الخطف شبح أطفال مصر

25 يوليو 2017
أسباب انتشار خطف الأطفال متعددة (كريس ماكغراث/ Getty)
+ الخط -

جريمة خطف الأطفال عادت إلى مصر في الفترة الأخيرة، ووصلت إلى حدّ بتر أعضاء من الأطفال للاتجار بها، وذلك عبر جماعات متخصصة. في الوقت نفسه، بات البلاغ عن اختفاء طفل لدى أقسام الشرطة ومديريات الأمن حالة شبه يومية، إذ احتلت محافظة الإسكندرية المرتبة الأولى في تلك البلاغات بـ30 طفلاً في الفترة الأخيرة فحسب. كذلك، عثر على أربع جثث لأطفال مطعونة البطن وفي حالة تعفن بمحافظة القليوبية. وتكرر المشهد في محافظات الشرقية والسويس والإسماعيلية والدقهلية وبورسعيد وكفر الشيخ، فيما ندرت الحالات في محافظات الصعيد.

يصف أمنيون اختفاء الأطفال أنّه جريمة تحتاج إلى وقفة، مؤكدين عدم توفر إحصائيات دقيقة حول معدل اختفاء الأطفال في مصر. لكن، وبحسب معلومات أمنية تقدّر حالات اختفاء الأطفال منذ بداية عام 2017 بنحو 1700 سجلتهم بلاغات رسمية. وعلى الصعيد الشعبي، باتت القضية من أهم القضايا التي تؤرق المواطنين في مصر، بعدما تحوّلت إلى ما يشبه الكابوس للآباء والأمهات، بل أدت إلى رفض أسر كثيرة نزول أبنائها الصغار إلى الشارع أو النادي بمفردهم.

تعتبر "المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة" (مجتمع مدني) أنّ أسباب انتشار حالات خطف الأطفال في مصر متعددة، من بينها انشغال الأمن بـ"محاربة الإرهاب" وتقديم الأوضاع السياسية في البلاد على حساب الوضع الجنائي، ما أدى إلى ازدياد حدّة الجريمة في مصر التي من بين أنواعها خطف الأطفال. تؤكد العضو في المؤسسة، أمل جودة، أنّ غياب الإحصائيات الدقيقة يزيد خطورة قضية خطف الأطفال. تشير إلى أنّ الطفل يختفي بصورة سريعة، وبالبحث عنه يختفي أثره. باتت مقولة "خرج ولم يعد" شعاراً لعدد من الأسر. تتهم جودة أجهزة الأمن بعدم التحرك بعد بلاغ الأهل، إلاّ إذا كان المختفي ابناً لعائلة ثرية.

من جانبه، يقول رئيس "الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان" (مجتمع مدني) محمود بدوي، إنّ خطف الأطفال معروف في مصر منذ سنوات طويلة، لكنّه تفاقم أخيراً وازدادت حدته خلال العام الجاري. يؤكد أنّ الأوضاع الاقتصادية المتردية أدت إلى تعاظم الفكر الإجرامي لدى بعض الخاطفين، الذين يحاولون كسب المال إما من خلال فدية من أهل الطفل المخطوف، أو التسول بالأطفال لاستعطاف المجتمع، أو قتل الطفل لبيع أعضاء من جسده. ويوضح أنّ هذا الملف بات يثير رعباً كبيراً بين أسر مصرية كثيرة، خصوصاً الفقيرة منها، فضلاً عن المشكلة الاجتماعية التي يسببها استغلال الأطفال في عمليات التسوّل، إذ وصل عددهم إلى أكثر من 20 ألف طفل متسول، معظمهم ما بين 5 سنوات و10.



في الإطار نفسه، يشير أستاذ علم الاجتماع في جامعة "حلوان" الدكتور محمود حسن إلى أنّ الحالة الاقتصادية المتردية والفقر يتصدران قائمة دوافع تفاقم الجريمة في الآونة الأخيرة داخل البلاد، وهو ما أدى إلى زيادة تجارة الأعضاء وخطف الأطفال إما للفدية أو أغراض أخرى. يطالب الدولة بتطبيق القانون بشدة وحزم على الخاطفين، فالمعاناة من الفقر تدفع للسير في طرق إجرامية لإشباع احتياجاتهم، فضلاً عن "الحياة غير الآدمية التي يعيش فيها كثيرون في المجتمع المصري ما يدفعهم إلى الانتقام". يتابع: "نعيش حالة من عدم الاهتمام نتيجة غياب القوانين الرادعة". ويلفت إلى أنّ وزارة الداخلية لا تقوم بدورها المنوط بها، والدليل على ذلك أنّ عدداً من الأطفال المختطفين يعودون بعد الفدية، وبعد مواصلة أولياء الأمور البحث عنهم.

تتنوّع دوافع خاطفي الأطفال ما بين طلب الفدية مقابل أبناء الأثرياء، أو الاستغلال في التسول، أو القتل للاتجار بالأعضاء، لكنّ كلّ ذلك يشير إلى موقف واحد تجاه عمليات خطف الأطفال المتزايدة في مصر، وهو أنّنا "أمام ظاهرة خطيرة وتحتاج إلى وقفة"، كما يقول مصدر أمني.

تطبيق العقوبة

يوضّح الخبير الأمني المصري اللواء محمد يوسف أنّ عقوبة خطف الأطفال قد تصل إلى الإعدام شنقاً بحسب قانون العقوبات إذا تسبب الجاني في إزهاق روح الطفل، مؤكداً أنّ العبرة ليست في تغليظ العقوبة، بل في تطبيقها. يشير إلى أنّ ارتكاب شخص الجريمة في سنّ ما دون 18 عاماً يسمح له بالتهرب من عقوبة الإعدام لأنّ قانون الطفل هو ما يطبق عليه وليس قانون العقوبات العام.
دلالات