الدعاية الصهيونية.. إلى الأطفال أيضاً

01 اغسطس 2014
رسوم ألكساندرو بالامبو العنصرية
+ الخط -

مثلما أنّ الآلة العسكرية الإسرائيلية لا تقيم وزناً لإزهاق أرواح أطفال غزة، كذلك فإن الماكينة الدعائية المؤيدة لإسرائيل لا تغفل كسب ودّ أطفال العالم وضمان تعاطفهم مع "اليهود المساكين".

وفي هذا السياق، نشر فنان إيطالي يدعى ألكساندرو بالامبو رسومات استثمر فيها شخصيات كرتونية محببة لدى الأطفال لإدانة ما أسماه "إرهاب حماس"، وذلك عبر إعادة تقديم شخصيتي علاء الدين والأميرة ياسمين الكرتونيتين بصفتهما إرهابيين فلسطينيين يقومان باعتقال شخصيات من مسلسل "فاميلي غاي" الكرتوني الأميركي، الذي يحقق متابعة شعبية كبيرة في الولايات المتحدة.

ومن خلال حملة "علاقات عامة"، أُرسلت تلك الرسومات عبر البريد الإلكتروني إلى آلاف المواطنين الأميركيين. وعلّق أحد الذين تلقّوا تلك الرسالة البريدية بالقول: "ما الذي يمكن أن يحصل إذا تم إعادة تقديم شخصيات ديزني المحببة لديك كشخصيات إرهابية تتطلع إلى قتل اليهود؟". وأضاف: "إذا لم تتوفر لديك الجرعة اليومية الكافية من الكراهية بعد، فإليك هذه الرسوم التي تصور علاء الدين وياسمين وهما يقومان بترهيب شخصيات "فاميلي غاي" كشخصيات إسرائيل مسكينة غير قادرة على الدفاع عن نفسها".

على أن الرسوم التي تستلهم الشخصيتين الرئيستين في العمل الكرتوني "علاء الدين" (إنتاج أفلام ديزني"، 1992) الذي يؤفلم واحدة من أشهر قصص "ألف ليلة وليلة"، وهي قصة "علاء الدين والمصباح السحري"؛ ليست خالية من التصورات النمطية والرسائل العنصرية تجاه العرب والمسلمين، وهو ما انتبه إليه ناشطون حقوقيون ومدنيون في الولايات المتحدة فانبروا يطالبون بوقف عرض الفيلم الذي تتضمن مقدمته أغنية على لسان عدة شخصيات، ومنها مقطع لشخصية عربية تغني: "إنني جئت من مكان بعيد حيث تطوف قوافل الجمال. إنهم يقطعون أذنك إذا لم يحبّوا وجهك. إن هذا فعل بربري، لكن هذا هو الحال في بلادنا".

وهذا يعني، في جملة ما يعنيه، أن لعبة صاحب الرسوم (المسيئة إلى الفلسطينيين، هذه المرة) هي لعبة مكشوفة تستفيد أساساً من إعادة تدوير رسائل عنصرية انطوى عليها فيلم الرسوم المتحركة، عبر نقلها، من المستوى الإضماري الإيحائي إلى المستوى الإعلاني المباشر، بذكاء متواضع أفضى إلى تخريب الغلالة التي لطالما أتقنت مؤسسات الاستشراق الغربية نسجها لتمرير وترسيخ مقولات وتصورات ومفاهيم حول الآخر المختلف، والمقصود دائماً العربي والمسلم.

وواقع الحال أنه ليس من الضروري شن الحروب لكي نتعرف على أنماط الصراع وخطابات الاستشراق ـ بوصفه رؤية ومنهجاً وأيديولوجيا ومؤسسة وظاهرة ـ التي انتهت في العقود الأخيرة إلى اشتقاق ظاهرة جديدة تدعى ظاهرة "الإرهابوفوبيا"، ويمكن شدها ومطّها إلى الدرجة التي تصبح فيها شخصيات تخييلية من زمن حكائي غابر، كعلاء الدين وياسمين، شخصيات إرهابية.

الكرتون (الذي ما زال عندنا يسمّى بالورق المقوّى) يصبح في عالم الرسوم المتحركة، عندهم، حاملاً مقوّى لبث أفكار الاستشراقيين الروّاد وتصوّراتهم واستنتاجاتهم المتعسفة. فمن ذا الذي يخطر على باله، مثلاً، في هذا السياق، أن برنامج الأطفال الكرتوني "جزيرة الكنز" (صاحب أغنية "جيم مع بين بو" في الرحلة المثيرة، ما غيره) يتضمن في الحقيقة أحبولة استشراقية (مثيرة بدورها) من النوع الاستعماري؟

ما دمنا في عالم الأطفال، لنتذكر مارد المصباح السحري: شبّيك لبّيك المقاومة بين إيديك.

دلالات
المساهمون