يبدو أنّ حمَّى استنساخ المسلسلات العربية انتقلت إلى المسلسل التركي المدبلج "حريم السلطان".
فمع إعلان "مؤسسة دبي للإعلام" عن البدء في عرض الموسم الثالث منه، ابتداءً من مطلع شهر سبتمبر/أيلول الماضي، على شاشة تلفزيون دبي، بدأ المخرج السوري شادي أبو العيون السود في تصوير الجزء الثاني من مسلسل "سرايا عابدين"، بعدما اعتذر المخرج عمرو عرفة عن إخراجه، بينما تناقلت مصادر إعلامية خبر تحضير الفنان الكويتي طارق العلي لمسلسل كوميدي جديد، يحمل اسم "حريم بو سلطان" تشابه أجواؤه مسلسل "حريم السلطان" التركي لكن في قالب فكاهي عربي، من خلال يوميات "بو سلطان" ومفارقاته اليومية مع زوجاته وأولاده. وكان الفنان محمد هنيدي قد استوحى من حكاية "حريم السلطان" موضوعاً لواحدة من حلقات مسلسله الكوميدي "مسلسليكو" في رمضان 2013.
يُعدّ "حريم السلطان" من أضخم الأعمال الدرامية، التي حظيت بنسب مشاهدة عالية، سواء بنسخته التركية أو نسخته المدبلجة التي امتلكت مؤسسة دبي للإعلام الحقوق الحصرية لبثّها وتوزيعها في منطقة الشرق الأوسط.
ويتتبّع العمل حكاية السلطان سليمان القانوني منذ تولّيه السلطة في عمر 26 سنة، ومشوار تأسيس امبراطورية للعثمانين، وما رافق فترة حكمه التي دامت 46 عاماً، من أحداث تاريخية وحكايات تتعلّق بلعبة السلطة الدموية، فضلاً عن كشف خبايا القصور العثمانية في تلك الفترة، من صراعات ومكائد النساء ونفوذهنّ في القصر السلطاني ضمن أجواء من الرفاهية والرومانسية.
العمل الذي تميّز بإنتاجه الضخم، وبحبكته الدرامية المشوّقة وبقدرته على تقديم وجبة درامية تاريخية اجتماعية لافتة، بدا مغرياً لصنّاع الدراما العربية، لكنّه وصل إليهم بأضعف رسائله، حول "مكائد النساء وعشقهنّ" و"رفاهية الحياة".
ولعلّ في فهم غالبية كبيرة لتلك الرسائل فقط ما يمكن أن يبرّر عدم رؤية "سرايا عابدين" في سيرة واحد من أهمّ حكام مصر من أسرة محمد علي. هو الذي لعب دوراً في نهضة مصر الحديثة، أكثر من كونه "زير نساء" يغرق في حياة أرستوقراطية وسط زوجاته الـ14 وسطوة أمّه، وتتنازع يومياته، إضافة إلى حماية عرشه من المؤامرات، صراعات نسائه وعشيقاته، ورغبة أمّه في تسيير أمور السلطة، ومكائدهنّ طمعاً بالسلطة أو الجاه أو المال.
كلّ ذلك جاء مغلفاً بعبارة "دراما اجتماعية بحتة، تدور أحداثها في أجواء افتراضية خيالية، لا تهدف بأيّ صورة إلى توثيق تاريخ الحقبة الخديوية، لكنّها أخذت من هذه الحقبة حاضنة مكانية وزمانية لأحداث العمل".
بالتسليم أن ما صُنِعَ بإمكانيات مسلسل تاريخي ضخم، هو دراما اجتماعية افتراضية، وبتجاوز هذا الافتراض الذي طال كلّ شيء سوى أسماء الشخصيات، رغم أنّها أوّل ما كان يجب أن يطاله التغيير، يبدو مسلسل "سرايا عابدين" مجرد رغبة إنتاجية باستنساخ مسلسل يشبه "حريم السلطان" في أجواء البذخ التي تتخلّله وعشق نسائه ومكائدهنّ. وهو بهذا الشكل يعبّر عن أشدّ حالات الأسْر التي تعيشها الدراما العربية اليوم في شباك الدراما التركية، ودراما النساء ومكائدهنّ في "حريم السلطان" على نحو خاصّ.
الصورة بمجملها تدعو إلى السؤال: هل سيكون مسلسل طارق العلي المنتظر "حريم بو سلطان" محاولة للسخرية من محاولة الأسْر التي نتحدّث عنها؟ أم ستكون جزءًا من هذا الانبهار، وهذه المرّة بتعريب المضمون التركي، لا دبلجته؟
قياساً بما قدمته الدراما الخليجية الكوميدية من قبل لجهة السخرية من أعمال شهيرة مشابهة، فمن المحتمل أن ينطوي مسلسل "حريم بوسلطان" على جانب من السخرية من حالة الهيام بالسلطانة هويام ونساء السلطان سليمان وصراعاتهنّ في مسلسل "حريم السلطان".
لكن في الغالب سنكون أمام مسلسل لا علاقة له بالمسلسل التركي، إلا باسم نسخته المدبلجة وبالترويج له على أنّه يشبهه ويحاكي أجواءه، أما التفاصيل ففي الغالب سنكون في المسلسل الخليجي "حريم بو سلطان" أمام تنويعات على موضوعات تكاد لا تغيب عن الدراما العربية عن صراع النساء (الضراير أوالحماة والكناين) ورحى المعارك التي تدور بينهنّ ويقع ضحيتها الزوج أو يديرها بنفسه أو يقف متفرّجاً عليها.
منها على سبيل المثال في الدراما المصرية مسلسل "الحاج متولّي" وفي الدراما الخليجية مسلسل "سوالف حريم" للفنان حسن عسيري الذي يروي معاناة رجل متزوّج من أربع نساء يسعينَ إلى فرض سيطرتهنّ عليه من خلال مواقف كوميدية.
تسويق الشائعات
للتذكير فإنّه في ديسمبر/كانون الأول 2012 طالب البرلمان التركي بإيقاف "حريم السلطان"، ما استدعى ردود فعل واسعة وسلبية لدى الجمهور العربي بصفة عامة، بسبب نسبة المشاهدة العالية في العالم العربي.
وتعود قصّة محاولة وقف عرض المسلسل إلى أحد نوّاب البرلمان التركي، ويدعى أوكتاي سارال، ممثّلا الحزب الحاكم الذي ترأسه رئيس الوزراء التركي السابق رجب طيب أردوغان، الرئيس الحالي لتركيا.
فقد تقدّم بعريضة تطالب بوقف مسلسل "القرن العظيم"، أو كما يُعرَف في الوطن العربي باسم "حريم السلطان"، بسبب "تشويه صورة السلطان سليمان القانوني المشرع الذي قام بإصدار العشرات من القوانين خلال فترة حكمه". إذ أنّ المسلسل يظهره في شكل السلطان المغرم والمحاط بالنساء. حتّى أنّ أردوغان حينها انتقد المسلسل، وبهذا القرار كان معرّضاً للوقف في العام 2013. وقيل أيضاً إنّه لن يكون هناك جزء رابع من المسلسل.
وكانت مجلة "تايم" الأميركية قد ذكرت أنّ السبب وراء الهجوم الذي يقوده أردوغان على مسلسل "حريم السلطان" يعود إلى القلق الذي يشعر به الزعيم التركي من أن يتسبّب هذا المسلسل في تفسيرات وتصوّرات "مغلوطة" عن تاريخ الإمبراطورية العثمانية، تتنافى مع قيم الدين الإسلامي.
يُذكَر أنّ وزارة الثقافة التركية كانت قد أعلنت من قبل أنّ مسلسل "حريم السلطان" يشاهده أكثر من 150 مليون شخص حول العالم، في نحو 76 دولة، ويحقّق عائدات تبلغ ملايين الدولارات.
فمع إعلان "مؤسسة دبي للإعلام" عن البدء في عرض الموسم الثالث منه، ابتداءً من مطلع شهر سبتمبر/أيلول الماضي، على شاشة تلفزيون دبي، بدأ المخرج السوري شادي أبو العيون السود في تصوير الجزء الثاني من مسلسل "سرايا عابدين"، بعدما اعتذر المخرج عمرو عرفة عن إخراجه، بينما تناقلت مصادر إعلامية خبر تحضير الفنان الكويتي طارق العلي لمسلسل كوميدي جديد، يحمل اسم "حريم بو سلطان" تشابه أجواؤه مسلسل "حريم السلطان" التركي لكن في قالب فكاهي عربي، من خلال يوميات "بو سلطان" ومفارقاته اليومية مع زوجاته وأولاده. وكان الفنان محمد هنيدي قد استوحى من حكاية "حريم السلطان" موضوعاً لواحدة من حلقات مسلسله الكوميدي "مسلسليكو" في رمضان 2013.
يُعدّ "حريم السلطان" من أضخم الأعمال الدرامية، التي حظيت بنسب مشاهدة عالية، سواء بنسخته التركية أو نسخته المدبلجة التي امتلكت مؤسسة دبي للإعلام الحقوق الحصرية لبثّها وتوزيعها في منطقة الشرق الأوسط.
ويتتبّع العمل حكاية السلطان سليمان القانوني منذ تولّيه السلطة في عمر 26 سنة، ومشوار تأسيس امبراطورية للعثمانين، وما رافق فترة حكمه التي دامت 46 عاماً، من أحداث تاريخية وحكايات تتعلّق بلعبة السلطة الدموية، فضلاً عن كشف خبايا القصور العثمانية في تلك الفترة، من صراعات ومكائد النساء ونفوذهنّ في القصر السلطاني ضمن أجواء من الرفاهية والرومانسية.
العمل الذي تميّز بإنتاجه الضخم، وبحبكته الدرامية المشوّقة وبقدرته على تقديم وجبة درامية تاريخية اجتماعية لافتة، بدا مغرياً لصنّاع الدراما العربية، لكنّه وصل إليهم بأضعف رسائله، حول "مكائد النساء وعشقهنّ" و"رفاهية الحياة".
ولعلّ في فهم غالبية كبيرة لتلك الرسائل فقط ما يمكن أن يبرّر عدم رؤية "سرايا عابدين" في سيرة واحد من أهمّ حكام مصر من أسرة محمد علي. هو الذي لعب دوراً في نهضة مصر الحديثة، أكثر من كونه "زير نساء" يغرق في حياة أرستوقراطية وسط زوجاته الـ14 وسطوة أمّه، وتتنازع يومياته، إضافة إلى حماية عرشه من المؤامرات، صراعات نسائه وعشيقاته، ورغبة أمّه في تسيير أمور السلطة، ومكائدهنّ طمعاً بالسلطة أو الجاه أو المال.
كلّ ذلك جاء مغلفاً بعبارة "دراما اجتماعية بحتة، تدور أحداثها في أجواء افتراضية خيالية، لا تهدف بأيّ صورة إلى توثيق تاريخ الحقبة الخديوية، لكنّها أخذت من هذه الحقبة حاضنة مكانية وزمانية لأحداث العمل".
بالتسليم أن ما صُنِعَ بإمكانيات مسلسل تاريخي ضخم، هو دراما اجتماعية افتراضية، وبتجاوز هذا الافتراض الذي طال كلّ شيء سوى أسماء الشخصيات، رغم أنّها أوّل ما كان يجب أن يطاله التغيير، يبدو مسلسل "سرايا عابدين" مجرد رغبة إنتاجية باستنساخ مسلسل يشبه "حريم السلطان" في أجواء البذخ التي تتخلّله وعشق نسائه ومكائدهنّ. وهو بهذا الشكل يعبّر عن أشدّ حالات الأسْر التي تعيشها الدراما العربية اليوم في شباك الدراما التركية، ودراما النساء ومكائدهنّ في "حريم السلطان" على نحو خاصّ.
الصورة بمجملها تدعو إلى السؤال: هل سيكون مسلسل طارق العلي المنتظر "حريم بو سلطان" محاولة للسخرية من محاولة الأسْر التي نتحدّث عنها؟ أم ستكون جزءًا من هذا الانبهار، وهذه المرّة بتعريب المضمون التركي، لا دبلجته؟
قياساً بما قدمته الدراما الخليجية الكوميدية من قبل لجهة السخرية من أعمال شهيرة مشابهة، فمن المحتمل أن ينطوي مسلسل "حريم بوسلطان" على جانب من السخرية من حالة الهيام بالسلطانة هويام ونساء السلطان سليمان وصراعاتهنّ في مسلسل "حريم السلطان".
لكن في الغالب سنكون أمام مسلسل لا علاقة له بالمسلسل التركي، إلا باسم نسخته المدبلجة وبالترويج له على أنّه يشبهه ويحاكي أجواءه، أما التفاصيل ففي الغالب سنكون في المسلسل الخليجي "حريم بو سلطان" أمام تنويعات على موضوعات تكاد لا تغيب عن الدراما العربية عن صراع النساء (الضراير أوالحماة والكناين) ورحى المعارك التي تدور بينهنّ ويقع ضحيتها الزوج أو يديرها بنفسه أو يقف متفرّجاً عليها.
منها على سبيل المثال في الدراما المصرية مسلسل "الحاج متولّي" وفي الدراما الخليجية مسلسل "سوالف حريم" للفنان حسن عسيري الذي يروي معاناة رجل متزوّج من أربع نساء يسعينَ إلى فرض سيطرتهنّ عليه من خلال مواقف كوميدية.
تسويق الشائعات
للتذكير فإنّه في ديسمبر/كانون الأول 2012 طالب البرلمان التركي بإيقاف "حريم السلطان"، ما استدعى ردود فعل واسعة وسلبية لدى الجمهور العربي بصفة عامة، بسبب نسبة المشاهدة العالية في العالم العربي.
وتعود قصّة محاولة وقف عرض المسلسل إلى أحد نوّاب البرلمان التركي، ويدعى أوكتاي سارال، ممثّلا الحزب الحاكم الذي ترأسه رئيس الوزراء التركي السابق رجب طيب أردوغان، الرئيس الحالي لتركيا.
فقد تقدّم بعريضة تطالب بوقف مسلسل "القرن العظيم"، أو كما يُعرَف في الوطن العربي باسم "حريم السلطان"، بسبب "تشويه صورة السلطان سليمان القانوني المشرع الذي قام بإصدار العشرات من القوانين خلال فترة حكمه". إذ أنّ المسلسل يظهره في شكل السلطان المغرم والمحاط بالنساء. حتّى أنّ أردوغان حينها انتقد المسلسل، وبهذا القرار كان معرّضاً للوقف في العام 2013. وقيل أيضاً إنّه لن يكون هناك جزء رابع من المسلسل.
وكانت مجلة "تايم" الأميركية قد ذكرت أنّ السبب وراء الهجوم الذي يقوده أردوغان على مسلسل "حريم السلطان" يعود إلى القلق الذي يشعر به الزعيم التركي من أن يتسبّب هذا المسلسل في تفسيرات وتصوّرات "مغلوطة" عن تاريخ الإمبراطورية العثمانية، تتنافى مع قيم الدين الإسلامي.
يُذكَر أنّ وزارة الثقافة التركية كانت قد أعلنت من قبل أنّ مسلسل "حريم السلطان" يشاهده أكثر من 150 مليون شخص حول العالم، في نحو 76 دولة، ويحقّق عائدات تبلغ ملايين الدولارات.