تسدل السلطات السودانية الستار اليوم الإثنين على حوار الوثبة، الذي أطلقه الرئيس السوداني، عمر البشير، قبل نحو ثلاثة أعوام لحل الأزمة السودانية وإنهاء الحرب، عبر عقد المؤتمر العام للحوار الذي بدأت جلساته أمس الأحد، بمشاركة الحكومة وحلفائها فضلاً عن أحزاب تفتقر لوزن حقيقي في الشارع السوداني، باستثناء حزب المؤتمر الشعبي. الخطوة من شأنها أن تضع نهاية دراماتيكية لعملية الحوار، لكنها وفق مراقبين لن توصل إلى حل للأزمة السودانية باعتبار أن الفصائل المشاركة في هذا المؤتمر ليست رئيسية أو فاعلة سياسياً، وأن الحرب في مناطق النزاع ستظل مستمرة مع غياب القوى التي تقاتل الحكومة هناك عن الحوار، معتبرين أن الخطوة من شأنها أن تقود إلى مزيد من التعقيد وزيادة حالات الاستقطاب السياسي وتعميق الأزمة.
في 27 يناير/كانون الثاني 2014، أعلن البشير عبر خطاب عُرف بـ"خطاب الوثبة"، رغبته ونظامه في إدارة حوار مع القوى السياسية والفرقاء السودانيين وفئات المجتمع المختلفة، لحل أزمات البلاد والوصول إلى حلول تفضي إلى إقرار دستور دائم في البلاد وتنهي الحرب في مناطق النزاع في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
وبدت الحكومة السودانية وشركاؤها في الحوار مصممين على إكمال حلقاته بعقد المؤتمر العام، من دون انتظار الممانعين من القوى الرئيسية المعارضة والحركات المسلحة، أو الالتفات إلى تهديدات هذه الأطراف بنفض يدها من خريطة الطريق التي وقّعتها أخيراً في أديس أبابا بضغط دولي وإقليمي، والتي تمهد لإشراكها في الحوار الذي دعا إليه البشير. ولاقى عقد المؤتمر العام انتقادات من السلطات الأميركية، التي دعت عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية جون كيربي، الحكومة السودانية لاعتبار الحوار القائم حالياً أولياً والانخراط في حوار مع المعارضة وصولاً لمشاركتها في حوار شامل وفق خريطة الطريق التي وقّعها الفرقاء السودانيون في أديس أبابا أخيراً.
وترفض قوى "نداء السودان" ممثلة في المعارضة السلمية والمسلحة، بينها الحركة الشعبية قطاع الشمال، والحركات المسلحة الدارفورية، فضلاً عن حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي، المشاركة في الحوار القائم في الخرطوم، إضافة إلى تحالف قوى الإجماع الوطني (يضم أحزاباً معارضة أغلبها من اليسار، بينها الحزب الشيوعي) وقوى "المستقبل" (تضم مجموعة أحزاب بعضها شارك في الحوار في بدايته وانسحب، بينها حركة الإصلاح الآن برئاسة غازي صلاح الدين، ومنبر السلام العادل بزعامة خال الرئيس السوداني الطيب مصطفى). وتلاقت مطالب تلك القوى حول شروط المشاركة في الحوار، أهمها عقد مؤتمر تحضيري خارج السودان بمشاركة كافة القوى بلا استثناء، وتهيئة مناخ الحوار عبر إتاحة الحريات وإطلاق سراح الأسرى والمحكومين سياسياً إلى جانب وقف الحرب في مناطق النزاع.
وحمّلت قوى "نداء السودان"، في بيان أصدرته السبت الماضي، الحكومة مسؤولية إيصال الأطراف السودانية إلى طريق مسدود وما ستؤول إليه الأوضاع، من خلال إصرارها على المضي قدماً في عملية الحوار بمن حضر، مجددة التزامها بخيار الانتفاضة الشعبية لإسقاط النظام والعمل جاهدة لتنفيذ ذلك الهدف سلمياً.
وكان البشير، قد أكد خلال افتتاح أعمال البرلمان يوم الإثنين الماضي، السير قدماً في عملية الحوار وعقد المؤتمر العام في موعده المحدد، لكنه في الوقت نفسه ترك الباب موارباً أمام من يرغب بالالتحاق بالوثيقة الوطنية التي يُنتظر أن تصدر عن المؤتمر، وتمثّل توجّهاً لإدارة المرحلة المقبلة. ويرى مراقبون أن الحكومة تلعب الأوراق الجديدة في يدها والمتصلة بالدور المنتظر منها دولياً وإقليمياً في ملفات مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر، فضلاً عن الاختراقات التي أحدثتها أخيراً في المحيط العربي والأفريقي في ما يتصل بعلاقاتها مع تلك القوى، مع تراجع توازنات القوى في ما يخص الحركات المسلحة والقوى المعارضة عموماً في ظل التعقيدات التي شملت العالم ككل.
ويعتقد مراقبون أن القوى المعارضة والمسلحة نفسها ضغطت في اتجاه أن تعقد الحكومة المؤتمر في الموعد المحدد، عبر استفزازها بين الحين والآخر، باعتبار أن الخطوة ستجعل هذه القوى في حلّ من حوار الوثبة، لتبدأ حواراً جديداً مع الحكومة منفردة، يصعب على الأخيرة التحكم فيه باستغلال مجموعة الأحزاب المتحالفة معها في لجنة "7+7" والتي تضم 99 حزباً مشاركاً في الحوار، الأمر الذي يهيئ الجو التفاوضي لتلك القوى المعارضة، خصوصاً أن الحوار الذي من الممكن عقده سيستعين بمخرجات الحوار الحالي، التي تتفق تلك القوى على جزء كبير منها.
اقــرأ أيضاً
وكانت قوى "نداء السودان" قد توافقت في اجتماعها الذي انتهى قبل أيام في أديس أبابا، على ورقة تفاوضية حول رؤيتها لقضية الحوار، تضمّنت خمسة محاور، ورسمت خطوطاً عريضة حول تهيئة مناخ الحوار وهيكلة وإدارة الحوار، وحددت نقطة البداية في إيقاف الحرب وتوفير الحريات وعقد المؤتمر التحضيري وفقاً لقرارات مجلسي السلم الأفريقي والأمن الدولي، إضافة إلى قضايا تتصل بالرئاسة المتوافق عليها لإدارة الحوار والمراقبة الدولية والإقليمية للعملية فضلاً عن ضمانات تنفيذ المخرجات.
ويرى المحلل السياسي، أحمد ساتي، أن الورقة التفاوضية التي وضعتها قوى "نداء السودان" لإدارة الحوار، تؤكد تماماً تجاهل تلك القوى لمرحلة خريطة الطريق وحوار الخرطوم الحالي، خصوصاً أنها في الكثير من النقاط تحصر الأمر بينها والقوى الممانعة كطرف والحكومة كطرف موازٍ، على الرغم من الإشارة إلى لجنة الـ"7+7" وفق ما ورد في الخريطة حتى لا يؤخذ عليها المبادرة بالتنصل منها.
وبدا حزب المؤتمر الشعبي الأكثر تشدداً في عقد المؤتمر التحضيري في مواعيده، ووفق مصادر فإن الأخير هدد بالانسحاب من العملية برمتها في حال تأجل المؤتمر. واعتبر الأمين السياسي لـ"المؤتمر الشعبي"، كمال عمر عبدالسلام، أن قوى "نداء السودان" غير راغبة في الحوار نظراً للورقة التي أعدتها، والتي اعتبر أنها تجاهلت تماماً خريطة الطريق التي وقّعتها تلك القوى مع الحكومة، مشدداً على أن تأجيل المؤتمر أمر مستحيل. وقال إنه يقود حملة بنفسه لمنع أية محاولات للتأجيل، داعياً القوى المعارضة للحوار لتكون أكثر شجاعة وتعترف بنجاح الحوار وبالتوصيات التي توصل لها.
ويتوقع المحلل السياسي، ماهر أبو الجوخ، أن تستخدم الحكومة مخرجات المؤتمر العام للحوار في المناورات السياسية، معتبراً أنه بالنهاية ليس هناك خيار أمام الطرفين سوى الجلوس والتفاوض نظراً للضغوط المفروضة عليهما.
ووفق محللين، ليس أمام الحكومة والقوى المسلحة خيار سوى الوصول لتسوية سياسية باعتبار أن المجتمع الدولي سيستمر بالضغط في ذلك الاتجاه، خصوصاً أنه لا يدعم التغيير العنيف في السودان، كما يرفض أية محاولة لإسقاط نظام الخرطوم عبر الثورة الشعبية تخوفاً من أن تقود لانفجار ينسحب على المنطقة ككل، بالنظر لإمكانية لجوء سلطات الخرطوم للقوة لمواجهة أي تهديد، فضلاً عن تحريك الخلايا النائمة من المتطرفين التي تحكم سيطرتها عليها وتعمد على تحريكها وقتما تشاء ووفق مصالحها، وهي ورقة يرى مراقبون أن السلطات السودانية ظلت تخيف بها القوى الدولية حتى لا تعمد إلى دعم أي تحرك معارض لإسقاطها.
ويُنتظر أن يُقر المؤتمر العام للحوار نحو 994 توصية وضعتها لجان الحوار الست خلال المؤتمر، الذي انتهى في فبراير/شباط الماضي، من ضمنها توصيات تتصل باستحداث منصب رئيس وزراء بصلاحيات محدودة، وإضافة 120 مقعداً للبرلمان، فضلاً عن الاتفاق على فترة انتقالية لمدة عامين تتشكل خلالها حكومة وفاق وطني، وإقرار نحو تسعة مبادئ متصلة بالحريات العامة.
اقــرأ أيضاً
وترفض قوى "نداء السودان" ممثلة في المعارضة السلمية والمسلحة، بينها الحركة الشعبية قطاع الشمال، والحركات المسلحة الدارفورية، فضلاً عن حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي، المشاركة في الحوار القائم في الخرطوم، إضافة إلى تحالف قوى الإجماع الوطني (يضم أحزاباً معارضة أغلبها من اليسار، بينها الحزب الشيوعي) وقوى "المستقبل" (تضم مجموعة أحزاب بعضها شارك في الحوار في بدايته وانسحب، بينها حركة الإصلاح الآن برئاسة غازي صلاح الدين، ومنبر السلام العادل بزعامة خال الرئيس السوداني الطيب مصطفى). وتلاقت مطالب تلك القوى حول شروط المشاركة في الحوار، أهمها عقد مؤتمر تحضيري خارج السودان بمشاركة كافة القوى بلا استثناء، وتهيئة مناخ الحوار عبر إتاحة الحريات وإطلاق سراح الأسرى والمحكومين سياسياً إلى جانب وقف الحرب في مناطق النزاع.
وحمّلت قوى "نداء السودان"، في بيان أصدرته السبت الماضي، الحكومة مسؤولية إيصال الأطراف السودانية إلى طريق مسدود وما ستؤول إليه الأوضاع، من خلال إصرارها على المضي قدماً في عملية الحوار بمن حضر، مجددة التزامها بخيار الانتفاضة الشعبية لإسقاط النظام والعمل جاهدة لتنفيذ ذلك الهدف سلمياً.
وكان البشير، قد أكد خلال افتتاح أعمال البرلمان يوم الإثنين الماضي، السير قدماً في عملية الحوار وعقد المؤتمر العام في موعده المحدد، لكنه في الوقت نفسه ترك الباب موارباً أمام من يرغب بالالتحاق بالوثيقة الوطنية التي يُنتظر أن تصدر عن المؤتمر، وتمثّل توجّهاً لإدارة المرحلة المقبلة. ويرى مراقبون أن الحكومة تلعب الأوراق الجديدة في يدها والمتصلة بالدور المنتظر منها دولياً وإقليمياً في ملفات مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر، فضلاً عن الاختراقات التي أحدثتها أخيراً في المحيط العربي والأفريقي في ما يتصل بعلاقاتها مع تلك القوى، مع تراجع توازنات القوى في ما يخص الحركات المسلحة والقوى المعارضة عموماً في ظل التعقيدات التي شملت العالم ككل.
ويعتقد مراقبون أن القوى المعارضة والمسلحة نفسها ضغطت في اتجاه أن تعقد الحكومة المؤتمر في الموعد المحدد، عبر استفزازها بين الحين والآخر، باعتبار أن الخطوة ستجعل هذه القوى في حلّ من حوار الوثبة، لتبدأ حواراً جديداً مع الحكومة منفردة، يصعب على الأخيرة التحكم فيه باستغلال مجموعة الأحزاب المتحالفة معها في لجنة "7+7" والتي تضم 99 حزباً مشاركاً في الحوار، الأمر الذي يهيئ الجو التفاوضي لتلك القوى المعارضة، خصوصاً أن الحوار الذي من الممكن عقده سيستعين بمخرجات الحوار الحالي، التي تتفق تلك القوى على جزء كبير منها.
وكانت قوى "نداء السودان" قد توافقت في اجتماعها الذي انتهى قبل أيام في أديس أبابا، على ورقة تفاوضية حول رؤيتها لقضية الحوار، تضمّنت خمسة محاور، ورسمت خطوطاً عريضة حول تهيئة مناخ الحوار وهيكلة وإدارة الحوار، وحددت نقطة البداية في إيقاف الحرب وتوفير الحريات وعقد المؤتمر التحضيري وفقاً لقرارات مجلسي السلم الأفريقي والأمن الدولي، إضافة إلى قضايا تتصل بالرئاسة المتوافق عليها لإدارة الحوار والمراقبة الدولية والإقليمية للعملية فضلاً عن ضمانات تنفيذ المخرجات.
ويرى المحلل السياسي، أحمد ساتي، أن الورقة التفاوضية التي وضعتها قوى "نداء السودان" لإدارة الحوار، تؤكد تماماً تجاهل تلك القوى لمرحلة خريطة الطريق وحوار الخرطوم الحالي، خصوصاً أنها في الكثير من النقاط تحصر الأمر بينها والقوى الممانعة كطرف والحكومة كطرف موازٍ، على الرغم من الإشارة إلى لجنة الـ"7+7" وفق ما ورد في الخريطة حتى لا يؤخذ عليها المبادرة بالتنصل منها.
وبدا حزب المؤتمر الشعبي الأكثر تشدداً في عقد المؤتمر التحضيري في مواعيده، ووفق مصادر فإن الأخير هدد بالانسحاب من العملية برمتها في حال تأجل المؤتمر. واعتبر الأمين السياسي لـ"المؤتمر الشعبي"، كمال عمر عبدالسلام، أن قوى "نداء السودان" غير راغبة في الحوار نظراً للورقة التي أعدتها، والتي اعتبر أنها تجاهلت تماماً خريطة الطريق التي وقّعتها تلك القوى مع الحكومة، مشدداً على أن تأجيل المؤتمر أمر مستحيل. وقال إنه يقود حملة بنفسه لمنع أية محاولات للتأجيل، داعياً القوى المعارضة للحوار لتكون أكثر شجاعة وتعترف بنجاح الحوار وبالتوصيات التي توصل لها.
ويتوقع المحلل السياسي، ماهر أبو الجوخ، أن تستخدم الحكومة مخرجات المؤتمر العام للحوار في المناورات السياسية، معتبراً أنه بالنهاية ليس هناك خيار أمام الطرفين سوى الجلوس والتفاوض نظراً للضغوط المفروضة عليهما.
ويُنتظر أن يُقر المؤتمر العام للحوار نحو 994 توصية وضعتها لجان الحوار الست خلال المؤتمر، الذي انتهى في فبراير/شباط الماضي، من ضمنها توصيات تتصل باستحداث منصب رئيس وزراء بصلاحيات محدودة، وإضافة 120 مقعداً للبرلمان، فضلاً عن الاتفاق على فترة انتقالية لمدة عامين تتشكل خلالها حكومة وفاق وطني، وإقرار نحو تسعة مبادئ متصلة بالحريات العامة.