الخيوط الخفية بميلان.. الحقيقة وراء بيع النادي اللومباردي

11 مارس 2015
+ الخط -

ميلان صيني أم تايلاندي أم إيطالي؟ وهل سيبيع بيرلوسكوني نسبة من الأسهم أم سيغادر بعد ثلث قرن من الرئاسة تقريباً؟ كلها تساؤلات رافقت أخباراً وشائعات وصوراً وتصريحات وتكهنات هزت الصحف الإيطالية والأوروبية بعد أن هزت معنويات وأحلام جمهور ميلان في أسبوع كان دسماً من الناحية الإعلامية. ولكن لكي نفهم جيداً ما يحدث يجب أن نبدأ من تعادل ميلان ضد فيرونا في الدقائق الأخيرة وانفجار غضب الجمهور، الذي بدأ يطالب برحيل الرئيس قبل المدرب.

وفجأة ظهرت على كل الصحف صورة رجل الأعمال التايلاندي بي تايتشابول، وخبر شرائه لنسبة 25% من أسهم النادي. ولكن بعد نفي شركة فينينفيست خبر الشراء، سرعان ما تحول إلى مجرد توقيع لمذكرة تفاهم لشراء نسبة تتأرجح ما بين 25 و 30 بالمئة. إلى حد الآن لم يأتِ أي تأكيد لا من المدعو السيد بي تايتشابول ولا من جهات قريبة من النادي الذي اكتفى عبر فينينفيست بتكذيب أي مفاوضات لبيع النادي، مؤكداً بقاء عائلة بيرلوسكوني في الرئاسة. و لكن قبل التعمق أكثر في هذا الموضوع، نطرح سؤالاً مهماً وربما لم يطرحه أحد في ظل هذه الزوبعة، من هو بي تايتشابول؟

الأخبار التي تخصه قليلة جداً، وهذا شيء غريب بالنسبة لرجل أعمال يعمل في مجال الإعلام والتسويق (أو من المفترض أن يعمل في هذا المجال). ما يعرف عنه هو أنه يترأس شركة تاي برايم التي تنظم حملات ترويجية ودعائية للاعبين سابقين وأنه ربما (لا يوجد شيء أكيد لأنه حتى في تايلاند غير معروف) يعمل في مجال العقارات.

وبخصوص السيد بي تايتشابول تم استجواب السيد البيرتو فوركييلي رجل أعمال ورئيس المرصد الإيطالي الآسيوي للتجارة، والذي أجاب كالتالي:"السيد بي؟ بمقدورنا تسميته ميستر بيين، شخص متلاعب شبيه بريكوتشي (رجل أعمال إيطالي محتال حاول شراء صحيفة ايل كورييري ديلا سيرا بطرق ملتوية وانتهى الأمر بالحكم سجناً بتهمة التلاعب والنصب والاحتيال) وبفيوراني (رجل أعمال حاول الاستيلاء على مصرف انتونفينيتا بطرق غير شرعية وتم رميه في السجن بتهمة الاختلاس والنصب)، ما نعرفه هنا أن والد السيد بي تايتشابول كان مستشار رئيس الوزراء السابق خون تشافاليت، وأن السيد بي تايتشابول أسس 15 شركة 10 منها أفلست وخسرت أكبر شركاته حوالى 2.7 مليون يورو في عام 2014 بينما الشركات الأخرى لديها رؤوس أموال بسيطة وغير جديرة بالذكر، شخص كان لا يعرفه أحد قبل انتشار هذا الخبر".

إذاً كيف لشخصية مثل بي تايتشابول أن تشتري الميلان؟ وبأي أموال؟ وهل حسب صحيفة "لا كورييري" ينوي شراء النادي من بيرلوسكوني بقروض ويطبق سياسة مثل سياسة توهير؟ وهنا الغموض يزداد حيث لم يأت تصريح واحد من السيد بي تايتشابول (عكس توهير الذي كان يغرد يومياً على الإنتر)، بينما بيرلوسكوني لم يتطرق للموضوع وصار يتحدث فقط عن الحملة الانتخابية المصيرية في الأقاليم وسط وجنوب إيطاليا والتي في حال الفوز ستسمح لحزب بيرلوسكوني العودة مجدداً بعد الخسارة الفادحة في الانتخابات الأوروبية الأخيرة.

وكما حدث بعد تعادل ميلان المخيب للآمال، بعد استطلاعات الرأي في إقليم بوليا وإقليم توسكانا وإقليم ماركي، وخصيصاً إقليم فينيتو (قلعة مهمة بالنسبة لحزب بيرلوسكوني) والتي أظهرت تراجعاً كبيراً لحزب "فورتسا ايتاليا" وحلفائه خرج خبر آخر وهذه المرة عن بيع ميلان لأحد أغنى رجال الأعمال في العالم، المكسيكي من أصول لبنانية، كارلوس سليم، (الذي سبق وأن ذكرت الصحف أنه مهتم بالميلان في عام 2011) .

ولكن في غضون ساعات تبخرت هذه الشائعات ليعود الهدوء على صفحات الصحف، ولكن لساعات محدودة، فرجل استعراض وإعلام مثل بيرلوسكوني لا يمكنه أن لا يظل محط الأضواء، وهنا تأتي مفاجأة المفاجآت، موقع " wow.biz " الروماني، المتخصص في نشر أخبار المشاهير والشائعات، يفجر القنبلة: بيرلوسكوني يبيع 51 بالمئة من نادي ميلان للصيني بينك، ووسائل الاعلام سرعان ما نقلت خبر الموسم والصور التي تشهد على صحة الخبر. ساعات من الفرحة العارمة عصفت تويتر وفيسبوك وصفحات ومنتديات جماهير ميلان، ساعات من الخيال والأحلام، إلى أن خرج بيان رسمي لشركة فينينفست نقلته وكالة الأنباء الايطالية أنسا، والذي نفى بشكل قطعي صحة الخبر وصحة الصور المنشورة، وأكدت أن بيرلوسكوني لا ينوي بيع النادي، إنما يرغب في بيع نسبة بسيطة.

من أحلام المستقبل إلى خيبة آمال الحاضر في ساعات معدودة ولكن حرب الأعصاب لم تنته بعد بالنسبة لجمهور ميلان، فبيرلوسكوني وحياته المسرحية والنص الذي فرضه على نفسه لا تقبل السكوت الاعلامي، وبمجرد شروق الشمس خرج خبر آخر يمسح بالترتيب خبر مذكرة التفاهم مع بي تايتشابول وخبر المكسيكي كارلوس سليم وخبر الصيني بينك، ويشهد على عودة بي تايتشابول بقوة وهذه المرة برفقة مالديني وكونتي وحشد من الأسماء والوعود والاستثمارات والأحلام، وكالعادة بدون دليل إنما فقط تكهنات صحافية، وبالطبع هذا الخبر تزامن مع حدث آخر، خبر براءة بيرلوسكوني من تهمة التحرش بالقاصر المغربية الأصل روبي مبارك، ولماذا تغطية خبر البراءة فهو في صالح بيرلوسكوني؟ .. ربما لأن دافع الحكم هو جهل بيرلوسكوني لسن القاصر، وليس لأنه لم يرتكب فعلاً الجرم، ربما، فمع بيرلوسكوني كل شيء ممكن.

مؤشر آخر مهم لما يحدث هو تصريح بيرلوسكوني هذا الصباح، الذي يحمل الكثير بين سطوره: "سأقدم مقترحاً لإلغاء القانون الذي يمنعني من العودة للحياة السياسية". في حد ذاته قد لا يعني الكثير ولكن فقط في حال فاز حزب بيرلوسكوني بالانتخابات الاقليمية، وكسب الأغلبية لقلب الموازين في صلب الحكومة والبرلمان سيكون بمقدوره الفوز بالرهان وتقديم مقترح يحرره من أي قيود قضائية تحول دون عودته للنشاط السياسي.

الشيء الأكيد من كل هذا، أن مصير ميلان مطروح على أكثر من طاولة وأن الأوراق تنتقل من طاولة إلى أخرى بسرعة البرق وفي أغلبية الأحيان يجب أن تتابع الأوراق المخفية قبل الأوراق المعروضة، لكي تفهم ما حدث أو قد يحدث.

المساهمون