الدنمارك تحاكم شاباً انضم إلى "داعش" لأول مرة منذ 70 عاماً

19 يوليو 2020
ترفض محكمة كوبنهاغن الإدلاء بأية تصريحات حول مجريات القضية (العربي الجديد)
+ الخط -

تتّجه محكمة كوبنهاغن إلى فتح ملف قانون "الخيانة العظمى" للمرة الأولى منذ عام 1945، لمحاكمة الشاب أحمد الحاج، الذي ولد وكبر في غرب وسط الدنمارك، من أصول عربية، وانضم إلى تنظيم "داعش" في سورية، وعاد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مُرحلاً من تركيا بناء على طلب تسليم دنماركي.
وعُرف الحاج في وسائل الإعلام الدنماركية بعدما ظهر في مشاهد مصورة، مع 3 آخرين من مسلمي الدنمارك قضوا في معارك الرقة في 2017، وهو يصوب سلاحه مطلقاً الرصاص مع زملائه على صور ساسة وكتاب دنماركيين، بينهم رئيس الوزراء الأسبق (وأمين عام حلف الناتو السابق) أندرس فوغ راسموسن والسياسي من أصل عربي، ناصر خضر ورئيس سابق لمؤسسة حرية المطبوعات لارس هيداغور، الذي عرف بانتقاده اللاذع للإسلام، كورت فيسترغارد، صاحب أزمة كاريكاتير النبي محمد في 2005، وإمام سابق، اللبناني الدنماركي أحمد عكاري، حيث نعت بصوته هؤلاء الشخصيات بـ"الكفار الذين يجب قتلهم".

الصورة
الحاج رقم اثنين من اليسار

ويواجه الشاب أحمد الحاج (29 عاماً)، الذي غادر إلى سورية في 2013، ملتحقاً بعد أشهر بتنظيم "داعش" في معقله بالرقة السورية؛ تُهمة "الخيانة الوطنية"، وهي تهمة دين بها دنماركيون تعاونوا مع النازية منذ 70 سنة، وحكم على بعضهم بالإعدام وآخرون لسنوات طويلة حينها، كما يتهم بـ"العمل الإرهابي".

الصورة
الحاج بحسب الإعلام (يوتيوب)

وكانت الدنمارك منعت مواطنيها من السفر إلى سورية والعراق بعد انضمامها في 2014 إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش"، وتبنى البرلمان في أواخر 2015 تعديلاً قانونياً يقضي بإعادة العمل بقانون العقوبات 101، البند الأول، المتعلق بـ"الخيانة الوطنية" بصيغة معدلة، إذ ألغي حكم الإعدام من القانون، وبما يسمح اليوم بملاحقة من تسميهم السلطات "الجهاديين مع الأجانب"، الذين اعتبرهم المشرعون يقاتلون ضد بلدهم الدنمارك. 
والتعديل الذي يمثل بناء عليه الحاج أمام المحاكم الدنماركية يتعلق بنص يعتبر الذين يقفون بصف الأعداء أو من تكون الدنمارك في حالة حرب معهم حتى لو كانوا "لاعبين من مستوى تنظيمات، وليس شرطاً بمستوى دول"، مدانين بتهمة "الخيانة العظمى"، ما يمكن الادعاء العام من ملاحقة منتسبي "داعش" من حاملي جنسية الدنمارك.

وكان الحاج وجّه نداء في 2017 للسلطات الدنماركية لإعادته إلى الدنمارك، مع زوجته السورية وطفليه المولودين في الرقة، مبدياً ندماً على تصرفاته. وقد أصيب الحاج بقصف جوي للنظام السوري بأحد البراميل المتفجرة ما جعله مصابا بإعاقة وغير قادر على المشي. 
وظلت الدنمارك ترفض طلبه إلى أن دخل إلى تركيا حيث اعتقل وحكم عليه سنة سجن بسبب انضمامه للتنظيم، حينها بدأت السلطات في كوبنهاغن الطلب من أنقرة تسليمها الحاج. وبما أن قانون العقوبات الدنماركي لا يسمح بملاحقة الشخص على تهمة حوكم وعوقب عليها في دولة أخرى فقد ارتأى الادعاء العام محاكمته وفقاً لقانون "الخيانة العظمى" وطلب سجنه مدى الحياة. 
وتثير قضية الحاج المستوى الإعلامي والقانوني في البلد، باعتبارها القضية الأولى منذ 70 سنة التي تحاكم بتهمة الخيانة. ويعتبر أستاذ قانون العقوبات بجامعة كوبنهاغن، يورن فيسترغورد، أن الحكم بهذا الشكل لا يمكن أن يؤدي إلى حكم مدى الحياة "بل ربما يحكم عليه بنحو 4 سنوات".

وبحسب تصريحات للتلفزيون الدنماركي، اليوم الأحد، ذهب بعض المختصين في قوانين العقوبات إلى مقارنة انضمام الدنماركيين فترة الاحتلال النازي لبلدهم إلى القوات المُحتلة لمحاربة الاتحاد السوفييتي، وهؤلاء أطلق سراحهم بعد سنوات من السجن، رغم محاكمتهم وفق قانون عقوبة "الخيانة العظمى". 
وبينما يشير آخرون إلى أن الأحكام القاسية، بالإعدام أو المؤبد، جرت بحق "أشخاص من عملاء النازية تسببوا بمقتل أو شاركوا بقتل دنماركيين". يعتقد خبراء أن الحاج، ورغم وضعه الصحي كمقعد على كرسي، ربما يُسجن لـ"10 سنوات". 
وترفض الشرطة الدنماركية ومحكمة كوبنهاغن الإدلاء بأية تصريحات لوسائل الإعلام حول مجريات القضية ومتى ستبدأ محاكمة الحاج الذي جرى توقيفه في 22 يونيو/حزيران الماضي على ذمة القضية. لكن محامي الحاج الذي اعتذر عن التصريح بقرار من المحكمة قال بشكل مقتضب "موكلي يعتبر نفسه غير مذنب في التهم الموجهة إليه".
وتذكر الاستخبارات الدنماركية في أحدث تقاريرها عن مستوى "خطر الإرهاب" أن حوالي 35 دنماركياً مستمرون في التواجد في سورية والعراق، وقد قتل العديد من الشبان، من بين حوالي 160، الذين غادروا الدنمارك أثناء القصف والمعارك التي شهدتها أكبر معاقل تنظيم "داعش" في الرقة، وترك بعضهم زوجات وأطفالا في معسكرات الاعتقال الكردية، وترفض الدنمارك السماح لهم بالعودة.

المساهمون