الدولة والوطن

04 مارس 2016
الشعب الفلسطيني يناضل ويُضحي من أجل "وطن" (عصام الريماوي/الأناضول)
+ الخط -


لم يُكشف الكثير عن فحوى الاجتماع، الذي عقده الوفد الأمني الفلسطيني، خلال الأسبوع الماضي، مع قيادات من الجيش والمخابرات الإسرائيلية، غير أن الأوساط الفلسطينية "تُخمّن" أن ما تقدم به ممثلو الأجهزة الأمنية الفلسطينية وإدارة الشؤون المدنية، يتعلق بالطلب من إسرائيل السماح للسلطة بإصدار جواز سفر جديد يحمل اسم "فلسطين" فقط، مع التعهد بالتزام الجانب الفلسطيني بعدم استخدام كلمة "دولة" على غلاف جواز السفر. وتنقل مصادر فلسطينية عن الوفد الفلسطيني "اعترافه بكل شفافية" برفض الجانب الإسرائيلي أي تغيير على الطبعة الحالية لجواز السفر الفلسطيني، مع "التهديد" بأن إسرائيل لن تعترف بأية طبعة جديدة لجواز السفر، سواء كتب عليها "فلسطين" أو "دولة فلسطين".

وما بين توسّل الوفد الفلسطيني لـ"دولة" من إسرائيل ومن غيرها، وما بين رفض إسرائيل وغيرها للاعتراف بـ"الدولة" الفلسطينية "الافتراضية"، يتجدد السؤال بين أوساط الفلسطينيين، حول ماهية الدولة التي يستجديها قادة السلطة الفلسطينية سواء على غلاف جواز سفر، أو على مقعد في هذه المنظمة الدولية أو تلك، أو حتى على يافطة على باب سفارة في هذا البلد أو ذاك؟

الواقع، أن المسؤولين عن السلطة الفلسطينية أغفلوا في حمى البحث عن "الدولة" أن الشعب الفلسطيني يناضل ويُضحي من أجل "وطن" أولاً. فما قيمة "الدولة" لو اعترف بها العالم أجمع، وحصلت على عضوية الأمم المتحدة وحتى حلف شمال الأطلسي، وحمل جواز سفرها اسم "دولة فلسطين العظمى"، دون أن تُحقق للمواطن، حلم "الوطن". لقد نسي أو تناسى، الباحثون عن "الدولة" الفلسطينية، أن الحقوق والأوطان تُنتزع، ولا تُستجدى في اجتماع أمني مع قادة الاحتلال الذين استباحوا "الوطن"، وأقاموا على أرضه "دولة" غاصبة صار لها بـ"القوة" علم وجواز سفر وسفارات، واعترف العالم بها عضواً كاملاً في المنظمات والمحافل الدولية.

وشتان بين "الدولة" و"الوطن"، فالأولى كيان يتسوّله أصحاب الفخامة والسعادة والمعالي والعطوفة، الساعون وراء الامتيازات الوظيفية، والمكتسبات المالية. أما "الوطن" فهو استحقاق الشهداء والأسرى والصامدين من أهل الأرض المُتمسكين بحلم الحرية والكرامة والعدالة والمساواة. وكم هي المسافة شاسعة بين "دولة" تُستجدى من المُحتل، و"وطن" يُنتزع منه.

المساهمون