شكل الحوثيون لجاناً "ثورية" في وزارات ومؤسسات في اليمن، منذ بسط سلطتهم على مقاليد الأمور في العاصمة اليمنية صنعاء، لأهداف قالوا إنها تأتي في المقام الأول لمحاربة الفساد، بالإضافة إلى لجان مالية لا يتم صرف أي مبالغ من الخزانة العامة إلا بموافقتها وتوقيع مندوبها لدى الجهة الحكومية.
ومهد الوضع الجديد، الذي فرضه الحوثيون بالسلاح، لتدخلهم في أعمال القطاع الخاص
واتفاقياته التجارية، سواء مع الحكومة أو رجال أعمال، وكان لآخرها ما قامت به الجماعة من إلغاء اتفاقية تجارية مع إحدى شركات القطاع الخاص.
وقالت ما يسمى اللجان الثورية التابعة للحوثيين، إنها تمكنت من إيقاف مبلغ مليار ريال (4.7 ملايين دولار) تُصرف من وزارة النفط كعمولة لمجموعة شركات "هائل سعيد أنعم وشركاه" بشكل سنوي.
وعليه فقد وجّهت اللجنة التابعة للحوثيين بشركة النفط اليمنية، وفق بيان صحافي أمس الأول، بإلغاء العقد الذي يمنح مجموعة "أنعم" ميزة الحصول على عمولة مبيعات، الأمر الذي رفضته الشركة.
وقالت المجموعة في بيان – تلقت "العربي الجديد" نسخة منه – إن المجموعة ومعها العديد من رجال الأعمال والمستثمرين، سعت ومنذ وقت مبكر إلى مخاطبة الحكومة بشأن السماح للقطاع الخاص باستيراد احتياجاته من المشتقات النفطية، بهدف ضمان توفره دون أي انقطاعات وكذلك شرائه بأقل الكلف، غير أن البعض ممن شعر بتضرر مصالحه عمل على عرقلة تنفيذ اتفاقية السماح للقطاع الخاص باستيراد المشتقات النفطية بالسعر العالمي.
وأوضحت المجموعة أن العمولة التي يحوم اللغط حولها، هي أقل بكثير من حجم الخسائر التي
تتكبدها جراء الفوارق الكبيرة بين أسعار شركة النفط المفروضة عليها وكلفة استيرادها لهذه المشتقات، مشيرة إلى أن العمولة التي منحت لها في الاتفاقية هي نفس العمولة التي تمنح لأي محطة أو موزع في الجمهورية، بالرغم من حجم الاستهلاك الكبير للمجموعة.
ويمر النشاط التجاري في اليمن بمرحلة ركود، وتوقفت معظم الاستثمارات وبات الاقتصاد اليمني على حافة الانهيار منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول الماضي.
وتكبدت شركات القطاع الخاص خسائر فادحة نتيجة الوضع الأمني المتدهور والغياب الكلي للدولة، وسيطرة الحوثيين على مؤسساتها، ويتعرض رجال أعمال لاعتداءات متكررة، ومطلع الأسبوع الجاري اقتحم مسلحون منزل رجل الأعمال توفيق الخامري واعتدوا عليه.
وقالت مصادر لـ "العربي الجديد" إن المسلحين اقتحموا منزل الخامري في منطقة حدة
بالعاصمة اليمنية صنعاء، قبل يومين، واعتدوا عليه وأطلقوا الرصاص على حراسته الخاصة؛ مما أسفر عن مقتل أحدهم وإصابة ثلاثة آخرين.
واستنكرت الغرفة التجارية بالعاصمة صنعاء الاعتداء المسلح على رجل الأعمال توفيق
الخامري، من قبل عصابة مسلحة. وقالت الغرفة في بيان لها، إن الاعتداء على رجل الأعمال يعني اعتداءً على القطاع الخاص، واستهدافاً لاستقراره وتهديداً لأمنه.
وعبرت الغرفة التجارية في أمانة العاصمة عن أسفها من استمرار الاعتداء على رجال الأعمال اليمنيين، موضحة أن هذا الأمر ينعكس سلباً وبشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية، ويؤثر على الاستثمارات كون المستثمر بحاجة إلى بيئة آمنة لاستثمار أمواله.
في السياق قال رجل أعمال يمني يرأس عددا من الشركات الكبيرة لـ "العربي الجديد": إن مسلحين تابعين لجماعة الحوثيين استدعوه للتحقيق معه بناء على دعوى كيدية من أحد عملاء شركاته. وأضاف المستثمر الذي طلب عدم ذكر هويته حرصا على مصالحه: "لم يفرجوا عني إلا بعد وساطات واتصالات مكثفة مع قيادات في الجماعة".
وتقوم اللجان الثورية التابعة لجماعة الحوثيين بمهام الأمن في العاصمة اليمنية، من خلال نقاط التفتيش، وشكلت لجان أمنية تؤدي مهام أقسام الشرطة، فيما تقوم لجان أخرى بمهام القضاء.
وسيطرت جماعة الحوثيين على شركات تتبع القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح ورجل الأعمال "حميد الأحمر"، واللواء علي محسن الأحمر، كما سيطر مسلحو الجماعة على جميع منازل هذين الرجلين وأسرتيهما في العاصمة، وتمكنوا من استصدار توجيهات من المصرف المركزي اليمني قضت بتجميد أرصدة وحسابات الرجلين وأسرتيهما، وعدد من شركاتهما، في جميع المصارف اليمنية.
وحذرت الشركة اليمنية للأغذية (وكلاء شركة كنتاكي العالمية باليمن) المملوكة لرجل الأعمال حميد الأحمر، من التعامل مع جماعة الحوثي التي سيطرت على الشركة، وقالت الشركة في بيان: "نظراً لما تعرضت له الشركة اليمنية للأغذية من اعتداء وسطو مسلح، أسفر عن استيلاء وسيطرة جماعة مسلحة بالقوة والتهديد على مقر الإدارة العامة للشركة وممتلكاتها ومطعمها الكائن في حديقة السبعين، نحذر أي شخص من انتحال صفة ممثل الشركة والتوقيع باسمها بأي صفة أو استخدام مطبوعاتها أو ختمها أو اسمها التجاري أو علامتها التجارية، أو أن يقحم الشركة أو يدخلها في أية التزامات أو مسؤوليات من أي نوع".
وقالت الشركة "نخطر كافة الأشخاص والجهات الرسمية وغير الرسمية بمن فيهم زبائنها وموردوها والمتعاقدون معها، بعدم التعامل أو الدخول بأي تعاقدات أو التزامات أو غير ذلك تكون باسم أو عن الشركة أو تحت العلامة التجارية، ولن تتحمل أو تكون الشركة مسؤولة أو ملزمة عن أي من ذلك تحت أي مبرر أو سبب أو ادعاء. حتى إعادة الأمور والأوضاع إلى طبيعتها".
وسيطر الحوثيون على شركة باسكن روبنز، وهي شركة أميركية عالمية، تتخصص في بيع المثلجات، ووكيلها في اليمن مجموعة شركات الأحمر للتجارة والاستثمار.
وأصدرت شركة "ذكوان" للخدمات النفطية المملوكة للنجل الأكبر للواء علي محسن الأحمر، تحذيرا، مطلع الأسبوع، من التعامل مع جماعة الحوثي التي احتلت ونهبت مبنى مكتب الشركة عقب اجتياح ميليشيا الحوثي للعاصمة في سبتمبر/أيلول الماضي.