هاجمت وزارة الخارجية المصرية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، اليوم الأحد، لاعتزامها منح المصور الصحافي المعتقل، محمود أبو زيد، الشهير بـ"شوكان"، جائزة دولية لحرية الصحافة، معربة عن أسفها الشديد بزعم "تورط منظمة بمكانة ووضعية يونيسكو في تكريم شخص متهم بارتكاب أعمال إرهابية، وجرائم جنائية، منها جرائم القتل العمد، والشروع في القتل والتعدي على رجال الشرطة والمواطنين، وإحراق وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة"، بحسب زعمها.
وصرح المتحدث باسم الخارجية، أحمد أبو زيد، أن الوزارة كلفت مندوب مصر الدائم لدى "يونيسكو" في باريس بتسليم سكرتارية المنظمة "ملفاً كاملاً حول مجمل الاتهامات المنسوبة إلى شوكان"، بدعوى أنها "تهم ذات طابع جنائي بحت ليست لها أي دافع سياسي، بعكس ما يدعي البعض، ولا تمت بصلة بممارسته لمهنة الصحافة أو حرية التعبير، بل هي أبعد ما تكون عما يجب أن يتحلى به أي صحافي حر وشريف يحترم مهنته".
واعتقلت قوات الشرطة المصرية "شوكان" في 14 أغسطس/ آب 2013، أثناء تصويره أحداث فض اعتصام "رابعة العدوية" لأنصار الرئيس المعزول، محمد مرسي، والذي راح ضحيته قرابة ألف وخمسمائة من المعتصمين السلميين برصاص الأمن، واحتجازه طوال تلك الفترة من دون سند قانوني، بيد أن القانون المصري قصر مدة الحبس الاحتياطي على عامين بحد أقصى.
وأضاف أبو زيد أن "اتصالات الخارجية المصرية تشير إلى أن ترشيح شوكان لهذه الجائرة قد جاء بدافع من عدد من المنظمات غير الحكومية، من بينها منظمات تحركها دولة قطر المعروفة بمساندتها لجماعة الإخوان، ومحاولتها المستمرة الدفاع عن تلك الجماعة"، معتبراً أنه "من غير المتصور أو المقبول أن تقع منظمة يونيسكو أسيرة لفخ التسييس، والمحاباة، والتورط في تنفيذ أجندة دول بعينها، والانجراف بعيدا عن ولايتها، ورسالتها السامية، كونها الواجهة الحضارية والنافذة الثقافية للعالم أجمع".
وتابع أبو زيد، قائلاً إن "هذا المشهد المؤسف يعيد إلى الأذهان ما سبق أن أثير حول تسييس يونيسكو، والبيان الصادر عن وزير التعليم العالي، ومندوب مصر الدائم لدى يونيسكو في 9 إبريل/ نيسان الجاري، والذي حذر من مغبة إقحام يونيسكو في موضوعات وقضايا سياسية تتنافى مع المبادئ والمقاصد التي أنشئت من أجلها، خاصة في ظل التساؤلات المتزايدة حول طبيعة التعاون القائم بين سكرتارية المنظمة، وكيانات غير حكومية، بعضها مدرج على قوائم المنظمات الإرهابية، من دون موافقة الدول الأعضاء، أو التدقيق في هوية هذه الكيانات"، حسب مزاعم متحدث الخارجية المصرية.
وزاد أبو زيد، بالقول إن "هذه التطورات تذكر أيضاً بما شهدته عملية انتخاب مدير عام المنظمة فى أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من ممارسات لا تليق باسم ومكانة منظمة أممية تتخذ من مبادئ التربية والعلوم والثقافة منهجاً وسبيلاً"، في إشارة إلى الخسارة المذلة التي منيت بها المرشحة المصرية، مشيرة خطاب، على منصب مدير عام المنظمة.
وختم أبو زيد بيان الخارجية المصرية، بالإشارة إلى أن منح شوكان الجائزة الدولية لحرية الصحافة، يمثل استخفافاً بدولة القانون، وما يتم اتخاذه من إجراءات قضائية ضد متهم بجرائم جنائية محضة، والادعاء بأن يونيسكو "تحتاج إلى مراجعة شاملة وجادة لأساليب عملها خلال المرحلة القادمة تحت الرئاسة الجديدة للمنظمة".
"شوكان" هو مصور صحافي لوكالة "ديموتكس"، وأُلقي القبض عليه في مذبحة رابعة العدوية في 14 أغسطس/آب 2013، ويواجه تهم "التظاهر بدون ترخيص، والقتل، والشروع في القتل، وحيازة سلاح ومفرقعات ومولوتوف، وتعطيل العمل بالدستور، وتكدير السلم العام".
تخرج شوكان من أكاديمية "أخبار اليوم"، وأعلن احترافه التصوير الصحافي منذ التحاقه بها.
وما يزيد الوضع القانوني لشوكان صعوبة هو طبيعة عمله الصحافي الحر، وعدم تقييده بنقابة الصحافيين التي لا تعترف لوائحها به كصحافي مرخص له بمزاولة المهنة، لأن الحصول على عضوية نقابة الصحافيين باتت الطريقة الرسمية والسليمة الوحيدة التي يستطيع من خلالها الصحافيون الحصول على مستوى محترم من الحماية القانونية.
ويعد شوكان، أحد أبرز الصحافيين المحبوسين على خلفية أداء مهامهم خلال تغطية وقائع فض اعتصام رابعة العدوية في 14 أغسطس/آب 2013، ويعاني من التهاب الكبد، وحالته تزداد سوءاً بشكل مضطرد بسبب ظروف الاعتقال المريعة، وعدم الحصول على رعاية طبية وإساءة المعاملة التي يتعرّض لها.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2017، نشر مرصد صحافيون ضد التعذيب، رسالة من "شوكان" من محبسه، قال فيها: "أقبع في هذه الزنزانة، منذ فترة طويلة دون أي سبب، دون ارتكاب أي جريمة. محبوس لمدة 22 ساعة كل يوم، تحيطني الجدران، أعاني من سوء المعاملة. تدهورت صحتي سريعًا. أمرّ بكل هذا فقط ﻷنني فعلت ما وجب علي فعله كصحافي، أنقل الواقع إلى الناس (الحق في المعرفة).
وتابع شوكان "تدعم منظمة يونيسكو اﻹعلام المستقل، وحرية الصحافة، والحفاظ على حقوق اﻹنسان، إلى جانب أهداف أخرى تتعلق بالتعليم والمعرفة. لكن مصر لديها سجل سيئ في هذه المسائل. لهذا، تعجبت كثيرًا حين سمعت للمرة اﻷولى أن السفيرة مشيرة خطاب تم ترشيحها لمنصب رئاسة المنظمة. كيف يمكن لبلدي أن يتخذ هذه الخطوة بينما ينتهك النظام المصري ثقافة حرية التعبير والصحافة".