الحق الثقافي على طريقة النمنم

19 مارس 2017
(القاهرة، تصوير: يان أرتوس برتران)
+ الخط -

"إن الثقافة حقّ لكل مواطن كالماء والهواء"، بهذه الاستعارة من طه حسين (1989 – 1973) افتتح حلمي النمنم خطابه أول أمس، في ندوة عقدتها "المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم" (ألكسو) في تونس حول الحق الثقافي.

لم يلتفت وزير الثقافة المصري وهو يستوحي مقولة عميد الأدب العربي التي أطلقها دفاعاً عن التعليم المجاني لجميع المصريين منذ قرابة سبعة عقود، إلى أن هذا الحق قد جرت مصادرته فأصبح التعليم طبقياً يناله من يدفع أكثر، كما تراجعت معه الحريات التي عاشتها الجامعات والمدارس إلى حدّ لم تعد تقبل السلطة معه برأي أكاديمي مخالف لها.

النمنم واصل حديثه بقوله أن "الحق الثقافي بدا بعيداً عن العرب، على الرغم من أنهم ناقشوا حقوقهم السياسية والعدالة الاجتماعية منذ أكثر من نصف قرن"، مطمئناً إلى أن "الحقوق الدستورية والانتخاب مكفولة لكلّ مواطن مصري وعربي".

وبعد انتظار خمسين عاماً، فإن على الجميع التفاؤل بـ"الاستراتيجية الجديدة" التي وضعها الوزير من أجل تحقيق العدالة الثقافية في مصر"، رغم أن هذه الاستراتيجية لا تعدو كونها جملة شعارات أطلقها مع وزير التنمية المحلية الشهر الماضي، دعا فيها إلى "تقديم خدمات توعوية وثقافية متميزة في كل مكان في مصر".

لا أحد يعلم إلى الآن ماهية الخدمات التوعوية والثقافية "المتميّزة"، لكن يمكن تلمسّها في رؤية وزارة الثقافة التي تتعرّض جميع فعالياتها لسهام النقد بسبب كثرة الأخطاء والإرباكات والتبرير الدائم لقرارات السلطة، وعدم انحيازها لأي مثقّف تضيّق السلطة عليه بسبب آرائه المعارضة.

بل إن التوعية التي يقوم بها النمنم تتمثّل في تدوير عبارات الإنشاء حول تاريخ مصر وعظمتها كلما افتتح مؤتمراً أو تظاهرة، فقد أعاد الكلام نفسه في تونس حين تسلّم شعلة "الأقصر عاصمة الثقافة العربية 2017"، رغم أن برنامج الاحتفالية مغرق في المحلية والارتجال".

التنظير حول الحق الثقافي ينتهي بمجرّد هجومه على "صنّاع الأكاذيب، ورعاة الظلام"، في إطار انتقاده قوى التطرّف والتشدّد التي تشمل كلّ من يعارض النظام وسياساته الإقصائية، وحينها يغدو الحديث عن هذا الحق ترفاً، باعتباره أعطية تُمنح لكل من قال: نعم.

المساهمون