يبدو أن غياب الدراما التركية لم يدم طويلاً، فرغم إصرار بعض القنوات الفضائية على الاستمرار في دبلجة المسلسلات التركية بعد قرار شبكة MBC بإيقاف بث ودبلجة كافة الأعمال التركية المقرر عرضها، وفق ما سمته الهيمنة التركية على سوق العرض، ونتيجة لموقف تركيا المساند لقطر في مواجهة دول الحصار، عاد الحديث إلى الواجهة من بوابة MBC مجدداً، لكن هذه المرة عبر صيغة جديدة للدراما التركية وهي "التعريب".
الشبكة السعودية المترنحة في قرارتها الإدارية خلال الشهور الماضية، كانت قد أعدت العدّة للإنتاج الدرامي في المنطقة العربية عبر دمج مكاتب شركة O3 التابعة للشبكة تحت غطاء شركة إنتاج إقليمية تحمل اسم MBC STUDIOS. وقبل أيام كشفت الشبكة عن انطلاق أول أعمالها المعربة عن الدراما التركية. فالمسلسل التركي الشهير "عروس إسطنبول" تحول برسم الشبكة السعودية إلى "عروس بيروت"، بعد توجهها لإنتاج نسخ عربية من مسلسلات درامية شهيرة حققت نسب مشاهدة عالية في بلدانها الأصلية.
البعض وجد في التعريب إعلاناً صريحاً للاقتباس بدلاً من الاعتماد على ذلك بشكل خفي، إذ تقاطعت عدة مسلسلات عربية في السنوات الأخيرة مع قصص تركية وعالمية، سواءً من ناحية الشخوص أو بيئة التصوير أو تصاعد الحبكة الدرامية. في الوقت الذي نما فيه إقليمياً نمط "الفورمات"، انطلاقاً من مصر مع مسلسل "جراند أوتيل" وصولاً إلى لبنان مع مسلسل "تانغو". قد يكون هذا الاقتباس العلني حلاً ناجعاً في نظر منتجين يعتبرون الخلل كامناُ في البناء الدرامي للحكاية، ما يجعل قوامها غير متماسك، وهذا ما يظهر بشكل معاكس في الدراما التركية والإسبانية واللاتينية من تطور على صعيد الحبكة ونضوج في تركيب الصورة وتشكيل مشهديتها. لكن في المقابل يبدو أن تأثير القوالب الدرامية الجديدة سيطبق الخناق على مواضيع الشارع العربي، بما يبدو أنه التفاف على حركات التغيير في المنطقة بإنتاج مسلسلات قائمة على استيراد القصص الجاهزة إضافة إلى لمسة خفيفة من النكهة المحلية، لا تتعدى تحويل السيناريو إلى اللهجة المحلية والتصوير بمناطق ذات دلالة جغرافية على البلدان العربية من أرياف طبيعية ومدن سياحية.
اقــرأ أيضاً
في "عروس بيروت" يمكن اعتبار العلاقة مع الدراما التركية بعيدة، فالتعريب من مسلسلات غير تركية ليس بالجديد. لكن العودة إلى المصادر البصرية التركية تشكّل هزيمة فعلية للسعودية في مقاطعة هذا النوع الدرامي الرائج، فبعد عام على المقاطعة، ما زالت المسلسلات التركية تحقق مشاهدات قياسية، ولو توفرت حلقاتها مترجمة حتى دون الوصول إلى الدبلجة. مع استمرار عشرات القنوات العربية بعرض أكثر الأعمال التركية انتشاراً في المنطقة، وانشغال عدد كبير من الصفحات الفنية بأخبار النجوم الأتراك، كزيارة الممثلة الشهيرة باسم "السلطانة هيام" مريم أورزلي إلى مصر مؤخراً.
حتى أنّ شبكة "نتفليكس" تعقادت مع أورزلي إثر شعبيتها الكبيرة تركياً وعربياً للمشاركة في مسلسل "الصعود العثماني"، والذي سيكون باللغة الإنكليزية، ويروي حكاية صعود الإمبراطورية العثمانية واتساع منطقة حكمها، خصوصاً بعد فتح القسطنطينية من قبل السلطان محمد الفاتح السلطان السابع للإمبراطورية العثمانية. وكانت "نتفليكس" قد أعلنت عن تخطيطها لعرض مسلسل "الصعود العثماني" على 6 حلقات متفرقة تمزج بين الدراما والوثائقي، ليكون بذلك ثاني مسلسل تركي محلي يُعرض على الشبكة، في دلالة على جماهيرية الدراما والسينما التركية.
فهل لعبت عودة التقارب الأميركي التركي دوراً في الاتجاه نحو السوق التركية مجدداً، أم هي حالة التفاف غير مباشرة للاستفادة من إمكانات الدراما التركية وإعادة تقديمها بملامح عربية. لا يمكن رفع نسبة الأمل في إنتاج دراما معربة كونها تفقد سمة المحلية في شروطها الأساسية، فضلاً عن طبيعة الإنتاج المقدم في السنوات الأخيرة من الشركات الكبرى عربياً وتحوله تدريجياً إلى سلع درامية باهظة التكلفة سريعة الأثر كسرعة زواله، وكأنها أعمال للمشاهدة لمرة واحدة فقط.
البعض وجد في التعريب إعلاناً صريحاً للاقتباس بدلاً من الاعتماد على ذلك بشكل خفي، إذ تقاطعت عدة مسلسلات عربية في السنوات الأخيرة مع قصص تركية وعالمية، سواءً من ناحية الشخوص أو بيئة التصوير أو تصاعد الحبكة الدرامية. في الوقت الذي نما فيه إقليمياً نمط "الفورمات"، انطلاقاً من مصر مع مسلسل "جراند أوتيل" وصولاً إلى لبنان مع مسلسل "تانغو". قد يكون هذا الاقتباس العلني حلاً ناجعاً في نظر منتجين يعتبرون الخلل كامناُ في البناء الدرامي للحكاية، ما يجعل قوامها غير متماسك، وهذا ما يظهر بشكل معاكس في الدراما التركية والإسبانية واللاتينية من تطور على صعيد الحبكة ونضوج في تركيب الصورة وتشكيل مشهديتها. لكن في المقابل يبدو أن تأثير القوالب الدرامية الجديدة سيطبق الخناق على مواضيع الشارع العربي، بما يبدو أنه التفاف على حركات التغيير في المنطقة بإنتاج مسلسلات قائمة على استيراد القصص الجاهزة إضافة إلى لمسة خفيفة من النكهة المحلية، لا تتعدى تحويل السيناريو إلى اللهجة المحلية والتصوير بمناطق ذات دلالة جغرافية على البلدان العربية من أرياف طبيعية ومدن سياحية.
في "عروس بيروت" يمكن اعتبار العلاقة مع الدراما التركية بعيدة، فالتعريب من مسلسلات غير تركية ليس بالجديد. لكن العودة إلى المصادر البصرية التركية تشكّل هزيمة فعلية للسعودية في مقاطعة هذا النوع الدرامي الرائج، فبعد عام على المقاطعة، ما زالت المسلسلات التركية تحقق مشاهدات قياسية، ولو توفرت حلقاتها مترجمة حتى دون الوصول إلى الدبلجة. مع استمرار عشرات القنوات العربية بعرض أكثر الأعمال التركية انتشاراً في المنطقة، وانشغال عدد كبير من الصفحات الفنية بأخبار النجوم الأتراك، كزيارة الممثلة الشهيرة باسم "السلطانة هيام" مريم أورزلي إلى مصر مؤخراً.
حتى أنّ شبكة "نتفليكس" تعقادت مع أورزلي إثر شعبيتها الكبيرة تركياً وعربياً للمشاركة في مسلسل "الصعود العثماني"، والذي سيكون باللغة الإنكليزية، ويروي حكاية صعود الإمبراطورية العثمانية واتساع منطقة حكمها، خصوصاً بعد فتح القسطنطينية من قبل السلطان محمد الفاتح السلطان السابع للإمبراطورية العثمانية. وكانت "نتفليكس" قد أعلنت عن تخطيطها لعرض مسلسل "الصعود العثماني" على 6 حلقات متفرقة تمزج بين الدراما والوثائقي، ليكون بذلك ثاني مسلسل تركي محلي يُعرض على الشبكة، في دلالة على جماهيرية الدراما والسينما التركية.
فهل لعبت عودة التقارب الأميركي التركي دوراً في الاتجاه نحو السوق التركية مجدداً، أم هي حالة التفاف غير مباشرة للاستفادة من إمكانات الدراما التركية وإعادة تقديمها بملامح عربية. لا يمكن رفع نسبة الأمل في إنتاج دراما معربة كونها تفقد سمة المحلية في شروطها الأساسية، فضلاً عن طبيعة الإنتاج المقدم في السنوات الأخيرة من الشركات الكبرى عربياً وتحوله تدريجياً إلى سلع درامية باهظة التكلفة سريعة الأثر كسرعة زواله، وكأنها أعمال للمشاهدة لمرة واحدة فقط.