أنهت محكمة جنايات القاهرة، اليوم السبت، فترة حبس المصور الصحافي المصري، محمود أبو زيد، الشهير بـ "شوكان" التي امتدت لـ 5 أعوام، بعدما حكمت عليه بالسجن المشدد بالمدة التي قضاها كاملة، مع فترة مراقبة لـ 5 سنوات إضافية، والمنع من إدارة الأموال والعزل من الوظائف الأميرية هو و212 متهمًا آخرين.
وعلى وقع هذا الحكم، من المقرر أن يتنفس "شوكان" نسيم الحرية للمرة الأولى منذ مشاركته في تغطية فض "اعتصام رابعة العدوية"، في 14 أغسطس/ آب عام 2013 والذي أسفر عن مذبحة بشرية راح ضحيتها قرابة ألف معتصم ومئات المصابين والمحبوسين، وفق تقديرات حقوقية.
وكانت المحكمة قد حددت جلسة 8 سبتمبر/أيلول للنطق بالحكم على جميع المتهمين في القضية المعروفة إعلاميًا بـ "قضية فض اعتصام رابعة" البالغ عددهم 739 متهمًا. وقد بدأت المحكمة نظر القضية مطلع عام 2016، واستغرقت أكثر من 40 جلسة على مدى عامين، استمعت خلالها للشهود ومرافعة النيابة العامة ودفاع المتهمين.
ومن المؤكد أن "شوكان" لم يتخيل للحظة واحدة وهو يؤدي عمله ويصور فض الاعتصام لصالح وكالة "ديموتكس" الأجنبية، أنه سيدان هو وأخرون لأنهم نجوا من المذبحة.
وظل "شوكان" رهن الحبس الاحتياطي منذ فض الاعتصام حتى أغسطس/آب 2015، عندما قررت النيابة إحالة المتهمين للمحاكمة الجنائية موجهة لهم تهم ارتكاب جرائم “التجمهر واستعراض القوة والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والإتلاف العمدي وحيازة مواد في حكم المفرقعات وأسلحة نارية من دون ترخيص".
وكان "شوكان" يُعاني من مرض مزمن، وهو مرض أنيميا البحر الأبيض المتوسط الذي يتطلب عناية طبية متواصلة، لا تتوفر له في ظل تردي الرعاية الطبية في السجن، وكذلك تعنُّت إدارة السجن في نقله للمستشفى لتلقي العلاج المناسب. وأدى طول فترة حبس "شوكان" احتياطيًا، إلى تدهور حالته الصحية بشكل ملحوظ.
وعلى الرغم من حبسه، فقد كان "شوكان" حاضرًا بقوة في مواقف كثيرة، آخرها الإعلان رسميًا عن منحه "جائزة اليونسكو/غييرمو كانو العالمية لحرية الصحافة" لعام 2018.
وتكرم "جائزة اليونسكو/غييرمو كانو العالمية لحرية الصحافة" الأشخاص والمنظمات والمؤسسات التي تساهم مساهمة بارزة في الدفاع عن حرية الصحافة وتحفيزها في كلّ مكان في العالم، لا سيّما هؤلاء الذين يتحدّون المخاطر لتحقيق هذه الغاية. وتحمل الجائزة هذا الاسم تكريماً لغييرمو كانو إيسازا، وهو صحافي كولومبي اُغتيل أمام مقر صحيفته "إل إسبيكتادور" في بوغوتا، يوم 17 كانون الأول/ديسمبر عام 1986.
كما كرمته شعبة المصورين الصحافيين المصريين، في أكثر من مناسبة، وخصصت جائزة سنوية باسمه.
وكرمته أيضًا "لجنة حماية الصحفيين الدولية"، ضمن أربعة صحافيين من مصر والهند وتركيا والسلفادور، بمنحهم جائزتها الدولية لحرية الصحافة لعام 2016.
ونقلًا عن الكاتب الصحافي خالد البلشي الذي أجرى اتصالًا بوالد ووالدة شوكان، كتب عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" واصفًا حالة والدته ووالده "حالة ملتبسة بين الفرح والحزن هي حالة والدة ووالد شوكان عندما اتصلت لاخبرهما بالحكم.. في البداية صمت طويل ثم صوت والدته يبكي عبر الهاتف (ابني مظلوم بس أنا طايرة من الفرح خلاص هيرجع لحضني)... عقبال كل اللي زيه... عذرا لكل شوكان عذرا لكل زملائه.. قمة المأساة أننا صرنا نفرح بحكم 5 سنوات فأقصى أمانينا أن تكونوا بيننا".
Facebook Post |
وعلق عضو مجلس نقابة الصحافيين المصريين، محمود كامل، على الحكم بكتابة "مفيش بؤس أكتر من إنك تفرح بالحد الأدنى المسموح بيه من الظلم، مبروك لشوكان وعقبال كل صحافي محبوس".
يشار إلى أنه للسنة الثانية على التوالي كانت تركيا والصين ومصر تضم أكثر من نصف الصحافيين السجناء بسبب عملهم. كما أن مصر قد احتلت المركز الثاني في قائمة الأسوأ في مؤشر "لجنة حماية الصحافيين الدولية" عام 2015. وكانت من ضمن العشرة مراكز الأولى في بلدان حبس الصحافيين عام 2014.
"شوكان" مصور صحافي لوكالة "ديموتكس"، وأٌلقي القبض عليه في "مذبحة رابعة العدوية"، في 14 أغسطس/آب عام 2013، ويواجه تهم "التظاهر بدون ترخيص، والقتل، والشروع في القتل، وحيازة سلاح ومفرقعات ومولوتوف، وتعطيل العمل بالدستور، وتكدير السلم العام".
تخرج من أكاديمية "أخبار اليوم"، وأعلن احترافه التصوير الصحافي منذ التحاقه بها. بدأ بالتدرب في صحيفة "الأهرام المسائي" في الإسكندرية حين كان طالًبا، مروًرا بمشروع التخرج، إذ كان الوحيد بين رفاقه الذي اختار فكرته عن التصوير، وحاول العمل في عدد من الصحف، لكن حظه كان عثراً.
وما زاد الوضع القانوني لـ "شوكان" صعوبة هو طبيعة عمله الصحفي "الحر"، وعدم تقييده في نقابة الصحافيين التي لا تعترف لوائحها به كصحافي مرخص له بمزاولة المهنة، لأن الحصول على عضوية نقابة الصحافيين باتت الطريقة الرسمية والسليمة الوحيدة التي يستطيع من خلالها الصحافيون الحصول على مستوى محترم من الحماية القانونية.