الجزائر تؤمّن أسواقها... الحكومة تغمر المتاجر بالسلع مع تواصل الحراك

05 ابريل 2019
استقرار أسعار السلع وتوفرها بالأسواق (رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر رسمية جزائرية عن تحرك السلطات لتأمين احتياجات الأسواق من السلع خاصة الغذائية. وحسب المصادر فإن حكومة تصريف الأعمال التي يقودها نور الدين بدوي وضعت أولويات لإمداد الأسواق بالسلع الاستهلاكية عبر اللجوء لمخزونها من المنتجات وتكثيف الرقابة وإجراءات أخرى. وأبقى بدوي على وزير التجارة في الحكومة السابقة، سعيد جلاب، على رأس الوزارة الحالية بهدف تعزيز استقرار الأسواق.

وتواجه الجزائر تحديات عديدة على الصعيد الاقتصادي، وسط استمرار الحراك الشعبي، وشغور منصب الرئاسة، وفي مقدمتها تأمين الأسواق الداخلية، وتوفير السلع واسعة الاستهلاك بصفة منتظمة، تفاديا لأي مضاربات محتملة وحدوث ندرة في المعروض قد تؤدي إلى تصعيد الحراك الشعبي المتواصل منذ نحو شهر ونصف.

وبدأت كل من وزارتي التجارة والزراعة في رسم ورقة طريق، تضمن التموين المتواصل للأسواق حتى نهاية شهر رمضان، تشمل إغراق السوق بالمنتجات واسعة الاستهلاك، مع تكثيف دوريات الرقابة، وفتح أسواق مؤقتة تكون فيها الأسعار مقننة بهامش ربح محدد.

إلى ذلك، يكشف مدير ضبط الأسواق ومكافحة الغش بوزارة التجارة، رضا محمد جواد، أن "الجهاز التنفيذي أمر بتوفير كل الظروف الملائمة حتى يستقبل الجزائريون شهر رمضان وما قبله في ظروف عادية ومنتظمة، ولذلك اتخذنا الإجراءات اللازمة".


وأضاف المسؤول الجزائري لـ "العربي الجديد" أن "الخطة تعتمد على إغراق الأسواق بالمنتجات الزراعية وإخراج ما كان مخزناً في غرف التبريد، وذلك بالتنسيق مع وزارة الزراعة، كما تم التنسيق مع مصانع إنتاج المواد الغذائية التي تعهدت بمراقبة شبكات التوزيع الخاصة بها ونقاط التخزين حتى لا تكون هناك مضاربة واحتكار لمواد على حساب أخرى".

وقال جواد إن "الأسواق ستخضع لمراقبة شديدة، من خلال مضاعفة أعوان (موظفي) المراقبة والبالغ عددهم 6500 شخص يعملون بنظام المناوبة، سيدخلون الأسواق وحتى نقاط التخزين أينما كانت، بالإضافة إلى ذلك، سيتم فتح أسواق مؤقتة، يحق للمنتجين عرض سلعتهم فيها مباشرة دون وسيط وذلك لضبط الأسعار، كما سيتم تحديد هوامش ربح محددة على بعض السلع واسعة الاستهلاك لا تتعدى 10 بالمئة، منها السكر والزيت والبطاطا والطحين، وذلك تماشيا مع المرحلة الحالية".

واعتاد الجزائريون على ظاهرة ارتفاع الأسعار قبيل شهر رمضان من كل سنة، وهي الظاهرة التي تخشى الحكومة عودتها في هذه السنة، خاصة وأن البلاد تعيش حراكا شعبيا منذ 22 فبراير/ شباط المنصرم، رافقه فراغ حكومي لمدة 20 يوما، ما يجعل بوادر اضطراب الأسواق أكبر من السنوات الماضية.

وإلى ذلك، قال رئيس الاتحاد الجزائري للمزارعين، محمد عليوي، لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة أمرت بإغراق الأسواق بـ 200 ألف طن من اللحوم المستوردة و60 ألف طن من اللحوم الحمراء المحلية، بالإضافة إلى 350 ألف طن من اللحوم البيضاء".


وفي ما يتعلق بالخضر، كشف عليوي عن أن الحكومة قررت ضخ نحو مليون طن من البطاطا فورا منها ما تم حصده مؤخرا وأخرى كانت في غرف التبريد، بالموازاة مع انطلاق موسم جني هذا المنتج، بالإضافة إلى 150 ألف طن من الطماطم.

بدورها تعيش أسواق المواد الغذائية ضغطا غير مسبوق منذ 50 يوما، مع بداية الحراك، حيث دفع خوف الجزائريين من انزلاق الأوضاع نحو المجهول، إلى التهافت على اقتناء السلع، ما أحدث نوعا من الاختلال بين العرض والطلب، سرعان ما بدأ يزول مع مرور الأيام، بالتزامن مع تمسك الشعب والسلطة الحاكمة على ضرورة إبقاء الحراك في إطاره السلمي.

وفي السياق يؤكد المتحدث باسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين جمال لطرش أن "الأسواق تشهد استقرارا في العرض، حاليا، بعدما زال ضغط المواطنين على اقتناء السلع، لكن ينتظر أن يرتفع الطلب في الأيام القادمة مع اقتراب شهر رمضان وتواصل الحراك الشعبي، يضاف إليه ضبابية المشهد بعد استقالة بوتفليقة".

وأضاف لطرش لـ"العربي الجديد" أنه "يستوجب الآن إغراق الأسواق بالسلع المنتجة محليا والمستوردة، وذلك لتفادي أي سيناريوهات غير منتظرة، وسيتم إجراء لقاء بيننا وبين ممثلين للمنتجين خاصة الزيوت والعجائن والطحين، لوضع خريطة طريق تحمي الأسواق من المضاربة والندرة، ينتظر أن تطبق قبل نهاية الشهر الحالي".

من جانبه، قال رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك، مصطفى زبدي، إن "من بين النقاط المهمة في اللقاءات الجارية مع وزارة التجارة العمل على إدماج جميع التجار، وهو ما سينتج عنه لا محالة حماية أكثر للمستهلك بتوفير مواد غذائية صحية".

وأضاف لـ"العربي الجديد" أن "رفع عدد الأسواق المؤقتة سيؤدي إلى توفير المواد بكميات جيدة للمستهلك"، موضحاً أن المنظمة طيلة اللقاءات حرصت على أهمية العمل بالفاتورة لإضفاء الشفافية، كما اقترحنا تخفيض الرسوم على مواد مستوردة لتأمينها في شهر رمضان والأمر نفسه بالنسبة للحوم.

وتعيش الجزائر منذ 22 فبراير/شباط على وقع حراك شعبي أدى لاستقالة عبد العزيز بوتفليقة من منصبه الرئاسي في الثاني من إبريل/نيسان الجاري، ومن المنتظر أن يجتمع البرلمان يوم الاثنين أو الثلاثاء لتثبيت الاستقالة بعدما أقرها المجلس الدستوري.