الحكومة المصرية تزاحم القطاع الخاص على الإسكان الفاخر... والشركات قلقة من إزاحتها

09 أكتوبر 2018
القطاع الخاص يخشى الركود (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

بدأت الحكومة المصرية في طرح المزيد من مشروعات الإسكان الفاخر، في العديد من المدن العمرانية الجديدة، في منافسة قد تزيح القطاع الخاص من هذه السوق، بعد أن نجحت خلال السنوات الأربع الماضية في بسط نفوذها على الإسكان الاجتماعي والمتوسط.

وأعلنت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، التابعة لوزارة الإسكان، يوم الجمعة الماضي، عن فتح باب الحجز لنحو 7 آلاف وحدة سكنية فاخرة بنظام الكمبوند (تجمعات مغلقة) في 6 مدن، منها أربع بالقاهرة ممثلة في الشيخ زايد، السادس من أكتوبر، العبور، الشرق، واثنتان خارج العاصمة ممثلة في دمياط الجديدة (على ساحل البحر المتوسط شمال) والمنيا الجديدة (جنوب).

ويسيطر القلق على شركات القطاع الخاص، الذي بدأ يعاني من ركود في الأسواق منذ بداية العام الجاري، بعد الارتفاعات غير المسبوقة التي شهدتها أسعار العقارات، وقلة السيولة لدى الكثير من المصريين في ظل تزايد الأعباء المعيشية وتراجع قدراتهم الشرائية.

وباتت المنافسة بين الحكومة والقطاع الخاص غير متكافئة وفق مطورين عقاريين، حيث تنخفض كلفة المشروعات لدى الدولة التي لا تتحمل أي مبالغ في الحصول على الأراضي، فضلا عن الدعاية السياسية لمشروعاتها، وتسليم المشروعات كاملة التشطيب في آجال زمنية أقل كثيراً من القطاع الخاص مع تسهيلات عدة في السداد.

وقبل نحو أسبوع، وجه الملياردير المصري نجيب ساويرس، انتقادات لمزاحمة الدولة شركات القطاع الخاص في مشاريع الإنشاء والإسكان، وقال إن هناك شركات قطاع خاص مخصصة لمثل هذه المشاريع، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الألمانية نهاية سبتمبر/أيلول الماضي.

وقال ساويرس: "نحن بحاجة إلى تقليص تدخل الحكومة في قطاع الأعمال، ولا بد كذلك من تشجيع القطاع الخاص. نحن لا يزال أمامنا العديد من المشكلات".

وازدادت في السنوات الماضية أسعار العقارات في مصر بشكل مبالغ فيه، في الوقت الذي اتجه تركيز الدولة ومؤسساتها لقطاع العقارات والاستثمار العقاري والسياحي، بجانب دخول القوات المسلحة بقوة إلى هذا المجال، وأصبح هذا النوع من الاستثمار هو الشغل الشاغل للحكومة، وكثيرا ما تلاحظ أن الدولة هي التي تضارب في العقارات، وفق محللين.

ويقول عبدالله عمر، مسوق عقاري في حديث لـ"العربي الجديد"، إن دخول الحكومة في مشاريع الإسكان الفاخر، حوّل بوصلة العملاء من اتجاه شركات التطوير العقاري الخاصة، إلى المشاريع الحكومية، وهو ما أثر بشكل مباشر وملموس على مبيعات الشركات الخاصة، حيث تصب المنافسة في صالح الحكومة، فالدعاية السياسية لمشاريعها كفيلة بترويجها، كما أن العميل مازال ينظر لمثل هذه المشاريع بأنها أكثر أمانًا، من منظور أنها حكومية.

ويشير عمر إلى أن أكثر الخاسرين من هذه المنافسة هي العمالة، فكلما اشتدت حالت الركود، سرعان ما تستغني هذه الشركات عن جزء من عمالتها، لتقليل النفقات، بينما يعمل في قطاع التشييد والبناء مئات الآلاف.

وحذر المركز المصري للدراسات الاقتصادية في دراسة له خلال سبتمبر/أيلول الماضي من حدوث أزمة محتملة في السوق العقاري المصري، مشابهة لما حدث في الصين بداية من عام 2008، والمعروفة بـ"مدن الأشباح".

وعبرت الدراسة عن قلقها من ارتفاع نسبة مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي الإجمالي إلى 16.2%، على اعتبار أن حدوث أي أزمات في هذا القطاع، سيؤثر حتما سلباً في الاقتصاد بشكل عام.

ويشير أحمد عبد اللطيف، المدير التنفيذي لإحدى شركات التطوير العقاري، إلى أن أغلب الشركات العقارية تطرح تسهيلات كبيرة في السداد تصل إلى 10 سنوات وأكثر من أجل بيع وحداتها، لكن تظل المنافسة مع الحكومة في غير مصلحتها.

وأوضح عبداللطيف في حديث لـ"العربي الجديد" أن الحكومة تعلن عن تسليم وحداتها في مدد تقل عن عام ونصف العام من حجز الوحدة وباتت تطرح آجال للسداد بنظام الفائدة بعد ثلاث سنوات من السداد، بينما أغلب الشركات الخاصة تسلم مشروعاتها في فترات لا تقل عن أربع سنوات ما يجعل العميل يفضل المشروعات الحكومية باعتبارها أكثر أمانا بغض النظر عن جودة التشطيب وكفاءة الخدمات المرافقة للمشروعات.

وأعلنت وزارة الإسكان أن نسبة تنفيذ المشروعات الفاخرة التي قررت بدء حجزها ابتداء من 14 أكتوبر/تشرين الأول الجاري تصل إلى 55%، مشيرة إلى أن التسليم سيتم خلال 18 شهرا من حجز الوحدة.

المساهمون