الحكومة المصرية تحمّل المواطنين كلفة مواجهة أزمة كورونا

10 مايو 2020
توقف ما يقارب نصف الاقتصاد المصري (Getty)
+ الخط -
يعيش النظام المصري واحدة من أسوأ الأزمات التي واجهها منذ انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013، وذلك بسبب تداعيات أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، وتأثيراته السلبية على الاقتصاد المصري. وبحسب مصادر رسمية تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن الفترة المقبلة تعد الأسوأ، نتيجة فشل الاتصالات التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي بشكل شخصي مع عدد من حلفائه وداعميه في الخليج، وفي مقدمتهم السعودية والإمارات، من أجل الحصول على مساعدات اقتصادية، لدعم الأوضاع المتردية في بلاده. واضطرت الحكومة المصرية للسحب من الاحتياطي النقدي في البنك المركزي لتلبية الاحتياجات اليومية، في ظل توقف السياحة التي كانت تعد مصدراً أساسياً للدخل، وكذا انخفاض مدخلات قناة السويس لأدنى مستوى لها، نظرا لتراجع حركة التجارة العالمية بسبب الجائحة. والجزء الأكبر من الاحتياطي النقدي في البنك المركزي المصري عبارة عن ودائع إماراتية وسعودية وليبية وكويتية كان قد تم إيداعها لدعم السيسي في أوقات سابقة.

وأعلن البنك المركزي المصري، الخميس الماضي، فقدان نحو 8.5 مليارات دولار من احتياطي مصر النقدي خلال شهرين فقط، بسبب التداعيات السلبية لأزمة فيروس كورونا على الاقتصاد. وأشار إلى انخفاض رصيد النقد الأجنبي للبلاد إلى نحو 37.037 مليار دولار في نهاية إبريل/ نيسان الماضي، مقابل نحو 40.108 مليار دولار في نهاية مارس/ آذار السابق، و45.5 مليار دولار في نهاية فبراير/ شباط 2020. وقالت مصادر مصرية تحدثت مع "العربي الجديد" إن عدداً من الإعلاميين تلقّوا، خلال الأيام القليلة الماضية، تعليمات بالتمهيد لإجراءات اقتصادية عنيفة لا بديل عنها ستُقْدِم عليها الدولة في ظل العجز الحاد في الموازنة العامة، أمام توقف ما يقارب نصف الاقتصاد المصري وحركة الإنتاج.

وفي هذا الصدد تعكف الحكومة على إعداد مشروع قانون تمهيداً لطرحه على البرلمان، يهدف إلى توفير تمويلات لمواجهة الآثار السلبية لجائحة كورونا، إلا أن المشروع من المنتظر أن يفجر جدلاً واسعاً بسبب تحميله المواطنين من محدودي الدخل وأصحاب المعاشات التكلفة الأكبر.
ويتضمن مشروع القانون، والذي يأتي تحت مسمى "قانون المساهمة التكافلية لتمويل الآثار الاقتصادية الناتجة عن تداعيات مواجهة فيروس كورونا"، مقترحاً بخصم 0.5 في المائة شهرياً من أصحاب المعاشات. كما يتضمن مشروع القانون مادة تنص على خصم 1 في المائة من رواتب العاملين في الجهاز الإداري للدولة لمدة 12 شهراً بدءاً من العام المالي 2020/2021. ويأتي مشروع القانون الجديد الذي تعكف الحكومة عليه بعد أيام قليلة من تمرير مجلس النواب قانون "فرض رسم تنمية الموارد المالية الدولة".

يأتي هذا في الوقت الذي كشف فيه مصادر حكومية لـ"العربي الجديد" عن بدء مناقشات داخل وزارة المالية، لإعداد تصور بشأن تعديل على قانون القيمة المضافة التي تقدر بـ14 في المائة على عدد كبير من الخدمات والسلع، بحيث يتم توظيفه في إطار توفير موارد لسد العجز الحاد الذي تواجهه الدولة. وكشفت المصادر أن ذلك يحدث بالتوازي مع المشاورات التي جرت أخيراً مع الكويت بشأن العالقين المصريين هناك من مخالفي الإقامة، والذين وضعتهم الحكومة الكويتية في معسكرات إيواء في الصحراء، بعد رفْض القاهرة استقبالهم لفترة طويلة قبل تطور الأمور وحدوث مواجهات مع الأمن الكويتي. وشملت المحادثات مطلباً مصرياً بمساعدات اقتصادية من الكويت إضافة لوديعة في البنك المركزي، لمواجهة تداعيات الأزمة. وأوضحت المصادر أنه خلال اتصال سابق بين وزيري الخارجية، المصري سامح شكري، والكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح، طرح الأول على الثاني تقديم الكويت مساعدات اقتصادية للقاهرة خصوصاً في ظل ارتفاع عدد المصريين الذين ترغب الكويت في ترحيلهم، والذين قارب عددهم الـ7 آلاف، والذين سينضمون إلى قوائم المتعطلين، في وقت تصرف فيه الحكومة المصرية إعانة للعمالة غير المنتظمة بقيمة 500 جنيه (نحو 32 دولاراً) شهرياً لمدة ثلاثة أشهر.

وأشارت المصادر إلى أن الحكومة الكويتية أكدت أنها ستدفع 600 دينار (نحو 1940 دولاراً) مقابل كل شخص، كجزء من تحملها لنفقات نقلهم، وكذا فترة العزل الصحي لهم عقب عودتهم، مؤكدة في الوقت ذاته صعوبة تقديم أية مساعدات اقتصادية في الفترة الراهنة. ولفتت المصادر إلى أن القاهرة عرضت بعد ذلك زيادة القيمة التي حددتها الكويت مقابل كل شخص إلى الضعف أي 1200 دينار، بحيث تتضمن تلك القيمة ما يمكن أن تقدمه من إعانة لهؤلاء العائدين، وهو ما رفضته الكويت أيضاً وكان سبباً في تأخر قرار الحكومة المصرية باستقبالهم، قبل أن تضطر في النهاية إلى ذلك، في أعقاب خطة كويتية محكمة بحسب المصادر لإجبار الحكومة المصرية على ذلك من دون أي زيادة عن المبلغ الذي حددته سابقاً مقابل إعادة كل فرد.

يحصل ذلك في وقت مرر فيه البرلمان المصري يوم الاثنين الماضي، قانون "فرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة" والذي يتضمن زيادة الرسوم المفروضة على بعض البنود، فضلاً عن استحداث وفرض رسوم جديدة. وينص القانون الجديد على فرض رسم على منتج البنزين بأنواعه بواقع 30 قرشاً على كل لتر مُباع، ومنتج السولار بواقع 25 قرشاً على كل لتر مُباع. كما ينص القانون على فرض رسوم على عقود شراء أو بيع أو إعارة أو تجديد، أو غيرها من عقود اللاعبين الرياضيين مصريين أو أجانب، وعقود الأجهزة الفنية والإدارية والمديرين الفنيين مصريين أو أجانب، وذلك بواقع 3 في المائة من قيمة العقود التي تبلغ قيمتها مليون جنيه أو أقل، وبواقع 4.5 في المائة من قيمة الاتفاقات التي تفوق قيمتها مليون جنيه وحتى مليوني جنيه، وبواقع 6 في المائة من قيمة العقود التي تزيد عن مليوني جنيه وحتى 3 ملايين جنيه، وبواقع 7.5 في المائة من قيمة العقود التي تزيد قيمتها عن 3 ملايين جنيه وحتى 5 ملايين جنيه، وبواقع 9 في المائة من قيمة العقود التي تزيد قيمتها عن 5 ملايين جنيه.

إضافة إلى ذلك، يتيح القانون الحصول على نسبة من قيمة العقود التي تبلغ قيمتها أكثر من 10 ملايين جنيه، مع إلزام اتحاد اللعبة الرياضية المختص بتحصيل الرسم وتوريده إلى مصلحة الضرائب المصرية قبل توثيق أي عقد من هذه العقود. كما تم فرض رسم على أغذية الكلاب والقطط والطيور الأليفة للزينة، سواء وردت مُهيأة للبيع بالتجزئة أو غير مُهيأة، وذلك بواقع 25 في المائة من الفاتورة للأغراض الجمركية مُضافا إليها الضريبة الجمركية والضريبة على القيمة المضافة، وغيرها من الضرائب والرسوم، مع إلزام الجمرك المُختص بتحصيل هذا الرسم وتوريده إلى مصلحة الضرائب المصرية في حال استيراد تلك الأغذية.
ويضاف إلى ذلك، فرض رسم جديد على أجهزة الهاتف المحمول وأجزائه وجميع الأكسسوارات الخاصة به بواقع 5 في المائة من قيمتها، مُضافاً إليها الضريبة على القيمة المضافة وغيرها من الضرائب والرسوم الأخرى.

كما تم فرض رسوم على التبغ الخام أو غير المُصنع، وفضلات التبغ، بكل أشكاله بواقع 1.5 جنيه عن كل كيلوغرام صافٍ، والتبغ المُصنع وأنواع أخرى من تبغ مُصنع أو أبدال تبغ مصنع، وتبغ متجانس أو مُجدد، وتبغ الشيشة وخلاصات وأرواح تبغ بواقع 3 جنيهات على كل كيلوغرام صافٍ.
كما يتضمن القانون فرض رسوم على كافة أنواع الحديد من الخلائط وغير الخلائط ومنتجاتهم الداخلة في الفصل 72 من التعريفة الجمركية المُنسقة، وذلك بواقع 10 في المائة من القيمة المُقررة للأغراض الجمركية، مضافا إليها الضريبة الجمركية والضريبة على القيمة المُضافة، وغيرها من الضرائب والرسوم، وفرض رسم على خدمات الإنترنت بالنسبة إلى الشركات والمنشآت، وذلك بواقع 2.5 في المائة من قيمة الفاتورة.
بالإضافة إلى زيادة مقدار رسم التنمية المفروض على استخراج كل صحيفة من صور المحررات الرسمية من مصلحة الشهر العقاري، وذلك من جنيه واحد إلى 5 جنيهات.
كما نص القانون على زيادة مقدار رسم التنمية المفروض على الحفلات والخدمات الترفيهية التي تُقام في الفنادق والمحال العامة السياحية من 10 في المائة من المبالغ المدفوعة إلى 12 في المائة من هذه المبالغ.

دلالات
المساهمون