الرئاسة تخطف الأنظار بتونس.. والعين على مرشحي بن علي

24 سبتمبر 2014
اهتمام كبير بالانتخابات الرئاسية (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

اختفت الانتخابات التشريعية في تونس من مجال الاهتمام في الأيام الثلاثة الأخيرة، أو كادت، عدا مداخلات المرشحين في بعض وسائل الإعلام.

وسيطر الاهتمام بالانتخابات الرئاسية بشكل يكاد يكون كاملاً على أحاديث التونسيين في المقاهي والبيوت ووسائل الإعلام، وكان عدد المرشحين الذي قارب الـ70، الموضوع الأبرز الذي شغل اهتمام المواطنين والسياسيين في نفس الوقت.

وأُقفل باب الترشيحات للرئاسة، يوم الاثنين، على ترشّح عدد من الشخصيات من مختلف المجالات الاجتماعية والمهن المختلفة، من أطباء وممرضين ورجال أعمال وصحافيين ومحامين وقضاة وأصحاب المهن الحرّة، مما خلّف بعض الامتعاض لدى شريحة من المواطنين، عبّرت عن عدم رضاها من هذا "التهافت الرئاسي"، واستسهال بعض المرشحين للانتخابات الرئاسية من دون توفّر الشروط الدنيا لدى الكثير منهم، بالإضافة إلى عدم توفر الشروط القانونية أصلاً في ملفات بعض المرشحين.

وأعلنت "الهيئة العليا للانتخابات" من جهتها أنها باشرت، أمس الثلاثاء، دراسة ملفات المتقدمين للانتخابات الرئاسية، خصوصاً ما يتعلق بالتزكيات ومدى استجابتها للشروط. لكن بعض المرشحين عبّروا في مقرّ الهيئة عن معارضتهم للشروط القانونية المفروضة، خصوصاً الضمان المالي المقدّر بحوالى 5700 دولار، واعتبروه متعارضاً مع الحق الذي يكفله الدستور في الترشح للانتخابات، فيما عبّر آخرون عن عدم اطّلاعهم على هذه الشروط القانونية.

وفيما أعرب مواطنون عن عدم رضاهم عن هذه "الترشيحات الغريبة"، قال آخرون إنها مسألة طبيعية وحق ديمقراطي كفله الدستور. أما الهيئة فرأت أن هذا العدد يُعتبَر تضخماً وسيُضاعف من الجهد المطلوب من أعضائها، خصوصاً في التأكد من مطابقة الملفات للشروط القانونية.

واحتج زعيم "الجبهة الشعبية" حمة الهمامي، على "الهيئة" بعد أن رفضت تسلّم التزكيات الشعبية منه البالغ عددها أكثر من 20 ألفاً، مع الإشارة إلى أن الهمامي سبق له أن قدّم ملف ترشّحه منذ أيام بتزكيات نواب التأسيسي (وهو شرط قانوني كافٍ)، ولكنه أراد أن يضيف إلى ملف ترشّحه للرئاسة التزكيات الشعبية، غير أن الهيئة رفضت تسلّمها، مما دعاه إلى إثبات ذلك عبر خبير قانوني لمقاضاتها.

وسيطر موضوع ترشح "وزراء (الرئيس السابق زين العابدين) بن علي"، على اهتمام التونسيين ورجال السياسة، خصوصاً بعد ترشح منذر الزنايدي وهو كان وزير الصحة في النظام السابق.

واعتبر القيادي في "الجبهة الشعبية" عبد الناصر العويني أن "التجمعيين (من حزب التجمع) وقحون، وقياداتهم متعجرفة ومغرورة". كما قالت النائب سامية عبو إن "عدداً من الوجوه التجمّعية عادت إلى الساحة السياسية بكل وقاحة، وإن المجلس الوطني التأسيسي لعب دوراً في عودتهم"، في إشارة إلى عدم المصادقة على قانون تحصين الثورة. فيما رأى آخرون أنهم ضد الإقصاء ويعوّلون على قرار التونسيين في منع رموز النظام السابق ديمقراطياً من العودة إلى الحكم.

من جهة أخرى، جاء ترشّح رجل الأعمال محمد الفريخة للانتخابات الرئاسية في اليوم الأخير، مفاجئاً ومسبّباً لنوع من الحرج لحركة "النهضة"، التي أعلنت صراحة أنها ضد ترشحه للرئاسة باعتباره مرشحاً للانتخابات التشريعية على قائمتها في دائرة محافظة صفاقس (في إطار انفتاحها على المستقلين)، غير أن الفريخة لم يستمع فيما يبدو لهذا القرار؛ مما سبب حرجاً حقيقياً لمسؤولي "النهضة" الذين لا يستطيعون إجباره على التراجع بصفته مستقلاً غير منتمٍ للحركة، وهي غير قادرة على سحبه من قائمتها بعد فوات الأوان؛ لأن هذا قد يتسبب في إسقاطها وإرباكها على الأقل.

وأوضح المتحدث باسم الحركة زياد العذاري، أن هذا الترشح لا يلزم الحركة ولا يعني مطلقاً أن الفريخة هو مرشح "النهضة" للرئاسة، وهي لم تقرر إلى حد الآن الشخصية التي ستدعمها في الانتخابات الرئاسية، وأن هذا الموضوع مؤجل إلى ما بعد الانتخابات التشريعية ووضوح المشهد تماماً.

ولكن بعض المتابعين "المترصّدين" قالوا إن "ترشح الفريخة لم يكن اعتباطياً ولا تلقائياً، ولكن الهدف منه هو قطع الطريق أمام مصطفى كمال النابلي في دائرة انتخابية هامة، هي محافظة صفاقس حيث يحظى الفريخة بحظوظ كبيرة، والتقليص من تجمع رجال الأعمال حول هذا المرشح وتشتيتهم".

وفي مجال آخر، قال زعيم "الحزب الجمهوري"، أحمد نجيب الشابي إن "أكبر أخطائه السياسية في الفترة الأخيرة تتمثل في اقترابه من حركة نداء تونس (أيام جبهة الإنقاذ والاتحاد من أجل تونس بعد اغتيال النائب محمد البراهمي)". واعتبر أنه "انسحب في الوقت المناسب، وأن الأحداث اليوم تثبت صحة قراره".

حركة "نداء تونس"، التي تُصوَب نحوها النيران الصديقة وغير الصديقة، اضطرت إلى نفي ما ذكره مرشح آخر من أن زعيمها الباجي قايد السبسي لم يقبل الاجتماع بزعيم "النهضة" راشد الغنوشي، في لقاء باريس الشهير، إلا بعد أن وعده بمنصب رئيس الجمهورية مكان الرئيس الحالي منصف المرزوقي بعد اغتيال النائب محمد البراهمي.

هذا الخبر أورده المرشح سليم الرياحي، في حوار على قناة يملكها، بوصفه أحد وسطاء ذلك اللقاء الشهير. حوار لقي تعليقات مختلفة للمتابعين، إذ أعرب بعضهم عن استغرابه من استغلال الرياحي قناته التلفزيونية الخاصة للإعلان عن برنامجه الانتخابي، فيما رأى آخرون أنها مسألة طبيعية وحق يملكه مثل بقية المرشحين.

المهم في كل هذا أن التنافس والتصارع يتم بشكل سلمي ومدني، لم يَشُبه أي خروج عن هذا الإطار حتى الآن، ويُظهر أن الحملة الانتخابية يمكن أن تكون كما ينتظرها التونسيون، ساخنة ولكن سلمية.