31 أكتوبر 2016
الديموقراطية... سوق للترويج
منصف بندحمان (المغرب)
يرتكز جوهر حقوق الإنسان على مفاهيم الحرية، المساواة، الكرامة، لكن هذا السجل نظري، في حين أنّ العملي بخلاف النظري الذي ينتمي إلى عالم الأخلاق والمثل، فباسم هذه الحقوق، ترتكب أكبر الجرائم والخروق.
لا تحتاج السياسة للأخلاق إلا في الإخراج والتقديم، فهي هنا وسيلة لتمرير وتبرير وتجميل القرار أو الفعل السياسي. فقد اعتبر ميكافيلي السياسة فن إدارة المصالح الذاتية والجماعية خارج الاعتبارات الأخلاقية والقيمية. ويلاحظ أنّ خطاب حقوق الإنسان والديموقراطية احتل حيّزاً كبيراً من الخطاب السياسي المعاصر، فقد استخدمت هاتان المقولتان كإيديولوجيا ضد المعسكر الاشتراكي، وذريعة للتدخل ضد الدول المتمرّدة لترويضها وتركيعها.
هناك مفارقة غريبة بين الوعي واللاوّعي، فالأوّل يستسيغ الإبادات والحروب والتخريب، واللاوعي يلجأ إلى إضفاء طابع أخلاقي مثالي مهدوي خلاصي على الاستثمار الواعي. هكذا تصبح مقولة حقوق الإنسان والديموقراطية مطاطيتين مرنتين تستعملان حسب الأحوال والمصالح والتبريرات.
أضحى شعار الديمقراطية مجرّد كليشيهات وشكليات تتبناه النخب والدول. ويؤذي هذا الموقف الاختزالي التحريفي الديموقراطية في جوهرها، لأنّ الأخيرة هي التطبيق الفعلي لمفاهيم الحقوق والحريات، التمثيلية، سيادة القانون، الديموقراطية، المشروعية، العقلانية في ترابطها معا، وإذ بطل عنصر منها بطلت الديموقراطية، وهي لا تتحقق فعلياً باعتبارها طوبى أكثر منها ممارسة فعلية.
المطلب الديموقراطي هو مطلب النخبة السياسية أكثر مما هو مطلب جماهيري، وأغلبية الرأي العام العربي لا تشاطر النخبة هذا الهم، فالأغلبية لا تطرح المسألة السياسية في صيغتها المجرّدة (مؤسسات وتنظيمات)، بل في صيغتها الملموسة، فالتفكير في الديموقراطية يتطلّب قدراً من الثقافة، ومن القدرة على التجريد، لا يوفرها المستوى الثقافي الحالي للمواطن العربي، وعدم تمثّل الجماهير للمطلب الديموقراطي نعزوه لسببين، هما انحدار المستوى الثقافي والانحدار الاجتماعي المعيشي.
الديموقراطية لعبة ذات حدين، فهي، من جهة، مطية للمجتمع إلى تحقيق التقدم، إذا تحقّقت ضمن توازنات معينة، يصعب تحقيقها لطبيعة الحياة السياسية وصراع المصالح الذي يعيق إنجازها فعلياً، لتبقى مفهوماً هلامياً لا يمكن تثبيته على أرض الواقع، فأكبر الديموقراطيات في العالم هي أشكال برّاقة تخدع المتفرّج، وتدمر باسمها كل الحقوق الإنسانية. وهي، من جهة ثانية، مزلقاً يقود إلى هاوية التفكك والحرب الأهلية، خصوصاً في واقع مفعم بالجهل والتخلّف واللاتوازن.
لا تحتاج السياسة للأخلاق إلا في الإخراج والتقديم، فهي هنا وسيلة لتمرير وتبرير وتجميل القرار أو الفعل السياسي. فقد اعتبر ميكافيلي السياسة فن إدارة المصالح الذاتية والجماعية خارج الاعتبارات الأخلاقية والقيمية. ويلاحظ أنّ خطاب حقوق الإنسان والديموقراطية احتل حيّزاً كبيراً من الخطاب السياسي المعاصر، فقد استخدمت هاتان المقولتان كإيديولوجيا ضد المعسكر الاشتراكي، وذريعة للتدخل ضد الدول المتمرّدة لترويضها وتركيعها.
هناك مفارقة غريبة بين الوعي واللاوّعي، فالأوّل يستسيغ الإبادات والحروب والتخريب، واللاوعي يلجأ إلى إضفاء طابع أخلاقي مثالي مهدوي خلاصي على الاستثمار الواعي. هكذا تصبح مقولة حقوق الإنسان والديموقراطية مطاطيتين مرنتين تستعملان حسب الأحوال والمصالح والتبريرات.
أضحى شعار الديمقراطية مجرّد كليشيهات وشكليات تتبناه النخب والدول. ويؤذي هذا الموقف الاختزالي التحريفي الديموقراطية في جوهرها، لأنّ الأخيرة هي التطبيق الفعلي لمفاهيم الحقوق والحريات، التمثيلية، سيادة القانون، الديموقراطية، المشروعية، العقلانية في ترابطها معا، وإذ بطل عنصر منها بطلت الديموقراطية، وهي لا تتحقق فعلياً باعتبارها طوبى أكثر منها ممارسة فعلية.
المطلب الديموقراطي هو مطلب النخبة السياسية أكثر مما هو مطلب جماهيري، وأغلبية الرأي العام العربي لا تشاطر النخبة هذا الهم، فالأغلبية لا تطرح المسألة السياسية في صيغتها المجرّدة (مؤسسات وتنظيمات)، بل في صيغتها الملموسة، فالتفكير في الديموقراطية يتطلّب قدراً من الثقافة، ومن القدرة على التجريد، لا يوفرها المستوى الثقافي الحالي للمواطن العربي، وعدم تمثّل الجماهير للمطلب الديموقراطي نعزوه لسببين، هما انحدار المستوى الثقافي والانحدار الاجتماعي المعيشي.
الديموقراطية لعبة ذات حدين، فهي، من جهة، مطية للمجتمع إلى تحقيق التقدم، إذا تحقّقت ضمن توازنات معينة، يصعب تحقيقها لطبيعة الحياة السياسية وصراع المصالح الذي يعيق إنجازها فعلياً، لتبقى مفهوماً هلامياً لا يمكن تثبيته على أرض الواقع، فأكبر الديموقراطيات في العالم هي أشكال برّاقة تخدع المتفرّج، وتدمر باسمها كل الحقوق الإنسانية. وهي، من جهة ثانية، مزلقاً يقود إلى هاوية التفكك والحرب الأهلية، خصوصاً في واقع مفعم بالجهل والتخلّف واللاتوازن.