في الجزائر، امتهن أطفال فقراء جمع الخبز اليابس لبيعه إلى تجار الجملة. بعدما ضاقت بهم الحياة، كان هذا العمل فرصتهم الوحيدة للعيش
قبل نحو عشر سنوات تقريباً، انتشرت في الأحياء الشعبية والراقية الجزائرية، على حد سواء، ظاهرة جمع بقايا الخبز اليابس. وعادة ما يتولى هذه المهام الأطفال وكبار السن. هؤلاء الذين يفترض أن يكونوا في بيوتهم أو مدارسهم أو أعمالهم أو غيرها، باتوا يحترفون هذا العمل ويجمعون الخبز اليابس علّهم يستطيعون في نهاية اليوم شراء الخبز الطازج، وغيره من التفاصيل الأساسية لتأمين معيشة أسرهم.
وتفضّل عائلات جزائريّة عدة عدم رمي الخبز اليابس، بل تخزينه في أكياس لتسهيل الأمر على الأشخاص الذين يجمعونه، ويضعونها في مداخل المباني، التي يسكنون فيها. ويرى هؤلاء أن إعادة استغلال الخبز اليابس ستكون في جميع الأحوال أفضل من رميه.
وتشكّل المنشآت الكبرى، كالجامعات والمستشفيات وغيرها، مصادر لجمع الخبز اليابس. وبطبيعة الحال، يلجأ جامعو الخبز إلى أماكن أخرى، ويحرصون على التوجه إلى الأحياء ذات الكثافة السكانية، لضمان الحصول على أكبر كمية ممكنة.
هذا هو الحال. تشتري عائلات كميات كبيرة من الخبز وترمي ما فاض لديها لتسترزق منه عائلات أخرى. في السابق، كانت الأحياء الشعبية قليلاً ما ترمي الخبز اليابس، لكن اختلف الأمر اليوم. وتُعد رؤية أطفال، يتحدرون من عائلات فقيرة، ويعملون على جمع الخبز اليابس، أمراً عادياً. هؤلاء تركوا مدارسهم بسبب الفقر. هكذا يمكن للجزائريين رؤية مشاهد مأساوية يومياً. بعض هؤلاء لم يتجاوزوا العاشرة من عمرهم. تخلّوا عن طفولتهم أو أُجبروا على التخلي عنها لخوض رحلة يومية شاقة.
ومهما اختلفت تفاصيل قصصهم، تبقى النتيجة واحدة، وهي محاولة الحصول على المال لمساعدة عائلاتهم. يقول محمود (15 عاماً) لـ "العربي الجديد"، وهو من حي الحراش في العاصمة الجزائر، إنه ترك دراسته بهدف العمل. وقد أجبره مرض والده على تحمل مسؤولية عائلته باكراً. يشير إلى أنه ينهض في السادسة صباحاً يومياً لجمع الخبز اليابس الملقى عند أبواب المنازل يومياً، صيفاً وشتاء، ويحصل على بعض المال ليبيع ما يجمعه يومياً لتجار الجملة. يضيف أن تجار الجملة يبيعونه للفلاحين ومربي الماشية، الذين يستخدمونه لإطعام حيواناتهم.
أما عمر، البالغ من العمر 14 عاماً، فلا يبدو وضعه أفضل. فقد توفي والده فيما تعاني والدته من مرض يجعلها عاجزة عن العمل. يقول لـ "العربي الجديد": "اضطررت للعمل وخصوصاً بعد الانتهاء من دوام المدرسة للمساهمة في تأمين مصاريف البيت. مع الوقت، صرت أمتهن هذه الحرفة، على الأقل إلى أن أجد عملاً أفضل أو أنهي دراستي". وعن المبلغ الذي يجنيه، يقول إنه قليل، ويزيد كلّما جمع كمية أكبر من الخبز. يبيع الكيس (25 كيلوغراماً) بـ 60 ديناراً، والكيس (100 كيلوغرام) بمائة دينار"، لافتاً إلى أن التجار سيبيعونها بعد رفع سعرها.
وتجدر الإشارة إلى أن في البلاد مجمعات لتجار جملة يجمعون الخبز اليابس من الفقراء، ليستخدم غالباً كعلف للماشية. وقد زاد الطلب عليه في الآونة الأخيرة، في ظل غلاء الأعلاف. لذلك، يعمد كثيرون إلى خلط الشعير وعلف النخالة مع الخبز اليابس. وبطبيعة الحال، كان للأطفال الفقراء دور كبير في هذا العمل، علماً بأن التجار يستغلون أوضاعهم لجمع كميات أكبر من الخبز اليابس.
وهناك مهام أخرى تتعلّق بترتيب وفرز كميات هائلة من الخبز للتخلص من الشوائب، وتصنيفه بحسب الحاجة، وطبقاً لطبيعة المواد التي صنعت. ربّما يستغرق الأمر أياماً قبل أن تصل إلى المصنع أو إلى رعاة الغنم، مما يؤدي إلى تكاثر البكتيريا والفطريات على الخبز.
وتجدر الإشارة إلى أنه، بحسب إحصائية نشرتها الصحف قبل نحو عامين، يستهلك الجزائري ما بين 500 و900 غرام من الخبز في اليوم الواحد، أي أن هنالك ما يقرب من 15 مليوناً و27 رغيفاً يومياً، موزعة على أكثر من 30 مليون جزائري. في المقابل، فإنه يرمي ما بين اثنين إلى خمسة ملايين رغيف في اليوم، باعتبار أن سكان المناطق الحضرية والمدن يبذرون نحو 18 في المائة من الخبز الذي يشترونه، (أي أن نحو 2.7 مليونَي رغيف ترمى في سلال القمامة وعلى حافة الطرقات). في المقابل، يرمي سكان المناطق الريفية نحو 12 في المائة من الخبز، أي حوالى 1.8 مليون رغيف يومياً، وإن كانت المناطق الريفية تعمل على إيجاد حل من خلال تحويله إلى المزارع للمواشي، علماً بأنه يلقى في سلال القمامة في المدن.
اقرأ أيضاً: وحدها الملاءات تقيهم برد الشتاء
قبل نحو عشر سنوات تقريباً، انتشرت في الأحياء الشعبية والراقية الجزائرية، على حد سواء، ظاهرة جمع بقايا الخبز اليابس. وعادة ما يتولى هذه المهام الأطفال وكبار السن. هؤلاء الذين يفترض أن يكونوا في بيوتهم أو مدارسهم أو أعمالهم أو غيرها، باتوا يحترفون هذا العمل ويجمعون الخبز اليابس علّهم يستطيعون في نهاية اليوم شراء الخبز الطازج، وغيره من التفاصيل الأساسية لتأمين معيشة أسرهم.
وتفضّل عائلات جزائريّة عدة عدم رمي الخبز اليابس، بل تخزينه في أكياس لتسهيل الأمر على الأشخاص الذين يجمعونه، ويضعونها في مداخل المباني، التي يسكنون فيها. ويرى هؤلاء أن إعادة استغلال الخبز اليابس ستكون في جميع الأحوال أفضل من رميه.
وتشكّل المنشآت الكبرى، كالجامعات والمستشفيات وغيرها، مصادر لجمع الخبز اليابس. وبطبيعة الحال، يلجأ جامعو الخبز إلى أماكن أخرى، ويحرصون على التوجه إلى الأحياء ذات الكثافة السكانية، لضمان الحصول على أكبر كمية ممكنة.
هذا هو الحال. تشتري عائلات كميات كبيرة من الخبز وترمي ما فاض لديها لتسترزق منه عائلات أخرى. في السابق، كانت الأحياء الشعبية قليلاً ما ترمي الخبز اليابس، لكن اختلف الأمر اليوم. وتُعد رؤية أطفال، يتحدرون من عائلات فقيرة، ويعملون على جمع الخبز اليابس، أمراً عادياً. هؤلاء تركوا مدارسهم بسبب الفقر. هكذا يمكن للجزائريين رؤية مشاهد مأساوية يومياً. بعض هؤلاء لم يتجاوزوا العاشرة من عمرهم. تخلّوا عن طفولتهم أو أُجبروا على التخلي عنها لخوض رحلة يومية شاقة.
ومهما اختلفت تفاصيل قصصهم، تبقى النتيجة واحدة، وهي محاولة الحصول على المال لمساعدة عائلاتهم. يقول محمود (15 عاماً) لـ "العربي الجديد"، وهو من حي الحراش في العاصمة الجزائر، إنه ترك دراسته بهدف العمل. وقد أجبره مرض والده على تحمل مسؤولية عائلته باكراً. يشير إلى أنه ينهض في السادسة صباحاً يومياً لجمع الخبز اليابس الملقى عند أبواب المنازل يومياً، صيفاً وشتاء، ويحصل على بعض المال ليبيع ما يجمعه يومياً لتجار الجملة. يضيف أن تجار الجملة يبيعونه للفلاحين ومربي الماشية، الذين يستخدمونه لإطعام حيواناتهم.
أما عمر، البالغ من العمر 14 عاماً، فلا يبدو وضعه أفضل. فقد توفي والده فيما تعاني والدته من مرض يجعلها عاجزة عن العمل. يقول لـ "العربي الجديد": "اضطررت للعمل وخصوصاً بعد الانتهاء من دوام المدرسة للمساهمة في تأمين مصاريف البيت. مع الوقت، صرت أمتهن هذه الحرفة، على الأقل إلى أن أجد عملاً أفضل أو أنهي دراستي". وعن المبلغ الذي يجنيه، يقول إنه قليل، ويزيد كلّما جمع كمية أكبر من الخبز. يبيع الكيس (25 كيلوغراماً) بـ 60 ديناراً، والكيس (100 كيلوغرام) بمائة دينار"، لافتاً إلى أن التجار سيبيعونها بعد رفع سعرها.
وتجدر الإشارة إلى أن في البلاد مجمعات لتجار جملة يجمعون الخبز اليابس من الفقراء، ليستخدم غالباً كعلف للماشية. وقد زاد الطلب عليه في الآونة الأخيرة، في ظل غلاء الأعلاف. لذلك، يعمد كثيرون إلى خلط الشعير وعلف النخالة مع الخبز اليابس. وبطبيعة الحال، كان للأطفال الفقراء دور كبير في هذا العمل، علماً بأن التجار يستغلون أوضاعهم لجمع كميات أكبر من الخبز اليابس.
وهناك مهام أخرى تتعلّق بترتيب وفرز كميات هائلة من الخبز للتخلص من الشوائب، وتصنيفه بحسب الحاجة، وطبقاً لطبيعة المواد التي صنعت. ربّما يستغرق الأمر أياماً قبل أن تصل إلى المصنع أو إلى رعاة الغنم، مما يؤدي إلى تكاثر البكتيريا والفطريات على الخبز.
وتجدر الإشارة إلى أنه، بحسب إحصائية نشرتها الصحف قبل نحو عامين، يستهلك الجزائري ما بين 500 و900 غرام من الخبز في اليوم الواحد، أي أن هنالك ما يقرب من 15 مليوناً و27 رغيفاً يومياً، موزعة على أكثر من 30 مليون جزائري. في المقابل، فإنه يرمي ما بين اثنين إلى خمسة ملايين رغيف في اليوم، باعتبار أن سكان المناطق الحضرية والمدن يبذرون نحو 18 في المائة من الخبز الذي يشترونه، (أي أن نحو 2.7 مليونَي رغيف ترمى في سلال القمامة وعلى حافة الطرقات). في المقابل، يرمي سكان المناطق الريفية نحو 12 في المائة من الخبز، أي حوالى 1.8 مليون رغيف يومياً، وإن كانت المناطق الريفية تعمل على إيجاد حل من خلال تحويله إلى المزارع للمواشي، علماً بأنه يلقى في سلال القمامة في المدن.
اقرأ أيضاً: وحدها الملاءات تقيهم برد الشتاء