الذهب مقابل صحتهم...السودانيون يضحون بأنفسهم

30 مارس 2015
سودانيون يعملون على فصل الزئبق بعد استخراج الذهب(فرانس برس)
+ الخط -
في ظل الطلب المرتفع على الذهب، يتناسى أكثر من مليون عامل تنقيب سوداني شقاء العمل في مناجم الذهب المنتشرة في السودان، أملا في تحقيق حلم الثراء السريع. تشير معلومات غير رسمية إلى أن عدد العاملين في القطاع تخطى المليون، في بلد يعتبر من البلدان الأغنى بأنواع متعددة من المعادن، منها الحديد واليورانيوم والكروم، والذهب.


وقد استوعبت مناطق التعدين فئات كبيرة من الشباب العاطلين من العمل، حتى إن البعض هجر الوظيفة نحو الذهب. ويتم التعامل في هذه الأعمال وفق معايير يتم الاتفاق عليها بين عامل التعدين، ورب العمل، مقابل نسبة معينة من الذهب المستخرج قد تصل إلى النصف.

تشوب هذه الأنواع من الأعمال مخاطر جمة. فالعاملون في التعدين التقليدي يستخدمون آليات بدائية لا تتضمن وسائل السلامة، غالباً ما تنهار أنفاق الذهب على رؤوسهم، بالإضافة الى إصابتهم بالعديد من الحوادث الجماعية، والوفاة بسبب نقص الأوكسيجين، ولاسيما عند وصول عمق الحفرة إلى بضعة أمتار. في العام الماضي أعلنت السلطات انهيار نفق، أدى الى فقدان أكثر من 60 عاملاً. كما ينجم عن استخدام الزئبق في استخلاص الذهب بطريقة بدائية مخاطر عديدة. يرجح البعض أن هذه المادة السبب الرئيسي لانتشار مرض السرطان وسط المعدنين.

وزارة المعادن دقت ناقوس الخطر في ما يتصل بقضايا التعدين الخاص، وشرعت في تنفيذ مشروع متكامل لتقنين القطاع، حيث أصدرت لائحة تلزم العاملين في القطاع بالتقيد بإجراءات السلامة، فضلاً عن إجراء التأمين كشرط أساسي لمنحهم التراخيص. وقد حددت اللائحة عمق الحفر بعشرة أمتار، كما رصدت نسبة 5 % من الذهب المستخرج لصالح الوزارة والولاية التي يقع فيها الحفر، وبالرغم من ذلك، فإن حال العمال لم يتبدل. يقول المعدن محمد إبراهيم: "نعمل في بيئة سيئة جداً، ونحن نتعرض للموت في أي لحظة، ولكن ما يدفعنا لهذا العمل هو غياب الفرص من جهة، والعائد المرتفع عند حصولنا على الذهب. يضيف "بدأت العمل منذ سنتين، وأنا أحقق نجاحات فيما يتصل باستخراج الذهب. ولم ألمس إطلاقا الآثار السلبية للزئبق حتى الآن، لكن الجميع يؤكد لي أن النتائج السلبية جراء مادة الزئبق ستظهر بعد فترة".

من جهته، يقول الخبير في مجال المعادن أحمد محمد أحمد لـ "العربي الجديد": "إن مغريات الذهب تجعل العاملين في قطاع التعدين يخاطرون بكل شيء"، مشيراً إلى "جملة من المخاطر تواجههم تتصل بالغبار والبيئة غير الصحية، فضلاً عن عدم تقيدهم بإجراءات السلامة لممارسة هذه الانشطة، وهو ما ينعكس سلباً على حياة العمال. ويضيف: "يتوجب وضع إجراءات رادعة لجميع العمال، بخاصة أن العامل لا يتقيد بالإجراءات المنصوص عليها"، موضحاً ان إهمال الدولة لسنوات في تنظيم هذا القطاع، جعل العامل غير مكترث بصحته أو بتأمين ضمانات اجتماعية، حيث تعمل شركات التعدين على إغراء العمال عبر إعطائهم نسباً من الذهب المكتشف، لكن في المقابل، يدفع العامل حياته ثمناً لهذا المعدن. مطالباً بضرورة تنظيم القطاع أكثر لجهة تأمين العمال من ناحية، واستفادة الدولة من الثروات الموجودة في باطن الأرض من ناحية أخرى."

إلى ذلك، يؤكد مصدر في وزارة المعادن، أن مخاطر التعدين كبيرة جداً، باعتبار أن المعدنين التقليديين يقدمون على حفر الآبار بطرق غير علمية، الأمر الذي يقود لانهيار الآبار على رؤوسهم، فضلاً عن الخطر الأساسي المتمثل بمادة الزئبق". ويؤكد أن الوزارة سعت إلى توفير بعض إجراءات السلامة. لكن المعدنين لا يلتزمون بها، بسبب انعدام تلك الثقافة لديهم.

إقرأ أيضا: ما الذي فعله "لي كوان"؟!
المساهمون