أشار تقرير موسّع صادر عن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس العموم البريطاني، اليوم الإثنين، إلى تغيّر ملحوظ في موقف الحكومة البريطانيّة من الإسلام السياسي عمومًا، ومن جماعة "الإخوان المسلمين" على وجه التحديد، وذلك بعد أن أصدرت اللجنة ذاتها، العام الماضي، تحقيقًا يتضمّن توصيات بإجراء مراجعة داخليّة للموقف البريطاني من جماعة "الإخوان"، وهو ما استجابت إليه الخارجيّة البريطانية عبر سلسلة ردود أصدرتها، خلال تلك الفترة، واعتبرت، في خلاصتها، أن "الغالبية العظمى ممن ينتمون إلى تيار الإسلام السياسي لم ينخرطوا في العنف بقدر ما كانوا ضحايا له"، كما يرد في نصّ التقرير.
ويعكس هذا التقرير تغيّرًا جذريًّا في موقف الحكومة البريطانيّة تجاه جماعة "الإخوان المسلمين"، وتراجعًا عن استنتاجاتها السابقة عام 2014، بعد تحقيق نشره السفير البريطاني في المملكة العربية السعودية، جون جيكنز، وخلص فيه إلى أن الجماعة كانت بمثابة "طقس عبور" للمسلمين المتشدّدين.
وتعقيبًا على تقرير لجنة الخارجية اليوم، أشار مقال لموقع "ميدل إيست آي"، اليوم، إلى أنّ الحكومة البريطانية باتت مؤخّرًا أقرب للاتفاق مع تقييم لجنة الشؤون الخارجيّة البرلمانية، الذي نُشر العام الماضي، وقدّم توصيات للحكومة بشأن التعامل مع "الإسلام السياسي"، من ضمنها أنّ الجماعات المصنّفة ضمن هذا التيّار كانت بمثابة "جدار حماية" ضدّ التطرّف العنيف، وأنّه من الضروري إشراكها في النظام السياسي، سواء في السلطة أو المعارضة.
وقد رصد التقرير المنشور عن لجنة العموم البريطاني سلسلة ردود تعبّر عن التحوّل في موقف الحكومة، واستجابتها لنتائج التقرير الذي نشرته اللجنة عام 2016، ومن بينها أن وزارة الخارجيّة البريطانية، في ردّها على التقرير، اتّفقت على أنهّ ينبغي السماح لـ"الإسلاميين السياسيين" الذين يعرّفون أنفسهم "ديمقراطيين" بالمشاركة في الانتخابات، وأنّ على الحكومة البريطانية أن تشاركهم، سواء أكانوا في السلطة أم في المعارضة.
وذكرت الحكومة، إلى جانب ذلك، أنّها اتّفقت مع استخلاصات اللجنة بأن الدين والسياسة من شأنهما أن يتداخلا في المستقبل المنظور، وصرّحت بأن "الغالبية العظمى من الإسلاميين السياسيين ليسوا مشتركين في العنف".
وأضاف مكتب الخارجية البريطانية أن المشاركة مع قوى الإسلام السياسي كانت "عنصرًا مهمًّا من مشاركتنا في المنطقة"، مضيفةً في ردّها أن "الحكومة بوسعها أن تؤكّد أنّ اشتراك الخارجية مع تلك المجموعات تضمّن الحوار بشأن قضايا حقوق الإنسان، ولا سيما حماية حقوق المرأة والحريّة الدينية".
وأكدت وزارة الخارجية معارضتها "التدخل العسكري واعتباره طريقة لحلّ الخلافات في النظام الديمقراطي"، رغم أنّها لا تزال ترفض توصيف الأحداث الدمويّة التي وقعت في الثالث من يوليو/حزيران 2013، ومهّدت لوصول عبد الفتاح السيسي إلى السلطة، على أنّها انقلاب.
واعترفت الخارجيّة أيضًا أن جماعات الإسلام السياسي لعبت دورًا حاسمًا في "ضمان سلميّة التغيير السياسي"، مستدركة في خطاب ردّها: "كما أظهرت الأحداث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن أولئك الذين يتعرّضون للقمع، ويشعرون بالحرمان، أو يقصون من العمليّة السياسية، ربّما ينقلبون إلى العنف إذا لم يكونوا مؤهّلين لتغيير أوضاعهم عبر الطرق السلمية".
ورأت أن "جدار الحماية" الأنسب إزاء هذه المعطيات هو "دعم العملية الديمقراطية، وضمان أن يكون لكلّ فرد صوته الحر. وجماعات الإسلام السياسي، بما في ذلك قادتها الكبار، لهم دور حاسم في ضمان أن يحدث ذلك في منطقة الشرق الأوسط".
وفي ما يتعلّق بـ"الإرهاب والعنف"، لاحظت اللجنة أن الخارجيّة البريطانية لم تتناقض مع تقييم النواب الذين وصفوا "الإخوان المسلمين" في مصر بأنها جماعة "لا عنفيّة في الأساس"، رغم أنّها واصلت التحفّظ على وجود "علاقات غامضة مع التطرّف العنيف"، وهي تستند في ذلك إلى "تقارير إعلاميّة ودراسات أكاديمية" تشير إلى أن أقليّة من أنصار جماعة "الإخوان" في مصر شاركت في أعمال عنف مع أعضاء جماعات إسلامية أخرى، حسب زعمها.