فور إعلان الحكومة الكويتية عن نجاحها في تمرير قانون البصمة الوراثية الجديد، تصاعد الجدل في الشارع السياسي والاجتماعي والحقوقي. حذر البعض من خطورة القانون على التركيبة السكانية والاجتماعية، وأخطاره على المدى القريب والبعيد، وإمكانية انهيار مجتمعي كامل، إذا ما سارت الحكومة في تطبيقه، كما يقول نشطاء ومتخصصون في الشأن الاجتماعي.
وكانت الحكومة قد استغلت الهجوم الانتحاري على مسجد الإمام الصادق في منطقة الصوابر، في قلب العاصمة الكويت، صيف عام 2015، لتمرر القانون في البرلمان بعده بعشرة أيام فقط. لكنّ خبراء سياسيين يرجحون أنّ القانون كان يُعدّ له منذ سنوات طويلة، وأنّ حادث التفجير لم يشكل أكثر من فرصة سنحت للحكومة كي تستغلها وتمرره رغم ما فيه من انتهاكات قانونية وحقوقية.
ويهدف القانون الذي يتكون من 13 مادة إلى جمع عينات البصمة الوراثية من المواطنين والوافدين وكلّ من دخل الأراضي الكويتية. ويعاقب من امتنع عن إعطاء بصمته الوراثية بالحبس عاماً واحداً والغرامة بمبلغ لا يزيد على 10 آلاف دينار (نحو 30 ألف دولار).
يقول طبيب في الأدلة الجنائية، يرفض الكشف عن اسمه لـ "العربي الجديد": "أمر صعب ولا يمكن تطبيقه، ولم يطبق من قبل حتى في الدول الأكثر انتهاكاً للخصوصية الشخصية. ومن منظور تخصصي، فإنّ العينات المخزنة، وبسبب كثرتها وقلة الطاقم الطبي المشرف عليها، فإنّ فرصة وجود عينات خاطئة أو تطابق غير صحيح في العينات، كبيرة جداً، مما قد يعرّض عائلات كاملة للخطر، ويلقي بأشخاص أبرياء في السجون لفترات طويلة. والمشروع مكلف مادياً ويستنزف القدرات الطبية في الدولة".
وفي سياق قانوني، يقول الأستاذ في كلية الحقوق في جامعة الكويت د. فواز الجدعي لـ "العربي الجديد": "القانون الصادر بمشروع حكومي، والذي يُلزم جميع المواطنين والمقيمين في الكويت بإجراء فحص الحمض النووي، وتخزين تلك المعلومات، بل والحكم بالسجن والغرامة الباهظة على الممتنع عن إجراء الفحص، أو المزور، يعتبر أول قانون من هذا النوع تقوم به أي دولة أو برلمان. ولقد استمعت إلى تبريرات وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، في أنّ سبب الفحص هو الحادثة الإرهابية في مسجد الإمام الصادق، وإن كان هذا عذراً فإنه يمثل ردة فعل غير مبررة على الإطلاق في شرعنة هذا النوع من الإجراءات".
اقــرأ أيضاً
وكانت الحكومة قد استغلت الهجوم الانتحاري على مسجد الإمام الصادق في منطقة الصوابر، في قلب العاصمة الكويت، صيف عام 2015، لتمرر القانون في البرلمان بعده بعشرة أيام فقط. لكنّ خبراء سياسيين يرجحون أنّ القانون كان يُعدّ له منذ سنوات طويلة، وأنّ حادث التفجير لم يشكل أكثر من فرصة سنحت للحكومة كي تستغلها وتمرره رغم ما فيه من انتهاكات قانونية وحقوقية.
ويهدف القانون الذي يتكون من 13 مادة إلى جمع عينات البصمة الوراثية من المواطنين والوافدين وكلّ من دخل الأراضي الكويتية. ويعاقب من امتنع عن إعطاء بصمته الوراثية بالحبس عاماً واحداً والغرامة بمبلغ لا يزيد على 10 آلاف دينار (نحو 30 ألف دولار).
يقول طبيب في الأدلة الجنائية، يرفض الكشف عن اسمه لـ "العربي الجديد": "أمر صعب ولا يمكن تطبيقه، ولم يطبق من قبل حتى في الدول الأكثر انتهاكاً للخصوصية الشخصية. ومن منظور تخصصي، فإنّ العينات المخزنة، وبسبب كثرتها وقلة الطاقم الطبي المشرف عليها، فإنّ فرصة وجود عينات خاطئة أو تطابق غير صحيح في العينات، كبيرة جداً، مما قد يعرّض عائلات كاملة للخطر، ويلقي بأشخاص أبرياء في السجون لفترات طويلة. والمشروع مكلف مادياً ويستنزف القدرات الطبية في الدولة".
وفي سياق قانوني، يقول الأستاذ في كلية الحقوق في جامعة الكويت د. فواز الجدعي لـ "العربي الجديد": "القانون الصادر بمشروع حكومي، والذي يُلزم جميع المواطنين والمقيمين في الكويت بإجراء فحص الحمض النووي، وتخزين تلك المعلومات، بل والحكم بالسجن والغرامة الباهظة على الممتنع عن إجراء الفحص، أو المزور، يعتبر أول قانون من هذا النوع تقوم به أي دولة أو برلمان. ولقد استمعت إلى تبريرات وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، في أنّ سبب الفحص هو الحادثة الإرهابية في مسجد الإمام الصادق، وإن كان هذا عذراً فإنه يمثل ردة فعل غير مبررة على الإطلاق في شرعنة هذا النوع من الإجراءات".
يضيف الجدعي: "لدينا ملاحظات كثيرة على هذا القانون، منها أنّه ينطوي على شبهات متعددة بعدم الدستورية، يتعلق أولها بأن الحمض النووي يعبر عن هوية الإنسان الجينية والوراثية، والتي تصاحبه قبل أن يولد وتستمر معه بعد موته، ولا يحق لأحد أن يطّلع عليها، ما لم يكن هذا الأمر برضا وقبول صاحب الشأن، وإلاّ يعتبر انتهاكاً للحق في الخصوصية، وهو من الحقوق التي يحميها الدستور والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".
وبحسب الجدعي، فإنّ القانون "يخلق قاعدة بيانات ضخمة جداً تحتوي على عينات الحمض النووي للجميع من دون استثناء مما قد يعرّض هذه المعلومات إلى سوء الاستخدام ونزع الثقة في إساءة استعمالها من قبل الجهات الرسمية أو الخطأ". ويرى الجدعي أنه وحتى لو كانت نتائج فحص الحمض النووي محايدة، فإنّ الجهاز القائم والمشرف على النتائج وتخزينها قد لا يكون محايداً في التعامل مع العينات. ويضيف: "هناك تعارض مصالح واضح في أنّ جهة إجراء الاختبار هي ذات الجهة التي تُحقق في الجرائم، كما أنها تعطي للحكومة سلطة غير مسبوقة في التحكم في الإنسان ، كما أنّ معرفة نتائج فحص الحمض النووي تؤدي إلى معرفة معلومات سرية مخزونة في الخلايا عن الأفراد منها سلوكياتهم".
ويختم الجدعي: "لو افترضنا وجود عينة شخص بالصدفة في محل الجريمة، فإنها ستؤدي بعد الاعتماد الكلي على فحوصات الحمض النووي، إلى إدانته، مما سيسبب حالة هلع في نفوس المقيمين والزائرين في الكويت، من سقوط أي شعرة من الجسم أو قطعة من الأظافر أو اللعاب بل وسيضطر إلى حفظها وإتلافها بنفسه كي لا تتواجد مصادفة في أي موقع جريمة".
من الناحية الاجتماعية، يقول المصلح الاجتماعي في محكمة الأسرة في الكويت عبد العزيز الدوسري لـ"العربي الجديد": "هذا القانون سيهدم البيوت على رؤوس أصحابها، وسيدفع بالكثير من الأسر إلى الطلاق أو إلى التشتت. هناك أشخاص لديهم أمراض نفسية سيأتون بأبنائهم الذين يشكّون بهم إلى المحكمة ويطالبون بالفحص الوراثي لهم وهو ما سيفتح باب شر على المجتمع".
يضيف الدوسري: "لست سوداوياً، لكننا في المحكمة نطَلع على قضايا فيها أشخاص فقدوا عقولهم ولديهم حالات شك وأمراض نفسية، يشكّون بأبنائهم ويتهمون زوجاتهم، فما بالك إذا تم تطبيق هذا القانون وأصبح وجوده شرعياً في المحاكم".
فور صدور القانون صرّحت مديرة مكتب الشرق الأوسط لدى منظمة "هيومن رايتس ووتش" سارة ليا ويتسون: "العديد من الإجراءات يمكن أن تكون مفيدة في الحماية من هجمات إرهابية، لكنّ الفائدة المحتملة ليست عاملاً كافياً لتبرير تعدٍ واسع على حقوق الإنسان".
بدورهم، يرى مراقبون سياسيون، أنّ للقانون أهدافاً سياسية غير معلنة، فهو يهدف إلى إضافة ورقة جديدة إلى الأوراق الحكومية الساعية إلى الضغط على المعارضين.
اقــرأ أيضاً
وبحسب الجدعي، فإنّ القانون "يخلق قاعدة بيانات ضخمة جداً تحتوي على عينات الحمض النووي للجميع من دون استثناء مما قد يعرّض هذه المعلومات إلى سوء الاستخدام ونزع الثقة في إساءة استعمالها من قبل الجهات الرسمية أو الخطأ". ويرى الجدعي أنه وحتى لو كانت نتائج فحص الحمض النووي محايدة، فإنّ الجهاز القائم والمشرف على النتائج وتخزينها قد لا يكون محايداً في التعامل مع العينات. ويضيف: "هناك تعارض مصالح واضح في أنّ جهة إجراء الاختبار هي ذات الجهة التي تُحقق في الجرائم، كما أنها تعطي للحكومة سلطة غير مسبوقة في التحكم في الإنسان ، كما أنّ معرفة نتائج فحص الحمض النووي تؤدي إلى معرفة معلومات سرية مخزونة في الخلايا عن الأفراد منها سلوكياتهم".
ويختم الجدعي: "لو افترضنا وجود عينة شخص بالصدفة في محل الجريمة، فإنها ستؤدي بعد الاعتماد الكلي على فحوصات الحمض النووي، إلى إدانته، مما سيسبب حالة هلع في نفوس المقيمين والزائرين في الكويت، من سقوط أي شعرة من الجسم أو قطعة من الأظافر أو اللعاب بل وسيضطر إلى حفظها وإتلافها بنفسه كي لا تتواجد مصادفة في أي موقع جريمة".
من الناحية الاجتماعية، يقول المصلح الاجتماعي في محكمة الأسرة في الكويت عبد العزيز الدوسري لـ"العربي الجديد": "هذا القانون سيهدم البيوت على رؤوس أصحابها، وسيدفع بالكثير من الأسر إلى الطلاق أو إلى التشتت. هناك أشخاص لديهم أمراض نفسية سيأتون بأبنائهم الذين يشكّون بهم إلى المحكمة ويطالبون بالفحص الوراثي لهم وهو ما سيفتح باب شر على المجتمع".
يضيف الدوسري: "لست سوداوياً، لكننا في المحكمة نطَلع على قضايا فيها أشخاص فقدوا عقولهم ولديهم حالات شك وأمراض نفسية، يشكّون بأبنائهم ويتهمون زوجاتهم، فما بالك إذا تم تطبيق هذا القانون وأصبح وجوده شرعياً في المحاكم".
فور صدور القانون صرّحت مديرة مكتب الشرق الأوسط لدى منظمة "هيومن رايتس ووتش" سارة ليا ويتسون: "العديد من الإجراءات يمكن أن تكون مفيدة في الحماية من هجمات إرهابية، لكنّ الفائدة المحتملة ليست عاملاً كافياً لتبرير تعدٍ واسع على حقوق الإنسان".
بدورهم، يرى مراقبون سياسيون، أنّ للقانون أهدافاً سياسية غير معلنة، فهو يهدف إلى إضافة ورقة جديدة إلى الأوراق الحكومية الساعية إلى الضغط على المعارضين.