الأزمة الاقتصادية العالمية، التي بدأت في عامي 2008 و2009، لم تستثن اقتصاد الدانمارك، فقد هبط الناتج الوطني 7 في المئة خلال تلك الفترة. وفقد أيضاً 180 ألف دانماركي ودانماركية أعمالهم وانضموا إلى سوق البطالة والمياومة.
الآن تعود الأرقام التي ينشرها المركز الوطني للإحصاء، وحسب خبراء الاقتصاد، لتؤكد أن الاقتصاد الدانماركي يتعافى من تداعيات الأزمة المالية. وما ساعد الاقتصاد الدانماركي، بحسب المختصين الاقتصاديين، هو الاستثمار الخارجي للدانماركيين في عدد من البلدان كالبرازيل وبولونيا والصين.
نمو عام وقطاعي
ففي منتصف العام الماضي بيّنت الأرقام التي نشرها البنك الوطني المركزي أن الأصول الدانماركية في الخارج ارتفعت بنحو كبير وبمبلغ يقدر بـ٥٧ مليار كرونة (10 مليارات دولار) لتنضم إلى المليارات الأخرى، فيصل الرقم إلى 658 مليار كرونة (حوالى 100 مليار دولار).
وتعد صناديق التقاعد الدانماركية أكبر مستثمر في الأسهم والسندات الخارجية، وهو ما يحسب مساهمة في نمو الازدهار الاقتصادي بـ100 مليار كرونة كما تظهره أرقام الناتج الوطني.
هذا النمو الكبير في الاقتصاد تستشعره كبريات شركات الإعمار الدانماركية، التي باتت تستعين باليد العاملة الأوروبية الشرقية، لتنفيذ مشاريع ضخمة ملحوظة في عدد من المدن. فقبل أسبوعين جرى الاتفاق على استكمال مشروع مترو الأنفاق في كوبنهاغن، وفي آرهوس تنتشر عمليات الإعمار ومنها استكمال تنفيذ أكبر المشافي في دول الشمال، في منطقة سكايبو.
ربيع اقتصادي
يؤكد خبراء في الاقتصاد لـ"العربي الجديد" أن الدانمارك "تعيش ربيعاً اقتصادياً" مرتبطاً بالتحسن الاقتصادي العالمي بعد أزمة 2008، وذهب هؤلاء للاستدلال على هذا التحسن بالإشارة إلى دخول 22 ألف شخص إلى سوق العمل في العام الماضي.
وبحسب تقدير هؤلاء فإن النمو سيزداد بـ 1،5% في نهاية النصف الثاني من هذا العام و2% في العام المقبل، اضافة الى انخفاض العجز العام إلى أقل من 3% للعام الحالي والمقبل، بحسب أرقام المفوضية الأوروبية والتي سترفع عن الدانمارك في نهاية الشهر الحالي "لفت النظر" الذي قدمته المفوضية في العام الماضي عن نسب العجز الدانماركية التي يجب أن تكون أقل من 3%.
وهو الأمر ذاته الذي ركزت عليه الحكومة الحالية، بقيادة الاشتراكيين الديمقراطيين. وهذا يعني أن الناتج الوطني للدانمارك سوف يتخطى في عام ٢٠١٦ ما كان عليه في ٢٠٠٨. وبحسب المؤشرات التي قدمتها الحكومة أخيراً يبدو التفاؤل سيد الموقف، حيث يتوقع أن يكون العجز للعام 2015 بنسبة 0،4% من الناتج الوطني.
قطاع العقارات أكثر المستفيدين
سوق العقارات كان لها نصيبها في إشارات الحكومة إلى تحسن الاقتصاد، بالطبع مع اختلاف بين محافظة وأخرى، وتحديداً حول المدن الكبرى. فانخفاض عدد المنازل والشقق التي تم بيعها في المزاد العلني، وهبوط مستحقات مقرضي مالكي العقارات، تشير بحسب وزارتي الاقتصاد والداخلية إلى ارتفاع أسعار العقارات مجدداً في هذا العام والعام المقبل. حيث يسعى هذا القطاع إلى العودة بأسعاره إلى ما كانت عليه في 2007، بطموح تشترك فيه الوزارة التي تؤكد أن انخفاض نسبة الفائدة بشكل كبير سيحسن سوق العقارات.
ويتضح من الأرقام التي جاءت في موقع وزيرة الاقتصاد والداخلية مارغريتا فيستآيا، حول الإنفاق على موازنة البلديات للعام 2015، بأن الحكومة لا تعاني من ضائقة للإنفاق على قطاع الصحة. فقد منحت البلديات 315 مليار كرونة بزيادة 17،5 مليارات عن العام الذي سبق. وأرادت الوزيرة من خلال بيانها الصحافي التأكيد أن "هذا الانفاق يشير إلى خروج الدانمارك تماماً من أزمتها الاقتصادية".
من جهة ثانية، يعزو المراقبون زيادة الاستهلاك الدانماركي إلى تحسن اقتصادهم في الربع الأول من هذا العام، بينما كان المستهلك في السابق أكثر حذراً وتوجساً في إنفاق دخله الشهري.