تختلف عناوين وأولويات كل زيارة، فلدى الوزير الإيراني أهداف كثيرة من زيارته لباكستان، على رأسها التعاون الاقتصادي والعسكري على الشريط الحدودي بين الطرفين، والذي يشهد توتراً بين الحين والآخر. أما الزيارة إلى تركيا، وهي ليست الأولى من نوعها، فبحثت الكثير من الملفات المشتركة، وكان العنوان السوري والترتيب لقمة طهران، التي ستستقبل رئيسي تركيا وروسيا، يوم الجمعة، على رأسها، وهو ذاته ما وضعه ظريف في جدول أعماله، إلى جانب ملف إدلب في زيارته لدمشق، والتي لطالما زارها مسؤول الملف السوري في الخارجية، حسين جابري أنصاري، بهدف الترتيب لاجتماعات آستانة، وبالمقابل أدار الحرس الثوري الإيراني ملفاتها الميدانية لا الطاقم الدبلوماسي.
ولكل هذه التحركات معنى واحد رغم اختلاف العناوين، ألا وهو أن طهران التي أرادت أن تحصد من اتفاقها النووي ثمرة مشروعية دورها في الإقليم، باتت تتحرك وبشكل أكبر نحو الشرق، وإلى المنطقة المحيطة بها خصوصاً. وهذا ما طلبه كذلك المرشد الأعلى، علي خامنئي، خلال اجتماعه الأخير مع الحكومة، إذ رفض صراحة وبصرامة أي نوع من التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية، وطلب عدم التعويل على الاتحاد الأوروبي من دون أن يمنع الحوار معه، لكنه كلف الحكومة بالتوجه أكثر نحو الجيران. فطهران التي تمارس دوراً رئيساً في الأزمة السورية، واختلفت عليه مع أطراف كثيرة، يلعب جهازها الدبلوماسي اليوم دوراً فيها بغضّ النظر عن دور العسكر الميداني. كما أنها من ناحية ثانية تنطلق من أبعاد السلوك الأميركي نفسه إزاء العديد من الأطراف لا نحوها وحسب، وتحاول الاستناد لذلك لتشكيل تحالفاتها إقليمياً، حتى لو كانت تحالفات بصيغ ثنائية لا جمعيّة تضم أكثر من طرف معاً. فهذا يعني أن البوصلة تحرّكها ضرورة الوضع القائم، إذ تحاول البلاد الاستفادة من عامل الضغط، ومن دورها الذي تلعبه في العديد من الملفات حتى لو كان جدلياً.