الحكومة الجزائرية تعرض خطتها اليوم أمام البرلمان

17 سبتمبر 2017
تحاول الحكومة إقناع الأحزاب الموالية بخطتها (Getty)
+ الخط -

يقدم رئيس الحكومة الجزائرية الجديدة، أحمد أويحيى، اليوم الأحد، خطة حكومته التي عينها الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، منتصف شهر أغسطس/آب الماضي، ويشرع البرلمان في مناقشة تفاصيلها وسط توتر في المواقف بين كتل الموالاة وكتل المعارضة السياسية، خاصة في ظل الأزمة المالية الراهنة التي تعيشها البلاد.

وتتضمن خطة عمل الحكومة الجديدة تدابير للحفاظ على أمن الجزائر واستقرارها ووحدتها ومواصلة مكافحة الإرهاب، وسياسة المصالحة الوطنية التي تم إقرارها عام 2005، إضافة إلى وضع إجراءات احترازية بغية حماية الشباب من جميع أشكال التطرف والانحراف، وإبقاء اليقظة على مستوى الحدود للوقاية من أي تهديد ناجم عن بؤر انعدام الاستقرار في الجوار، وارتباط الإرهاب بالجريمة المنظمة.

وتطرح الحكومة إجراءات تتعلق بالشق السياسي، على غرار تعزيز الديمقراطية ودولة الحق والقانون، والحفاظ على استقرار وأمن البلاد، وتعزيز ودعم جهود قوات الجيش والأمن وحرية الصحافة.

من جهة أخرى، قدمت الحكومة مقترحات لتطوير الاقتصاد الوطني عبر ترقية الاستثمار، ومن خلال تدابير اقتصادية عاجلة لتخطي الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها البلاد، بعد نفاد جزء من الاحتياطات المالية، وتدني احتياطات الصرف إلى 100 مليار دولار أميركي، حيث قررت الحكومة اللجوء إلى ما تصفه بالتمويل غير التقليدي، عبر طبع إضافي للأوراق المالية موجه حصرياً لميزانية الاستثمار.

وتعهدت، دبلوماسياً، بالعمل على "الاستمرار في السياسة الخارجية القائمة على دبلوماسية السلم والدفاع عن القضايا العادلة وترقية الأخوة وتطوير علاقات التعاون".
وأكد أويحيى أن الجزائر لن تسمح لأطراف داخلية أو خارجية وطوائف وتيارات دينية زعزعة استقرار البلاد، أو استغلال الوضع الاقتصادي الصعب في الجزائر.

وقال أويحيى خلال عرض الخطة أمام النواب، إن "الدولة ستستمر في حماية المجتمع من كل الأطراف التي تعمل على زعزعة الاستقرار، ومن الطوائف التي تأتينا من هنا وهناك وحماية المساجد والأئمة".

وأبدى أويحيى قلقه من بروز فرق وطوائف دينية تنشط في الجزائر في الفترة الأخيرة، وقال: "سنجند مساهمة الدولة من خلال التربية الإسلامية في المدارس ووسائل الإعلام، عبر البرامج والزوايا الدينية، للحفاظ على أصالتنا في المجال الديني وصيانة الأمن الديني للجزائريين".


وكان أويحيى يشير بوضوح إلى بعض التيارات والفرق الدينية، التي ظهرت في الفترة الأخيرة في الجزائر، كالطائفة الأحمدية والطريقة الكركرية وبعض الطرق السلفية والصوفية، وقد أبدت السلطات الجزائرية طالعاً من الحزم الأمني في التعاطي مع هذه الفرق، حيث تم اعتقال عدد من الناشطين في الطائفة الأحمدية.

وشدد رئيس الحكومة أنه يتعين على الجزائريين الحفاظ على أمن البلاد والاستقرار واستيعاب الدروس الأليمة التي حدثت في الجزائر في التسعينات، و"التي تحدث حالياً في دول الجوار ودول شقيقة"، ودعا الجزائريين إلى المساهمة في المجهود الأمني، وأضاف أن "وجود قوات الجيش والأمن غير كاف ويجب أن يقوم المواطنون بالمساعدة لتحقيق الأمن والتعاون مع قوات الأمن والجيش، لمنع حدوث عمليات إرهابية، على غرار الهجوم الانتحاري الذي استهدف قبل أسبوعين مركزاً للأمن بمدينة تيارت غربي الجزائر".

 وتعهد أويحيى "بالاستمرار في سياسة المصالحة الوطنية التي تشجع المسلحين والإرهابيين على تسليم أسلحتهم والعودة الى أحضان المجتمع"، وكذا "دعم قوات الجيش والأمن ومكافحة الإرهاب وحماية الحدود".

ورد رئيس الحكومة الجزائرية على انتقادات أحزاب التيار الإسلامي التي تتهم الحكومة بتجاهل اللغة العربية، وتعهد "بتعزيز مكانة اللغة العربية في جميع قرارات ومكونات الدولة، وتطوير اللغة الأمازيغية وتأسيس الأكاديمية الجزائرية للغة الأمازيغية، ونشر تدريس اللغة الأمازيغية"، كلغة ثانية تم إقرارها دستورياً عام 2005.


وأعلن أويحيى أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أمر الحكومة بعدم التفكير في اللجوء إلى خيار الاستدانة من الخارج، أو اللجوء إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي، وبين: "لقد جربنا عام 1994 صندوق النقد الدولي وكانت عواقب جهنمية على الجزائر والجزائريين".

وأشار أويحيى إلى أن الجزائر صمدت ثلاث سنوات منذ بدء أزمة انهيار أسعار النفط، من 110 دولارات للبرميل عام 2014 إلى حدود 50 دولاراً، وصمدت بفعل قرارات سيادية، ودفعت المديونية الخارجية التي كانت قد بلغت عام 2005، أكثر من 20 مليار دولار، بخلاف بعض الدول الخليجية التي اقترضت 150 مليار دولار أميركي ودول أخرى توجهت إلى صندوق النقد الدولي.

وأقر أويحيى بالوضع الاقتصادي والمالي الصعب للبلاد، واعترف أن "صندوق ضبط الإرادات الذي كانت تدخر فيه الخزينة العمومية فائض عائدات النفط، نفد في شهر فبراير الماضي، فيما تدنت احتياطات الصرف من 200 مليار دولار إلى 100 مليار دولار بنهاية يوليو الماضي".

وإزاء هذا الوضع الصعب، قرر مجلس الوزراء المنعقد قبل أسبوعين برئاسة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، اعتماد التمويل غير التقليدي المتعلق بطبع مزيد من الأوراق المالية لتوفير السيولة النقدية الداخلية، وقال أويحيى إنه سيمتد إلى خمس سنوات، وسيسمح للجزائر بالخروج من الأزمة في غضون أربع أو خمس سنوات.

 وقلل من مخاطر هذا الخيار على الوضع الاجتماعي للجزائريين، وقال إن دولاً عديدة اعتمدت هذا الخيار كحل مالي، بديل للاستدانة الخارجية، كأميركا واليابان وبريطانيا، ونفى أن يكون لطبع الأوراق المالية تأثير مباشر على قيمة الدينار، مشيراً إلى أن الدينار الجزائري فقد 30 في المائة من قيمته أمام اليورو والدولار خلال السنوات الأخيرة، رغم أن الجزائر لم تكن في وضع أزمة.

وأكد أويحيى أن الحكومة تتوجه نحو تشديد القانون في معاقبة الجرائم واختطاف المواطنين، وتعزيز التنمية في الأرياف لوقف زحف السكان، حيث تضم المدن 70 في المائة من الساكنة، مع نسبة نمو سكاني بلغت 3 في المائة.

وكان رئيس الحكومة قد التقى في البرلمان برؤساء أحزاب الموالاة، الذين يشكلون الأغلبية في البرلمان، لإقناعهم بخطة عمل حكومته، فيما اتهمت قوى المعارضة أويحيى بإقصائها من هذا الاجتماع، لكنه رد على هذه الاتهامات بأن المعارضة أعلنت عن موقف مسبق رافض لخطة عمل الحكومة.

ويتوقع أن تكون الجلسات البرلمانية لمناقشة عمل الحكومة ساخنة، بسبب مواقف كتل المعارضة من رئيس الحكومة وسياساته، ومواقف أويحيى التي يهاجم خلالها قوى المعارضة وآراءها من الوضع السياسي في البلاد.