حجزت محكمة النقض المصرية، اليوم الأحد، في أولى جلسات طعن وزير الزراعة المصري السابق، صلاح الدين هلال، ومدير مكتب وزير الزراعة محيي الدين محمد سعيد، على حكم سجنهما بتهمة تلقيهما رشوة، في القضية التي عرفت إعلامياً باسم "فساد وزارة الزراعة"، للحكم بجلسة 9 إبريل/نيسان المقبل.
واستمعت المحكمة خلال جلسة اليوم، إلى مرافعة المحامي فريد الديب، بصفته الموكل للدفاع عن وزير الزراعة الأسبق ومدير مكتبه، والذي ادعى أن حكم محكمة الجنايات المطعون فيه، ناقَض نفسه، إذ أكد الحكم صحة الاعترافات ثم عاد ليقرر أن تلك الاعترافات غير صحيحة، وأنها لم تصدر إلا للإفلات من العقاب بعد أن أدرك المتهمان المعترفان أنهما واقعان تحت مقصلة العقاب، إذ يبرّئ القانون المصري "الراشي" في حالة اعترافه.
وأضاف "الديب خلال مرافعته أن 150 ورقة من أصل 400 ورقة، اختفت من القضية، ولا أحد يعلم أين ذهبت، ثم تم تغيير أرقام الصفحات ولم توقّع من رئيس النيابة العامة، مشيرا إلى أنه طلب استدعاء رئيس النيابة لسؤاله عن السبب، ولكن محكمة الجنايات أول درجة رفضت، وأوضحت في الحكم أن الادعاء بوجود أخطاء غير صحيح.
ولكن الديب أوضح أمام محكمة النقض أنه لم يقل "خطأ" ولكن "نزع أوراق مهمة"، وهو ما يغيّر مسار الدعوة، لافتا إلى أن نزع الصفحات تم باحترافية كبيرة، وعقب قائلا، "فودة -أحد المتهمين الحاصل على براءة في القضية لاعترافه بتقديم رشوة- كانت له ألاعيب وأكاذيب وغش، ظهرت في أقواله بالتحقيقات".
وكانت محكمة جنايات القاهرة، أول درجة، قضت بالسجن 10 سنوات مع العزل من الوظيفة لكل من وزير الزراعة ومدير مكتبه، "الطاعنين" بتهم تلقيهما الرشوى محل القضية، كما قررت المحكمة إعفاء كل من رجل الأعمال "الراشي" أيمن محمد رفعت عبده الجميل، رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات "كايرو ثري إيه"، ورجل الأعمال "الوسيط" محمد محمد محمود فودة، من العقوبة بحقهما، نظرا لاعترافهما بواقعة الرشاوى، حيث ينص القانون المصري على الإعفاء من العقوبة في حالة اعتراف الراشي أو الوسيط بالجريمة.
عقدت جلسات القضية خلال نظرها بمحكمة أول درجة على مدار إحدى عشرة جلسة، اختتمت بالجلسة الثانية عشرة التي صدر فيها الحكم، وهي عمر المحاكمة التي تم خلالها الاستماع لمرافعات الدفاع والنيابة وأقوال الشهود.
وقد شهدت جلسات المحاكمة مفاجآت عديدة غير متوقعة، حيث اعترف المتهمان الثالث والرابع أيمن الجميل ومحمد فودة، بتقديم رشوة وتسهيلها للوزير المتهم والمتهم الثاني، في محاولة منهما أن يكونا "شاهدين" في القضية وتحويل موقفهما القانوني.
وسمحت المحكمة، للمتهم الثالث أيمن الجميل، بالخروج من قفص الاتهام، والاطلاع على أقواله أمام النيابة العامة، كما وقّع على اعترافاته بخصوص قضية الرشاوى.
وقال خالد أبو بكر، محامي المتهم الثالث إن موكله لم يخطئ، وإنه اعترف بإرادة حرة بإعطائه الرشوة من رزق أولاده إلى الوزير ونائبه بواسطة المتهم الرابع محمد فودة، وإن موكله ملّ من ابتزاز المتهمين الأول والثاني، لأجل حقه في تقنين أرض استصلحها منذ 10 سنوات، خاضعا للرشوة التي طلبها المسؤولون، مشيرا إلى أن السلطة المصرية، قيّدت أرزاق الناس بقوانين عقيمة وقع المتهم الثالث ضحيتها.
فيما أنكر الوزير المتهم، وكذلك المتهم الثاني، كافة الاتهامات الموجهة إليهما وقالا إنها "وكذلك اعترافات المتهمين الثالث والرابع محض افتراء".
وطلب دفاع وزير الزراعة، والمتهم الثاني، من المحكمة إخلاء سبيليهما، لأن الوزير قدم بلاغاً بالواقعة قبل بدء التحقيقات فيها، وأنه من أبلغ الجهات الرقابية بالقضية، كما طالب الدفاع بسماع الشهود، بينما طلب محامي المتهم الثالث أيمن الجميل، "إخلاء سبيل موكله بأي ضمان وأي تدابير أمنية، ومن بينها منعه من السفر، وذلك حفاظا على الكيان الاقتصادي للدولة"، مبررا ذلك بأن "موكله مورد رزق للكثيرين، وحتى لو وصلت الإجراءات إلى حضور موكله إلى قسم الشرطة التابع له، ويقوم بالتوقيع يوميا في القسم، كإجراء أمني".
وطلب محامي المتهم الرابع محمد فودة، إخلاء سبيل موكله لاستفادته من أنه اعترف بارتكاب جريمة الرشوة، وأن القانون يمكن أن يعفيه من العقاب بموجب الاعتراف، وفقا لنصوص المواد المتعلقة بالرشوة، وما تتضمنه من موقف الراشي والمرتشي.
وكانت النيابة العامة المصرية قد أحالت المتهمين إلى المحاكمة، لاتهامهم في القضية الخاصة بطلب وأخذ مسؤولي وزارة الزراعة أشياء عينية ممثلة في بعض الهدايا وطلب بعض العقارات من المتهم، أيمن محمد رفعت عبده الجميل، مقابل تقنين إجراءات مساحة أرض قدرها 2500 فدان في وادي النطرون.
وقد تمثلت هذه الهدايا، وفق محضر القضية، في: "عضوية عاملة في النادي الأهلي بمبلغ 140 ألف جنيه (17.8 ألف دولار) لأحد المتهمين، ومجموعة ملابس من أحد محلات الأزياء الراقية قيمتها 230 ألف جنيه (29.3 ألف دولار)، والحصول على هاتفين محمولين قيمتهما 11 ألف جنيه وإفطار في شهر رمضان بأحد الفنادق بتكلفة قدرها 14 ألفاً و500 جنيه، وطلب سفر لأسر المتهمين وعددهم 16 فردا لأداء فريضة الحج بإحدى الشركات السياحية بتكلفة للفرد 70 ألف ريال سعودي، وطلب وحدة سكنية بأحد المنتجعات في مدينة 6 أكتوبر قيمتها 8 ملايين و250 ألف جنيه".
وكانت الأجهزة الرقابية قد ألقت القبض على وزير الزراعة السابق، يوم 7 سبتمبر/أيلول الماضي، عقب مغادرته مجلس الوزراء وتقديم استقالته.
وتضم قائمة المتهمين في تلك القضية كلاً من صلاح الدين هلال وزير الزراعة، ومحيي الدين محمد سعيد مدير مكتب وزير الزراعة، والراشي أيمن محمد رفعت عبده الجميل، والوسيط محمد محمد محمود فودة.