19 ابريل 2021
الحل المستحيل
لا جدوى من تجديد الحديث عن انعدام الشعور بالمسؤولية لدى أهل النظام الأسدي في كل ما يتصل بمكونات المجتمع السوري، وخصوصاً منها المكوّن العلوي الذي ألقوا به إلى محرقة دمرته، لن يبقى بعدها ما كان عليه قبلها، عدديا ومجتمعيا، سياسيا واجتماعيا. لو كان عند أهل النظام أدنى شعور بالمسؤولية عن شعب"هم"، لما عاملوه بعنف خمسين عاما، ولأحجموا عن إطلاق النار على متظاهرين شبّان، غالبا طالبوا سلميا بحريتهم، ولتذكّروا أن الحرية أحد وعود حزبهم للعرب، وليست مؤامرة إمبريالية/ صهيونية، ولبادروا إلى إجراء إصلاح طالما تحدث الأسد الأب عن ضرورته في سنواته الأخيرة، ولما حالوا، بجميع الوسائل، دون حل توافقي لأزماتٍ افتعلوها، للسيطرة على الشعب، وصرفه عن الاهتمام بقضاياه العامة ومشكلاته المستعصية، التي أنتجتها سياساتهم في جميع المجالات والأصعدة، ولسارعوا إلى تلبية مطالب مواطنيهم، ولتجنبوا شن حرب إبادة وتدمير شاملة عليهم، أجبرتهم على الدفاع عن وجودهم بقوة السلاح. بدل أن يرفض أهل النظام الحل العسكري/ الأمني، ويروا فيه ضربا من الاستحالة، جعلوا الحل الإصلاحي/ السلمي، الكفيل وحده بإنقاذ دولة سورية ومجتمعها، مستحيلا، والمطالبة به خيانة وطنية عقوبتها الموت قتلا. لذلك، شرعوا يطلقون النار على مواطني"هم"، إناثا وذكورا، ويستهدفون بالقتل الشبان منهم بصورة خاصة، حتى صار مجرد أن المرء شاب سببا كافيا لقتله، فلا عجب أن غطت دماء الشباب أرض سورية من أقصاها إلى أدناها.
لم تكن هذه السياسة الإجرامية وقتية، بل خيارا تبناه النظام ورعاه، منذ استولى الأسد الأب على السلطة عام 1970، وتصرّف وكأن سورية لا تتسع للنظام والشعب، وأن حضور أحدهما لا بد أن يغيب حضور الآخر، فلا مكان لأي توافق أو تعايش عادي أو طبيعي بينهما، ولا علاج لأي خلاف بينهما غير العنف الأقصى (الرادع) الذي لا بأس إن بلغ حال حربٍ يخوضها جيشه المستعد لها أولوية أمنية عليا، بالنظر إلى أن عدو الداخل أشد خطرا من أي عدو خارجي، وخصوصاً إسرائيل.
واليوم، وبعد قرابة ستة أعوام من حربٍ مجنونةٍ شنها الأسد على السوريات والسوريين، تعترف دول العالم جميعها باستحالة الحل العسكري، وبالنتيجة باستحالة عودة سورية إلى وضعها الأسدي الذي عاشته قبل ثورتها، نرى الأسدية تصر على حلها المستحيل، وتضع السوريين والعالم أمام خيارٍ لا مهرب منه، هو إرغامها على قبول حل سياسي يجبرها على دفع الأثمان المناسبة لما ارتكبته من جرائم ضد شعب"ها"، وشعوب الدنيا التي عرضتها بوحشيتها المنقطعة النظير لمخاطر وتحديات كارثية، فرضت على عديد من بلدانها أعباءً ومراجعاتٍ استراتيجية ثقيلة الوطأة وغير مسبوقة، علها تحول دون انتقال الإرهاب، وخصوصاً منه الأسدي، إليها، ومن دون توريطها في حروبٍ سرية وعلنية في بلدانها، وعلى أرض سورية، يحتّمها الارتباط الجدلي بين سياسات الأسد السورية وما يعيشه المجتمع الدولي من انعكاساتٍ ناجمةٍ عنها، ويصيب علاقات وأوزان قواه من تبدلاتٍ تقوّض توازناته، وتنتهك قيمه وتشل مؤسساته، ويرجّح كثيرون أن تنتج نظاما دوليا أشد سوءا من نظامه الحالي الذي تخلق بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، وتلاشي نظام القطبية الثنائية.
على الرغم من أستانه، وما بذله الروس والأتراك من جهد لإحداث انعطافةٍ سورية يمهد الالتزام بها لحل سياسي، أعلن بشار الجعفري، ممثل الأسدية فيها، رفض نظامه التخلي عن الحل العسكري، المستحيل سورياً وإقليميا ودوليا، كما رفض التقيد بوقف إطلاق النار، بذريعة محاربة الإرهاب، ضاربا عرض الحائط رغبة السوريين، وغيرهم من المطالبين بالسلام في وقف إراقة دماء الأبرياء، والتعاون ضد الإرهاب المزدوج، الآتي من الدولة الاستبدادية التي لا تعتمد سبيلا آخر للتعامل مع شعبها غير العنف، وذاك الذي تمارسه تنظيماتٌ مذهبيةٌ لعب الاستبداد الأسدي دورا كبيرا في تأسيسها، وكذلك التعاون لوضع حد للحل الأسدي المستحيل: منتج الفوضى والموت قرابة ستة أعوام، والمتسم بعبثيةٍ مطلقة على الصعيدين، السياسي والعسكري، وسفك بحارا من الدماء، من دون أن يكون لها إلى اليوم أي عائد سياسي.
إلى متى يبقى العالم صامتا حيال نظامٍ يرفض أي حل سياسي لمعضلةٍ تسبب بها، ويصر على حله العسكري المستحيل من جهة، والعاجز، من جهة أخرى، عن مواجهة أزمات سياسية/ اجتماعية لم يسبق لحلٍ عنيف أن نجح في التخلص منها، على الرغم من أن ناتجها الأوحد كان دوما أنهارا من دماء الأبرياء، وأزمات غطت أربع أقطار الأرض، وقوّضت عيش مواطنيها الآمنين؟
لم تكن هذه السياسة الإجرامية وقتية، بل خيارا تبناه النظام ورعاه، منذ استولى الأسد الأب على السلطة عام 1970، وتصرّف وكأن سورية لا تتسع للنظام والشعب، وأن حضور أحدهما لا بد أن يغيب حضور الآخر، فلا مكان لأي توافق أو تعايش عادي أو طبيعي بينهما، ولا علاج لأي خلاف بينهما غير العنف الأقصى (الرادع) الذي لا بأس إن بلغ حال حربٍ يخوضها جيشه المستعد لها أولوية أمنية عليا، بالنظر إلى أن عدو الداخل أشد خطرا من أي عدو خارجي، وخصوصاً إسرائيل.
واليوم، وبعد قرابة ستة أعوام من حربٍ مجنونةٍ شنها الأسد على السوريات والسوريين، تعترف دول العالم جميعها باستحالة الحل العسكري، وبالنتيجة باستحالة عودة سورية إلى وضعها الأسدي الذي عاشته قبل ثورتها، نرى الأسدية تصر على حلها المستحيل، وتضع السوريين والعالم أمام خيارٍ لا مهرب منه، هو إرغامها على قبول حل سياسي يجبرها على دفع الأثمان المناسبة لما ارتكبته من جرائم ضد شعب"ها"، وشعوب الدنيا التي عرضتها بوحشيتها المنقطعة النظير لمخاطر وتحديات كارثية، فرضت على عديد من بلدانها أعباءً ومراجعاتٍ استراتيجية ثقيلة الوطأة وغير مسبوقة، علها تحول دون انتقال الإرهاب، وخصوصاً منه الأسدي، إليها، ومن دون توريطها في حروبٍ سرية وعلنية في بلدانها، وعلى أرض سورية، يحتّمها الارتباط الجدلي بين سياسات الأسد السورية وما يعيشه المجتمع الدولي من انعكاساتٍ ناجمةٍ عنها، ويصيب علاقات وأوزان قواه من تبدلاتٍ تقوّض توازناته، وتنتهك قيمه وتشل مؤسساته، ويرجّح كثيرون أن تنتج نظاما دوليا أشد سوءا من نظامه الحالي الذي تخلق بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، وتلاشي نظام القطبية الثنائية.
على الرغم من أستانه، وما بذله الروس والأتراك من جهد لإحداث انعطافةٍ سورية يمهد الالتزام بها لحل سياسي، أعلن بشار الجعفري، ممثل الأسدية فيها، رفض نظامه التخلي عن الحل العسكري، المستحيل سورياً وإقليميا ودوليا، كما رفض التقيد بوقف إطلاق النار، بذريعة محاربة الإرهاب، ضاربا عرض الحائط رغبة السوريين، وغيرهم من المطالبين بالسلام في وقف إراقة دماء الأبرياء، والتعاون ضد الإرهاب المزدوج، الآتي من الدولة الاستبدادية التي لا تعتمد سبيلا آخر للتعامل مع شعبها غير العنف، وذاك الذي تمارسه تنظيماتٌ مذهبيةٌ لعب الاستبداد الأسدي دورا كبيرا في تأسيسها، وكذلك التعاون لوضع حد للحل الأسدي المستحيل: منتج الفوضى والموت قرابة ستة أعوام، والمتسم بعبثيةٍ مطلقة على الصعيدين، السياسي والعسكري، وسفك بحارا من الدماء، من دون أن يكون لها إلى اليوم أي عائد سياسي.
إلى متى يبقى العالم صامتا حيال نظامٍ يرفض أي حل سياسي لمعضلةٍ تسبب بها، ويصر على حله العسكري المستحيل من جهة، والعاجز، من جهة أخرى، عن مواجهة أزمات سياسية/ اجتماعية لم يسبق لحلٍ عنيف أن نجح في التخلص منها، على الرغم من أن ناتجها الأوحد كان دوما أنهارا من دماء الأبرياء، وأزمات غطت أربع أقطار الأرض، وقوّضت عيش مواطنيها الآمنين؟