مرّت الذكرى التاسعة للثورة الشبابية اليمنية بشكل خجول هذا العام، أكثر من أي وقت مضى؛ فالانتفاضة السلمية التي كانت تعمل على توحيد اليمنيين وتشهد ذكراها زخماً شعبياً ورسمياً منقطع النظير، بدت يتيمة، مع اتساع رقعة ما تعرف بالثورة المضادة.
وغاب وهج الثورة، التي صادفت الثلاثاء الماضي، عن شاشات التلفزيون الحكومي والوسائل الإعلامية الرسمية، كما عزف الرئيس عبد ربه منصور هادي عن إلقاء كلمة رسمية، اعتاد أن يوجهها للشعب اليمني عشية الذكرى في كل عام، ويدافع فيها عن أهداف الثورة السلمية.
وفي آخر كلماته، العام الماضي، عن ثورة 11 فبراير/شباط، اعتبر هادي، المقيم في الرياض منذ خمسة أعوام، أن من يحاول، بطريقة أو بأخرى، تحميلها وزر ما آلت إليه الأوضاع في البلاد، فهو يتجاهل معطيات ووقائع كثيرة؛ لكن يبدو أن الرئيس ذاته قد بدأ بتحميلها وزر الحرب المتصاعدة منذ مارس/آذار 2015.
وحدها مدينة تعز، التي تُعرف بمهد الثورة بتصدرها للاحتجاجات ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح في عام 2011، شكلت الاستثناء عن باقي المحافظات اليمنية، حيث أوقدت شعلة الذكرى التاسعة للثورة، وأطلقت الألعاب النارية ليل العاشر من فبراير.
ولم تكتفِ تعز بذلك، بل احتشد الآلاف من سكان المدينة التي لا تزال ترزح تحت حصار من جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، في كرنفال جماهيري احتفالاً بالثورة الشبابية، انطلق من شارع جمال عبدالناصر وسط المدينة، وصولاً إلى ساحة الحرية التي كانت قبل تسعة أعوام مسرحاً لهتافات الثوار المنددة بنظام صالح، والمنادية بالدولة المدنية.
وأقرّت الدوائر الحكومية والمدارس إجازة رسمية في تعز بشكل مستقل، من دون إعلان من وزارة الخدمة المدنية ذلك، وهو ما أثار سخط الحكومة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن.
وقال أحمد سعيد، وهو موظف حكومي في تعز لـ"العربي الجديد"، إن وزارة الخدمة المدنية وجهت بخصم يوم من راتب الموظفين الذين غابوا عن الدوام في يوم ذكرى الثورة، من تلقاء أنفسهم. ولفت إلى أن بعض الجهات الحكومية، أوهمت قيادات مكاتبها الرئيسة في عدن، بأنها نزلت للدوام يوم 11 فبراير تحاشياً للخصم الذي كان سيقرّ من مكاتب الوزارات.
ولا تُعرف ما هي أسباب التوجه الحكومي الجديد لمحاربة المحتفين بثورة فبراير. ويذهب بعض المراقبين إلى حدّ القول إن هادي كان يستغل المناسبة نكاية بصالح وأركان نظامه فقط، من دون الإيمان الحقيقي بأهداف الثورة.
وينظر أنصار حزب المؤتمر لثورة 11 فبراير، التي أنهت نظامهم الممتد منذ 33 عاماً وأطاحت بأحلام توريث الحكم لأحمد علي عبدالله صالح، على أنها كانت السبب الرئيس لبزوغ نجم الحوثي، واندلاع الحرب الدائرة منذ 5 سنوات.
واعتبر الناشط الشبابي بساحات الثورة، عبد الصمد الشرعبي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تنكر السلطة والأحزاب لثورة 11 فبراير، وتحميلها كل ما آلت إليه الأوضاع بالبلاد بشكل رسمي أو ضمني، يكشفان هشاشة هذه المكونات تجاه أحد أهم التحولات على الساحة اليمنية بالعصر الحديث. وأضاف: "إذا كانت الثورة قد فشلت في ترجمة أهدافها ببناء الدولة المدنية الحديثة التي يتطلع لها اليمنيون، فالسبب في ذلك هو الأحزاب والمكونات السياسية التي اغتالت حلم فبراير، ودخلت في محاصصات مع النظام السابق، وتقاسمت معه الحقائب والمناصب".
وأكد ناشطون يمنيون، أن ثورة 11 فبراير ستظل عيداً وطنياً لجميع اليمنيين، حتى لو لم تعلن السلطات ذلك، وستنجح يوماً ما في إفشال مؤامرات الطبقة الحاكمة، وضرب مصالحها التي تريد تقديمها على الأهداف النبيلة للثورة.