واصل سعر صرف الدولار ارتفاعه في السوق المصري ليزيد من 7.60 جنيهات الأسبوع الماضي إلى 7.75 جنيهات أمس الأربعاء، وحسب متعاملين بالسوق "سيدفع المواطن فاتورة الإخفاق الحكومي في كبح جماح العملة الأميركية، حيث سيؤدي ذلك إلى ارتفاع فاتورة الاستيراد، وبالتالي زيادة أسعار السلع الغذائية".
وتعتمد مصر على توفير نسبة كبيرة من احتياجاتها من السلع عبر الاستيراد البالغة فاتورته أكثر من 60 مليار دولار سنوياً، حيث تستورد مصر نحو 80% من السلع الرئيسية والمواد الخام والمنتجات الوسيطة، حسب بيانات حكومية.
وقال تجار ومتعاملون بالسوق إن ارتفاع الدولار أمام الجنيه المصري سينعكس على أسعار السلع بنسبة كبيرة، موضحين أن أثر الارتفاع سيظهر خلال الفترة المقبلة مع دخول البضائع المستوردة البلاد بالأسعار الجديدة، لافتين إلى تزامن أزمة الدولار مع قرار منع سير سيارة النقل الثقيل (الشاحنات) نهاراً، وهو ما سيزيد من ارتفاع الأسعار.
وقال رئيس شعبة المستوردين بالغرف التجارية أحمد شيحة، لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع الدولار له تأثير مباشر وقوي على الواردات المصرية، وسينعكس بالطبع على أسعار معظم السلع الغذائية، موضحاً أن مصر تستورد نحو 80% من السلع الرئيسية والمواد الخام والبترول والغاز والمنتجات الوسيطة.
وأوضح أن سعر الدولار ارتفع بنسبة 5.4%، خلال الشهرين الماضيين من 7.35 جنيهات إلى 7.75 جنيهات، كما يضع التاجر نسبة زيادة لا تقل عن 10% على سعر السلعة المستوردة تحسباً لارتفاعات جديدة قد تطول العملة الأميركية، لافتاً إلى أن المستورد يضيف أي زيادة في التكلفة على المستهلك المصري في النهاية.
وتوقع أحمد شيحة " تكبد معظم المستوردين خسائر فادحة خلال الفترة المقبلة بسبب ارتفاع العملة الأميركية، لأن هناك سلعاً تستغرق في دورة استيرادها أكثر من شهرين وتم الاتفاق على أسعارها بسعر الدولار القديم، ولكن يتم محاسبتها ضريبياً بالسعر الجديد، ولذا يتحمل المستورد الفارق بين سعري الدولار.
وحسب شيحة، فإن الوضع الاقتصادي المتردي منذ ثورة 25 يناير، دفع الموردين الأجانب الى تمسكهم بالحصول على مبالغ السلع المستوردة مسبقاً، قائلاً "نسبة ضئيلة فقط من الشركات بالخارج هي التي تقوم بمنح تسهيلات وفقاً لعلاقات سابقة بين المستورد والتاجر بالخارج، إضافة إلى أن المستوردين يواجهون صعوبة بالغة الآن في الحصول على اعتمادات مستندية من المصارف بسبب عدم وجود سيوله كافية بالنقد الأجنبي، كما أن المستورد يحمل فروق أسعار الصرف على سعر بيع السلعة للجمهور، وبالتالي يتحمل المواطن البسيط أي زيادة في سعر الدولار".
وأوضح أن كبار المستوردين يعتمدون على السوق السوداء للعملة في توفير الكميات المطلوبة من الدولار بأسعار أعلى من الأسعار الرسمية المعلنة بنحو 8 -10% علي أقل تقدير.
وتوفر المصارف المصرية الدولار للمستوردين بالسعر الرسمي وهو 7.15 جنيها، وذلك لبعض السلع الاستراتيجية ومنها السكر والزيت والدقيق، لكنها لا توفره لباقي السلع، حيث يلجأ المستوردين للسوق السوداء للحصول على احتياجاتهم الدولارية.
ولفت شيحة النظر إلى أن تحديد سير سيارات النقل الثقيل زاد من معاناة المستوردين أيضاً، حيث تستغرق مدة نقل البضاعة ضعفي وقتها المحدد بعد تطبيق قرار حظر سير سيارات النقل الثقيل نهاراً.
وقال رئيس شعبة المواد الغذائية بالغرف التجارية أحمد يحيى، لـ" العربي الجديد" إن السلع الغذائية الأكثر تأثراً بارتفاع سعر الدولار الأخير، لأننا نستورد أغلبها، ومنها السلع الأساسية، بالعملة الصعبة.
وأشار إلى عدم ظهور تأثير ارتفاع الدولار الأخير على السلع بشكل عاجل وبصورة مباشرة حتى الآن نتيجة ركود الأسواق، لكنه توقع ارتفاع الأسعار في الفترة المقبلة.
وأضاف أن هناك بعض السلع الغذائية التي شهدت ارتفاعاً خلال الأيام الماضية ومنها المعكرونة الي زادت 12.5% ليرتفع سعرها من 2 جنيه الى 2.25 جنيه، كما ارتفعت أسعار الألبان بنسبة تراوحت بين 3 و5% بسبب ارتفاع الأعلاف، وكذا زيادة تكلفة الخامات المستخدمة في التعبئة والتغليف.
وقال رئيس غرفة الصناعات الغذائية في اتحاد الصناعات المصرية محمد شكري، لـ"العربي الجديد"، إن أسعار السلع الغذائية المصنعة مثل اللحوم والألبان والأسماك والدواجن سترتفع قريباً لأنها كلها مرتبطة بسعر
الدولار.
وأوضح شكري أن إنتاج اللحوم المصنّعة يعتمد بصورة أساسية على اللحوم البرازيلية أو الأسترالية وهو ما يجعل تكلفتها متحركة بحسب سعر الدولار في السوق.
وحسب شكري، فإن منظومة التجارة الداخلية مهلهلة، ولا توجد قواعد منظمة لها، وهناك بعض القطاعات في الصناعات الغذائية تشهد ممارسات احتكارية، مثل قطاعات الألبان، والسكر، والزيوت، والارز.
وبالنسبة لأسعار الدواجن، قال رئيس شعبة الدواجن بالغرف التجارية عبد العزيز السيد، إن ارتفاع أسعار الدواجن في مصر يرتبط بأسعار الأعلاف، التي يتم استيراد نحو 70% من مكوناتها من الخارج.
وفى سوق الملابس، قال نائب رئيس شعبة الملابس بالغرفة التجارية يحيي زنانيري، إن أسعار الملابس ارتفعت بنسب لا تقل عن 25%، وهناك ركود شديد في السوق بسبب الارتفاعات الأخيرة، لافتاً إلى أن معظم المنتجات المعروضة في السوق مستوردة، وبالتالي فإن أسعارها مرتبطة بمدى توافر الدولار في السوق.
وبالنسبة إلى تأثير ارتفاع الدولار على أسعار الأدوية، قال عضو غرفة الدواء باتحاد الصناعات محمد غنيم، إن ارتفاع الدولار سيطاول المنتجات الدوائية المستوردة بالكامل، موضحاً أن مصر تستورد نحو 40% من احتياجات سوق الدواء من الخارج، بالإضافة إلى استيراد المادة الخام بشكل تام، وبالتالي يدخل الدولار ضمن التكلفة الرئيسية في الصناعة وأي ارتفاع فيه يؤثر عليها.
وفي مقابل خسائر المستوردين والمستهلكين، قال عضو شعبة المصدرين بالغرف التجارية الباشا ادريس، إن ارتفاع الدولار سيحقق مكاسب للمصدّرين على المدى القصير، خصوصاً الذين قاموا بشحن بضائعهم قبل موجة الارتفاعات الأخيرة، لكن على المدى البعيد سيتأثر القطاع نتيجة ارتفاع السلع التي سيتم توريدها للخارج.
أما الخبير الاقتصادي مختار الشريف، فأكد أن مصر بحاجة ملحّة إلي زيادة موارد النقد الأجنبي للاستيراد، وإلا فستتعرض السوق المحلية إلى ارتفاع معدلات التضخم.
وسجل احتياطي مصر الأجنبي نحو 16.9 مليار دولار بنهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وهو ما يغطي 3.4 أشهر من واردات البلاد السلعية فقط، حسب بيانات البنك المركزي.
وأضاف الشريف، أن ميزانية الأسر المصرية لا تتحمل أي أعباء جديدة، وتعاني حالياً من ارتفاعات الاسعار، خاصة في ظل استغلال التجار.