الحل هو الحل..

18 ديسمبر 2014
أضحت التساؤلات تيارًا يعارض، وإن على استحياء (Getty)
+ الخط -

كالعادة: الطريقة الأفضل للتفكير بصورة متحررة من الخطاب السائد؛ هي طرح الأسئلة الحقيقية، التي يتجاهلها الناس بقصد أو بدون قصد.


***

في 25 يناير، خرج آلاف المصريين يهتفون ضد حبيب العادلي، أو رأس الشيطان. صديقي قال لي يوم 26 يناير: الجمعة القادمة نهتف: "الشعب يريد إسقاط النظام"، وهو ما فعلناه، وكل الجموع التي يقولون إنها كانت ملايين، ممثلة لفئات وشرائح متباينة من شعب تدار ثروته "الريعية" بعيدًا عن مداركه.
في 11 فبراير قيل لنا إن النظام سقط.


***

"يظل الجسم على حالته الحركية، ما لم تؤثر عليه قوة تغيّر هذه الحالة".. قانون نيوتن الأول.
يظل النظام على حالته ما لم تثر عليه حركة احتجاج منظمة و"جذرية"، ونحن لا نمتلك واحدة.


***

الثورات الديمقراطية تخلق مساحات حرّة لتحركات سياسية منظمة، لممثلي المصالح الطبقية الواضحة، وتفتح مجالات للاشتباك المباشر. في مصر 3 جبهات فاعلة أساسية: الإخوان، الجيش والداخلية/القضاء/الإعلام أو ما يمكن تسميتهم بالطفيليات، وهي كائنات تقتات على الفتات، وستبذل كل مجهود قذر في سبيل الحفاظ على هذه المصلحة، على أمل كسب الضخامة واللعب كرقم واحد.


***

الجيش والإخوان أولاد عمّ، تتشابه مصالحهم الطبقية، وتتشابك، والصراع ما بين شريحتين في طبقة، صراع حتمي، كما أن القضاء على الطفيليات ضرورة منطقية، وكان في يد الإخوان بدايةً من يوليو/تموز 2012 أن يتخلصوا من الطفيليات.. دعونا نقول من الشيطان تحديدًا: الداخلية، ولكن سببًا ما يعلمه الله وحده، ونخمن أنه سوء تقدير بدرجة الغباء، جعلهم يعتقدون أن هذه الطفيلية القذرة، ستخضع لسلطتهم، وستكون أداتهم.


***

في تحقيق لوكالة "رويترز" نشر في أكتوبر/تشرين الأول 2013، بعنوان "القوة الحقيقية وراء ثورة الدولة في مصر"، يشير إلى أن القوة التي أدارت الانقلاب، بداية من التظاهرات المفبركة وحتى إعلان السيسي؛ هي أمن الدولة أو ما يسمى بالأمن الوطني. إنها الداخلية التي لم يحلها الإخوان الدولتيون بحكم موقعهم الطبقي. ويا للهول، تحالفَ الجيش مع الداخلية لإنهاء وجود الإخوان، وكان أمرًا خلّاقًا سباقًا.


***

خلال شهر ونصف تقريبًا، بعيد 3 يوليو/تموز 2013، وقعت عدة مجازر، ثم المحرقة الكبرى، ثمّ حدث معنوي في غاية الأهمية، وهو تساؤلات خجلة عن جدية تنظيم الإخوان في صراعه ضد العسكر. ثمّ يعلو الصوت تدريجيًا، وفي 25 يناير الرابعة، أضحت التساؤلات تيارًا يعارض، وإن على استحياء: "لقد كُذب علينا، لا بشكل مطلق، ولكن القيادة خدعتنا عدة مرات، ولأن الضغط الخارجي قوي، سنتحد ونبتلع ونصمت"، حتى لو قال مرسي من داخل زنزانته، في تسريب له، إن "الدولة" هي "صندوق أسود" يجب الحفاظ عليه؛ قال ذلك وهو معتقل إثر انقلاب من الدولة عليه!


***

تنتهي المعارك إما بالتفاوض أو القضاء تمامًا على واحد من الطرفين، وهذا النوع الثاني يسمى المعارك الصفرية، وغالبًا في المعارك الصفرية يتم استنزاف كل شيء وكل أحد، لسبب أو لغير سبب، وفي النهاية كلا الطرفان سيخسر، وإن بدرجة متفاوتة، إلا أن يكون أحدهما ضعيفاً، من حيث إنه غبي، أو من حيث الصراعات الداخلية، أو من حيث كلاهما، ومع خصم كهذا ستكون المعركة محسومة للآخر دون خسائر فادحة من جانبه.


***

وبعد أن كذبوا وخدعوا، انكشفت استراتيجيتهم: لا استراتيجية، وباتوا مشغولين بالتبرير للصف الداخلي أسباب تعمدهم الغباء، ما أضعف موقفهم في الصراع مع العسكر، وأصبحت المعركة محسومة، ويبدو أنها كانت كذلك منذ قرر الإخوان أنه بالإمكان التعامل مع داخلية مبارك كما هي، وأن السيسي رجل مؤمن، والمؤمن مؤتمن كما نعلم جميعًا.


***

وقد تنتهي المعارك أيضًا إذا قرر أحد طرفيها الانسحاب، وهي طريقة ذكية لتدارك فشل متراكم، ولإنقاذ أرواحٍ أخرى بريئة وجدت نفسها فجأة في معركة مع عدو، بالأمس كان يشار إليه كـ"رجال من ذهب".


***

يبدو أن الحلّ صار حتميًا، ليس لأننا نكره الإخوان أو نحبهم، ليس لأي دافع ذاتي، إنه سيحدث في كل الأحوال، سواء كان حلًا منهم، أو تحللًا من الواقع الذي لم يستجيبوا له، وأرهقوا بشرييه في الوهم.


***

الحل هو الحل تداركًا لجرائمهم في حق المنطق، والمسؤولية الإنسانية المتمثلة في العقل والقدرة على التفكير.. وللوطن ربّ يحميه.


*مصر

المساهمون