مأزق كبير تعيشه الحكومة المصرية والأجهزة المشرفة على إدارة ملف سد النهضة الإثيوبي، بعد فشل جولة المحادثات الأخيرة في الخرطوم لمناقشة تقارير المكتب الفني. وتكشف مصادر سودانية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، عن تفاصيل المفاوضات التي اشترطت فيها الخرطوم، اعتبار منطقة مثلث حلايب وشلاتين أرضاً سودانية، خلال طرح التقارير الفنية المتعلقة بالتأثيرات المتوقعة لبناء السد على دولتَي مصر والسودان.
وتوضح هذه المصادر أن السودان طرح خريطة تشمل مثلث حلايب وشلاتين كأراضٍ سودانية، وهو ما رفضه الجانب المصري، مقرراً إنهاء تلك الجولة من النقاشات. وانسحب الوفد المصري من دون الاتفاق على التفاصيل المتعلقة بتوقيع العقود الخاصة بالمكتب الاستشاري الفرنسي الجديد، الذي تم الاتفاق عليه خلال جولة المفاوضات نهاية العام الماضي، بحضور وزراء الخارجية والري للدول الثلاث في الخرطوم، بحسب المصادر.
وتؤكد المصادر السودانية أنّ اتصالات مصرية رفيعة المستوى جرت عقب انسحاب الوفد المصري، بعد الاعتراض على ما طرحه الجانب السوداني، بشأن اعتبار مثلث حلايب أراضي سودانية. وطالب الجانب المصري، خلال اتصالاته، الخرطوم بتأجيل البتّ في ملف الحدود المصرية السودانية لما بعد الانتهاء من حل أزمة تبعات سد النهضة الإثيوبي، لما للقضية من أبعاد تختلف تماماً، وفقاً للمصادر، عن قضية السد. وتضيف المصادر ذاتها، أنّ الخرطوم ترى أنه إذا لم يتم حسم ملف حلايب وشلاتين خلال تلك الأزمة سيعدّ تمرير الأمر خلال تلك المفاوضات اعترافاً رسمياً سودانياً بأنها أراضٍ مصرية.
على صعيد متصل، تعرّض الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لموقف محرج خلال إلقاء خطابه أمام البرلمان، السبت الماضي، بعدما قاطعه أحد النواب ثلاث مرات لمطالبته بتحديد الموقف النهائي من قضية سد النهضة، قائلاً "سد النهضة يا ريس". وتجاهل السيسي النداء، من دون أن يشير إلى قضية السد.
وكان رئيس مجلس المياه العربي، وزير الري الأسبق، الدكتور محمود أبو زيد، أكد خلال مؤتمر في يناير/كانون الثاني الماضي، أنّ "سير مفاوضات السد خلال الفترة الماضية غير مرضٍ، ومصر دخلت مرحلة الخطر الذي يهدد الأمن القومي"، مشدداً على أن الأجهزة السيادية استنفرت للبحث عن حلول صارمة. ولفت أبو زيد وقتها، إلى أن مصر تواجه أزمتها بمفردها، لأن السودان يتبنّى الموقف الإثيوبي، موضحاً أنّ "مصر تحتاج رؤية سياسية أوسع في التعامل مع الأزمة".
اقرأ أيضاً: استمرار فشل مفاوضات سدّ النهضة يضيّق خيارات القاهرة