أصدرت الحكومة العراقية، اليوم الأحد، أوامر عاجلة للسيطرة على سلاح العشائر في العاصمة بغداد وعدد من المحافظات الجنوبية، التي تشهد نزاعات ومعارك تستعصي على الأجهزة الأمنية، وتضمنت الأوامر سحب سلاح تلك العشائر وفرض سلطة القانون في مناطقها، فيما قلّل مسؤولون من أهمية تلك الأوامر، مؤكدين أن نتائجها غير مضمونة في ظل انفلات السلاح.
وتعدّ النزاعات العشائرية من أكبر المخاطر التي تهدد المحافظات، لا سيما الجنوبية منها والتي تشهد نزاعات مستمرة، تستخدم فيها أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وحتى الثقيلة.
وتأتي خطوة الحكومة بعد يومين فقط على نزاع كبير اندلع بين عشيرتين في منطقة الحسينية شمال شرقي بغداد، والذي استمر ساعات طويلة، واستخدمت فيه أنواع الأسلحة من رشاشات وبي كي سي وقذائف الهاون، ما تسبب بسقوط قتلى وجرحى وإحراق عدد من المنازل والمحال التجارية والعجلات.
ولم تستطع أجهزة الأمن السيطرة على النزاع إلا بعد الاستعانة بقوات كبيرة من الجيش، قوامها أكثر من 70 عجلة عسكرية، طوقت منطقة النزاع وعقدت هدنة بين العشيرتين.
في الأثناء، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، إن "النزاعات العشائرية تمثل تهديداً للأمن الوطني والنسيج المجتمعي، وإن هناك توجها لدى الحكومة بردع هذه الأعمال". وأكد أن "أوامر عليا صدرت من القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، وبإشراف ومتابعة وزير الداخلية، منها تفتيش واسع لكل المناطق التي تحصل فيها نزاعات عشائرية، وضبط الأسلحة ومصادرتها سواء كانت خفيفة أو متوسطة".
وأشار إلى أن "المرحلة القادمة ستشهد إجراءات واسعة من قبل قيادات العمليات ومديريات الشرطة، لفرض الأمن ومحاولة ضبط هذه الأسلحة، التي تستخدم لترويع المواطنين الأبرياء".
وتعد قرارات حكومة الكاظمي لضبط سلاح العشائر الخطوة الأولى منها تجاه هذا الملف الشائك، وفيما أثنى مسؤولون أمنيون على الخطوة، إلا أنهم شككوا بقدرة الحكومة على تنفيذها.
ووصف مسؤول أمني بوزارة الداخلية في بغداد، في حديث لـ"العربي الجديد"، ملف سلاح العشائر بأنه "شائك جداً"، مبيناً أن "غالبية العشائر تعتبر سلاحها سلاحاً مرخصاً، لأن غالبية أبنائها منتمون للفصائل المسلحة المندرجة ضمن الحشد الشعبي". وبين أن "هذه الارتباطات بين العشائر والفصائل المسلحة هي عقدة الملف، وأنها ستصعب من إمكانية سحب السلاح".
وأشار إلى أن "أي خطوة من قبل هذه الحكومة ستواجه الفشل، إلا في حال تمكنت من فرض سلطة الدولة والقانون على المناطق التي تشهد نزاعات عشائرية"، مشدداً على أن "السيطرة على الملف تحتاج إلى فترة طوية، وخطوات فعلية ودعم من قبل القوى السياسية".
وحمل شيوخ ووجهاء عشائريون الحكومات السابقة مسؤولية انفلات بعض العشائر وتمردها على سلطة الدولة، وقال الشيخ باسل الساعدي إن "الحكومات السابقة جاملت العشائر ودعمت شيوخها، من أجل الحصول على أصواتها في الانتخابات، ونتج عن ذلك تمرد تلك العشائر على سلطة الدولة، وحصولها على أسلحة تضاهي أسلحة الجيش".
وأوضح السعدي، لـ"العربي الجديد"، أن "حكومة الكاظمي تواجه اليوم تركة تلك الحكومات السابقة وسياساتها التي أسهمت بانفلات السلاح، وضعف هيبة الدولة، ما يعني أن محاولات السيطرة على العشائر وسلاحها ستكون صعبة للغاية، وتحتاج إلى تدرج وخطوات تستغرق زمناً طويلاً".