تجد شريحة واسعة من الشعب التونسي نفسها مستهدفة مجدداً في لقمة عيشها. فعلى الرغم من كلّ ما يعانيه موظفو وأجراء القطاع العام، من ضعف في القدرة الشرائية، عمدت الحكومة التونسية إلى تحميلهم أعباء إضافية، من خلال قرار إلزامي بحسم الرواتب، بهدف دعم ميزانية الدولة.
وأثار قرار الحسم من يوم إلى ستة أيام، رفضاً كبيراً من جانب فئة الأجراء والموظفين، كما اتهم الاتحاد العام التونسي للشغل الحكومة بالانقلاب على اتفاقهما. ويشمل هذا القرار كل من يتجاوز راتبه السنوي عشرة آلاف دينار (ثمانية آلاف دولار أميركي).
وعن ذلك، يقول محمد الموظف في الشركة الوطنية للسكك الحديدية إنّ "على الدولة أن تبحث عن موارد أخرى لتمويل ميزانيتها، لا أن تلجأ إلى قرار قد يثير احتقان الشارع التونسي مرّة أخرى". كذلك يؤكد منير، الموظف في البريد التونسي، أنّ "الدخل الشهري لمعظم من يطالهم القرار، ينفق قبل الوصول إلى اليوم العشرين من كلّ شهر". ويدعو منظمات العمل إلى الوقوف "في صف الأجراء والموظفين، والتفاوض مع الحكومة لإلغاء القرار". في هذا السياق، تحدث الأمين العام المساعد لـ"الاتحاد العام التونسي للشغل"، حفيظ حفيظ لـ"العربي الجديد" عن وجهة نظر الاتحاد تجاه القرار. وقال إنّ "الاتحاد ليس ضد التضحيات، لإنقاذ البلاد، لكن لا ينبغي تحميل الأجراء والموظفين أعباء إضافية". ويتابع أنّه كان من المفترض بالقرار أن يقرّ "بشكل طوعي، لا إلزامي".
وكشف حفيظ، أنّ الحكومة انقلبت على الاتفاق مع "اتحاد الشغل"، حول كيفية الاقتطاع من الأجور. وقال إنّ الاتحاد فوجئ بتعديل الاتفاق القاضي بالاقتطاع الاختياري من أجور الموظفين الذين يتجاوز أجرهم السنوي عشرين ألف دينار (خمسة عشر ألف دولار)، وتعويضه بالاقتطاع الإلزامي من الأجور لمن يفوق أجره السنوي ثمانية آلاف دولار.
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي معزّ الجودي لـ"العربي الجديد" إنّ الاقتطاع من الأجور، يمكن أن يشكل حلاً ظرفياً لسنة أو سنتين، لكنه لن يحلّ مشاكل الميزانية. ويشير إلى أنّه كان من واجب الدولة التصدي للتهرّب الضريبي، ومكافحة التهريب، عوضاً عنه.
وبخصوص دوافع القرار، يقول الجودي إنّه يندرج في إطار إعادة التوازنات المالية، التي اختلت بسبب الزيادات في الأجور بنسبة مائة في المائة، من 5.5 مليار دينار في 2010 (خمسة مليارات دولار)، إلى 10.5 مليار دينار في 2014 (8.5 مليار دولار). ويهدف ذلك إلى تقليص العجز بنحو 1.5 في المائة، ليصل إلى حدود 5.5 في المائة.