الأيام الأخيرة تعرضت اللجنة الدستورية لانتقادات حادة من قبل الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، خاصة على خلفية تصريحات لرئيس اللجنة أحمد لعرابة بشأن استبعاد عناصر الهوية الوطنية (الإسلام والعربية والأمازيغية) من الدستور، والتي وصفت بأنها "تصريحات استفزازية".

 ويصطدم تمسك الرئيس تبون باللجنة وتجديده الثقة بها، بمطالبات مجموعة من الأحزاب السياسية الفاعلة، كانت أعلنت رفضها لمسودة التعديلات الدستورية، ودعت إلى مراجعة مسار تعديل الدستور وتشكيل لجنة توافقية جديدة تتولى صياغة الدستور، على غرار "جبهة العدالة والتنمية"، وحزب "طلائع الحريات" وحركات فتية انبثقت من الحراك الشعبي كحركة "عزم" و"السيادة الشعبية" و"بداية".

يضاف إلى ذلك اتهامات وجهتها حركة "مجتمع السلم"، وحركة "البناء الوطني" للجنة الدستورية بالولاء للتيار العلماني، فيما طالبت قوى "البديل الديمقراطي"، كـ"جبهة القوى الاشتراكية"، و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، وحزب "العمال" بإنشاء هيئة تأسيسية عبر انتخابات نيابية مسبقة.

ولمح الرئيس تبون إلى التوجه نحو خيار النظام شبه الرئاسي الذي تتوزع فيه الصلاحيات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.

وقال في هذا الصدد إنه "يجب أن نخرج من النظام الرئاسي الصلب، الذي يتحكم فيه شخص واحد وينفرد فيه بالسلطة، هناك أغلبية تتوجه إلى نظام شبه رئاسي، وقد يكون الأنسب مع مراعاة خصوصيتنا، يكون فيه رئيس الجمهورية ورئيس حكومة، لكن يجب التوضيح بشكل دقيق البنود المتعلقة بالصلاحيات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة "، مضيفا أنه بادر "حتى قبل الدستور بتسليم الكثير من الصلاحيات لرئيس الحكومة". 

وأبدى الرئيس الجزائري تحفظه على مقترح النظام البرلماني، ولفت إلى أن "بعض تجارب هذا النظام في دول الجوار (يقصد تونس) أعطى فكرة أن النظام هذا يجب أن يتم بناؤه على أسس صحيحة، ويحتاج إلى ثقافة سياسية تكون وليدة المجتمع".

وأضاف أن "المواد المتعلقة بالهوية والإسلام ليست مطروحة للنقاش"، مشيرا إلى أنه اختار أن "يسلم الدستور للنقاش المجتمعي ليشارك كل في التعبير عن رأيه، برغم أنني كنت أتوقع أن يكون هناك بعض الانحراف في النقاش".

وأعلن الرئيس تبون أن اللجنة تلقت 1500 تقرير ومقترح من قبل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، تتضمن مقترحات لتعديل الدستور، مشيرا إلى أن الرئاسة تسعى إلى أفضل صياغة لدستور توافقي، على أن يتم الفصل في المواد الخلافية وسيتم الفصل فيها في المسودة النهائية.

وبشأن الأجندة الزمنية لطرح الدستور الجديد، قال الرئيس الجزائري "لم نحدد وقتا للتعديل، كنا قد قررنا أن يكون الدستور في شهر يونيو لكن الأزمة الوبائية دفعتنا إلى تأخير ذلك، لكن أعتقد أنه مع أواخر يونيو ننهي جمع المقترحات".

تحذير من مخطط احتجاجات

إلى ذلك، حذر الرئيس الجزائري أطرافاً قال إنها تقوم بالتحضير لإطلاق موجة جديدة من الاحتجاجات، في تلميح إلى بعض مكونات الحراك الشعبي الداعية للعودة إلى التظاهر في الشارع في 19 يونيو الجاري.

وقال تبون "كل التقارير التي تأتي من جهات متعددة تقول إن هناك موجة كبيرة من الاحتجاجات يتم تحضيرها، هناك منهم مجندون ضد البلاد ولديهم مخطط (أ) وفشل والمخطط (ب) هم يسيرون فيه وسيفشل وحتى "المخطط (ج) سيفشل أيضا ونحن لهم بالمرصاد، لذلك بجب الحذر وأتمنى ألا يدخل المواطنون في هذا اللعبة".

وأضاف أن "هناك من هو منسجم تماما مع الفوضى الخلاقة، فحذار من الانسياق، وعندما أقول حذار من الانسياق، فهذا لا يعني القمع بل القضية قضية حماية وطن. واعتبر أن الجزائري أصبح واعيا رغم التحريض المتواصل منذ مدة".

واتهم الرئيس تبون صفحات على موقع "فيسبوك" ووسائل إعلام بالتهويل والانخراط في هذا المسعى.

وقال "شاهدت أمس تقريرا لمراسل قناة تلفزيونية أجنبية يقوم بتصوير تقرير في محطة بنزين حول زيادات في الوقود، وبطريقة توحي بكثير من التهويل، هذا أمر غير مسموح به ويجب أن يعرف أنه يعمل لقناة أجنبية"، في إشارة إلى تقرير أنجزه مراسل قناة "العربية"، في مقابل ما اعتبره تجاهلا لكثير من الإيجابيات كتحقيق الإنتاج الفلاحي ما قيمته 25 مليار دولار هذه السنة.

ولفت الرئيس الجزائري إلى أن بعض المطالب الاجتماعية للشباب العاطل عن العمل مشروعة، لكنها تصبح غير عقلانية عندما يطلب أصحابها استجابة فورية تعجيزية من قبل الحكومة.

لهذا السبب سيذهب الجيش خارج الحدود

من جانب آخر، أكّد الرئيس الجزائري أن الجيش لن يكون صانعاً للحروب والعدوان في دول الجوار، لكنه سيخرج خارج الحدود في مهام للدفاع عن الجزائر وأمنها ومصالحها، وأنه في حال التدخل في دول الجوار، فسيكون بالاتفاق مع حكومات هذه الدول.

وقال الرئيس الجزائري في مقابلة تلفزيونية مع مجموعة من الصحافيين بثها التلفزيون الرسمي الليلة الماضية "جيشنا لم يشارك ولن يشارك في أي عدوان، لأن شعبنا مسالم وجيشنا مسالم يدافع عن السلم، والجزائر يجب أن التخرج من القوقعة، تساند الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في المجهود السلمي".

وأضاف أن "الجيش سيخرج في مهام للدفاع عن الجزائر، وعندما ندخل إلى دول الجوار فيكون بالاتفاق مع دول الجوار وبرلماناتها".

المساهمون