الدرب الأحمر... حي ثوري في تاريخ مصر

21 فبراير 2016
الآلاف من أهالي الحي نزلوا للشوارع احتجاجاً(علاء القصاص/فرانس برس)
+ الخط -

بين ليلة وضحاها، بات حي الدرب الأحمر، الأشهر بين الأحياء المصرية، وتربّع على عناوين صحف مصرية وعربية ودولية، بعد مقتل مواطن مصري، على يد أمين شرطة وانتشار الأنباء عن لجوء أهل القتيل إلى القصاص الشعبي والتوجّه بعدها مباشرة في ألوف من المواطنين لحصار مديرية أمن القاهرة، ما أنذر ببشائر ثورة جديدة على وزارة الداخلية المصرية وسياساتها القمعية، التي أدت إلى المشهد الذي شهدته القاهرة.

إلا أن حي الدرب الأحمر، في مصر القديمة، والذي يجاوره شمالاً حي الجمالية، وغرباً حي الموسكي وحي عابدين وحي السيدة زينب، وجنوباً حي الخليفة، وشرقاً طريق النصر، وهي جميعها أحياء شعبية، ذاع صيتها في الروايات والكتب عن أهلها الكرام، وحرفهم اليدوية النادرة التي لا مثيل لها سوى في تلك الدروب والأحياء، وخصوصاً صناعة الفوانيس.

ولحي الدرب الأحمر، أيضاً، بُعدٌ تاريخي ثوري، قد يفسر امتداد الحالة الثورية حتى وقتنا الحالي. فالحي الذي يشتهر إلى الآن بصناعة الفوانيس، كان يضيء ليل القاهرة بها، في استقبال أهله للجيوش المنتصرة القادمة من باب النصر، حيث مر بهذا الباب سلاطين مصريون مثل الظاهر بيبرس والمنصور قلاوون والأشرف خليل والناصر قلاوون بأسرى أعداء مصر.

وشهد حي الدرب الأحمر، تحوّلاً تاريخياً مهماً في مصر، عندما منع صلاح الدين الأيوبي، إقامة الشعائر الدينية على المذهب الشيعي "الفاطمي" في جامع الأزهر، لمدة ثمانين عاماً، وفي اليوم السابع عشر من ديسمبر/كانون الأول 1267، أقيمت لأول مرة صلاة الجمعة في الجامع الأزهر في القاهرة وذلك في عهد السلطان الظاهر بيبرس البندقداري بعد انقطاعها حوالي قرن من الزمان، بل ظل مغلقاً طوال فترة حكم الدولة الأيوبية لمصر.

اقرأ أيضاً: قلب القاهرة يستعيد أجواء الغضب ونظام السيسي يستشعر الموقف

وشهد الحي، إعدام آخر الأمراء المماليك، وهو السلطان طومان باي، الذي تم إعدامه على باب زويلة، عام 1517، وتحوّلت مصر من بعده لولاية عثمانية. كما شهد حي الدرب الأحمر، الثورة الكبرى على الحملة الفرنسية على مصر، بقيادة نابليون بونابرت، إذ اقتحم الفرنسيون بخيولهم المسجد الأزهر وربطوا خيولهم بداخله وعاثوا فيه فساداً وتدميراً للمصاحف والكتب. ثم في الثورة الثانية التي استمرت 5 أسابيع لم يستطع فيها الفرنسيون اقتحام القاهرة وأمطروها بالقنابل.

ولُقّب حي الدرب الأحمر، بـ"رحم قاهرة المعز"، لأنه يعدّ من أقدم مناطق القاهرة التاريخية، ويضم 65 أثراً إسلامياً، فضلاً عن احتوائه على جامع الأزهر. أُنشئ في عهد الدولة الفاطمية، قبل إنشاء الجامع الأزهر وتكثر به المساجد والأسبلة والحمامات البلدية ذات الطابع الأثري الإسلامي الذي يمثّل عصوراً مختلفة، فمنها ما يعود للعصر الفاطمي، والأيوبي والمملوكي والتركي، مثل مسجد المؤيد ومسجد السلطان الغوري والصالح طلائع وأبي جريرة، وحمام بشتك والسكرية؛ مما يجعل الحي بمثابة أكبر المتاحف الإسلامية المفتوحة. ومن العصور البائدة إلى العصر الحالي، عاش فيه كثير من علماء مصر وأدبائها وفنانيها، وإلى الآن، لا يمكن لزائر مصر وسائحها أن ينسى معالم ودروب الحي التاريخية.

اقرأ أيضاً: السيسي يحاول امتصاص غضب المصريين بتعديلات لوقف تجاوزات الشرطة

المساهمون