الدراما اللبنانية..تحايل على المشاهد واستسهال ومصالح

24 أكتوبر 2016
ضاع بعض الممثلين المخضرمين في مسلسل "متل القمر" (MTV)
+ الخط -

تُعرَض على المحطات اللبنانية هذه الفترة، مجموعة من الأعمال الدرامية اللبنانية. وبحسب القائمين على محطّات التلفزة، هذا هو الجديد اللبناني، وما يتطلّبه سوق المشاهد العادي. لكن الحال صار يتعدّى العلاقة التجارية التي تربط المحطّة التي تعرض العمل الدرامي بشركات الدعاية والإعلان أوّلاً، والتوجه ثانياً إلى المشاهد.

بل أصبحنا نسير باتجاه فقدان الرقابة الجديّة على نوعية هذه النصوص والأعمال المُستهلكة والتي لا تمت للواقع اللبناني ولا حتى العربي بشيء. محاولات فاشلة جعلت عدداً من المنتجين يتّجهون إلى تشكيل فرقٍ من كتّاب وممثلين، من أجل الربح التجاري، والاستفادة الماليّة التي تدرّها إنتاجات ما يُسمى بالدراما اللبنانية.


قبل سنوات، انطلقت عملية إنتاج هذا النوع من المسلسلات. المحطّات اللبنانيّة المحليّة تستفيد من رخص أسعار هذه الإنتاجات، وبالتالي توفّر كميات كبيرة من المال مقارنة بالربح. لا تتعدّى قيمة بيع الحلقة الواحدة من أي مسلسل لبناني 12 ألف دولار أميركي.

وفي تدقيقٍ بسيطٍ، يطرح هذا الرقم مجموعة من التساؤلات، حول أجور الفنانين والتقنيين وفريق عمل المسلسل وربح المنتج. تضعنا التساؤلات في دوامة حول أسباب قبول المنتجين بهذا المبلغ الضئيل في إنتاج المسلسلات التي من المفترض أن تحمل مستوى راقياً ونوعيّاً من النواحي التقنية.

في ظلِّ غياب الواردات الماليّة عن عددٍ من المحطات اللبنانية، أصبح الحل بشكل تلقائي، هو تخفيض ميزانية شراء المسلسلات. وتحاول وتزايد المحطات بين بعضها البعض، عبر الاستفادة من بازار شهر رمضان الدعائي، الخاص بوجبة المسلسلات، وتدفع مبالغ مرتفعة قياساً لما تنفقه على مسلسل محلي لبناني. الأمر الذي يوضِّح أنَّ صاحب المؤسسة التلفزيونية في لبنان، على بيّنة من أن هذا الإنتاج يكفي لحاجة سوق لبنان فقط، ولا يُسوَق إلى الخارج بعد العرض الأول، خصوصاً أن العرض يكون حصرياً على المحطة التي اشترته، ويعود لاحقاً إلى شركة الإنتاج التي تحاول بيعه مجدداً وبسعر أقل إلى محطات أخرى.

وظَّفت محطة MTV اللبنانيّة نجاح الجزء الأول من مسلسل "متل القمر" لمصلحتها، وتحوّلت مع المنتج اللبناني، مروان حداد، إلى الناحية التجارية، طمعاً في جمهور هذا المسلسل الذي يجاري المحطة نوعية.

وتنشر محطة MTV، النتائج الخاصة بهذا النجاح. نتائج تحددها، بعض الشركات الموالية للمحطات اللبنانية، رغم ذلك، ليست النتائج هي أيضاً القاعدة الرئيسية للتسليم بهذا النجاح. تبقى الانتقادات أقوى وأكثر تفاعلاً، وهي تدل على استسهال منتج "متل القمر" مروان حداد بداية بالنص الذي أعاد تكليف صاحبته بجزء ثان، ما أوقع الكاتبة في فخّ الأحداث التي من المفترض أن تحرّك المسلسل.

بدت الحلقات اصطناعية، ومشغولة فقط بتطويل الحلقات والاستفادة من شعبية الجزء الأول، هذا في الشكل، أما في المضمون، فجاءت التغيّرات الخاصة ببعض الممثلين وأدوارهم في "متل القمر" لتُكمّل الفشل في إدارة الأحداث، كالاستغباء لعقول الناس في انقلاب البطلة "ستيفاني صليبا" من حال إلى حال من دون تبرير منطقي لهذا التغيير، أو المراحل المفترضة لهذا التغيير. التطويل مقصود، ويوجد ضياع لبعض الممثلين المخضرمين مثل جورج شلهوب وجهاد الأطرش أمام بعض الهواة.



أمير الليل غلطة كاتبة
يتزامن عرض الجزء الثاني من مسلسل "متل القمر"، مع عرض مسلسل ثان على شاشة LBCI اللبنانية، هو أول بطولة للمغني رامي عياش، الذي شهد أداؤه التمثيلي تقدماً بسيطاً. ورغم أن حضور عياش الغنائي يفرض نفسه في مخيلة المتابعين، افتقدت القصة إلى توثيق جازم يؤكد حقيقة هذه الأحداث المفترضة. لم تكلف الكاتبة منى طايع، نفسها لتوثيق فترة الأربعينيات والخمسينيات بالطريقة التي تعيد المشاهد فعلاً إلى تلك الحقبة. غرقت طايع في بعض الأخطاء التاريخية والأحداث، ولم تبال بذلك، فضاع المشاهد في التحقق من بعض الأحداث السياسية وحتى الفنية التي ارتبطت بمكونات المسلسل.


كما غابت كفاءة الممثلين في "أمير الليل". التونسية ليلى بن خليفة، لم تسيطر على أدائها في أولى تجاربها في الدراما اللبنانية، وتاهت بين لهجة لبنانية وبعض المفردات التونسية من دون تبرير. وكان بإمكان طايع تقديم بن خليفة بطريقة تبرر أخطائها في اللهجات أثناء الحوار. وكذلك برودة الممثلة اللبنانية داليدا خليل، التي كسبت شهرة بعد مشاركتها الفاشلة للفنان زياد برجي في مسلسل قدم قبل سنوات.

وأراد منتجو "أمير الليل" إشراكها مجدداً في هذا العمل، كما تأخر مجموعة من الممثلين اللبنانيين عن حرفتهم بعد غياب طويل عن الشاشة، مثل أسعد رشدان وهيام أبو شديد. ولم تسعف سنوات الغياب في إبراز طاقتهما التمثيلية التي من المفترض أن تكون الأقوى في سياق الأحداث، خصوصاً أن دورهما محوري في المسلسل، وتقع عليه مسؤوليات في تحريك المجموعة الأقل منهم خبرة في التمثيل، وهذا ما لم نلاحظه عموماً في العمل بشكل عام.


كل هذا الاستخفاف أو الإهمال في طريقة تعاطي الكتّاب أو المنتجين مع ما يُسمى دراما أو إنتاج درامي لبناني، يعزز تقوقع هذا الفنّ الذي كان لبنان أول من أسهم في تأسيسه في خمسينيات القرن الماضي. وبالتالي يفتح سجالات كثيرة وأسئلة، تحتاج لسنوات من الأجوبة حول الهدف والنتيجة من الأعمال التي تُصنف ضمن كادر الدراما العربية، ولا تجد إلا سوق لبنان الضيق الذي يتنفس منه البعض بالقليل المادي ولا أهداف معنوية على الأقل.


دلالات
المساهمون