الحفريات في طرقات الجزائر "فولوكلور" وطني

08 ديسمبر 2014
نوعية الطرقات سيئة برغم المشاريع (العربي الجديد)
+ الخط -
يتداول الجزائريون طُرفة في ما بينهم، تقول: "يستحيل أن تجد حفرة واحدة في طرقات اليابان، إلا أمام ‏السفارة الجزائرية، لأن الحكومة اليابانية تعمدت حفرها أمام السفارة، احتراماً لعادات البلد".‏
طبعاً هذه الطُرفة لم تأت من فراغ، فهي انعكاس لواقع يومي ‏يكابده الكثير من الجزائريين على الطرقات المهترئة المليئة ‏بالتشققات والحفر. وذلك، على الرغم من الجهد المبذول لتطوير ‏شبكة الطرقات في الجزائر والتي وصلت مسافتها حالياً إلى اكثر من ‏‏118 ألف كيلومتر من الطرقات المعبّدة.
‏صحيح أن إنجاز هذه الطرقات عرف قفزة كبيرة من حيث ‏الكم، لكن وعلى الرغم من مليارات ‏الدولارات التي أنفقت، الا أن الكثير من هذه المشاريع لم ‏تصمد أمام أبسط التغيّرات الجوية. هكذا، تعرّت هذه الطرقات بشكل ‏فظيع لتغزوها الحفر المتفاوتة الأحجام والأشكال. ويضاف إلى التشوّهات، غياب مجاري ‏المياه وانسداد ما وجد منها...

خسائر وأكثر
‏وخلال الاسبوع الماضي تسبب التهاطل الغزير للمطر، ‏وعلى مدار ثلاثة أيام متتالية، في عدد من ولايات الغرب الجزائري، بخسائر مادية كبيرة خاصة على مستوى الطرقات التي ‏غمرتها المياه وجرفت أجزاء منها في مناطق أخرى. واقع ‏كشف مدى الغش المستشري في إنجاز مشاريع الاشغال ‏العمومية، حيث انسدت المجاري وتصدعت الطرقات ‏وامتلأت بالبرك المائية، فضلاً عن وفاة شخصين من جراء ‏الفيضانات.‏
إذ إن مشاريع الطرقات الضخمة، جعلت المواطن يعيش النقمة في ‏عز النعمة. حين يهطل المطر، تتحول حياة ‏أصحاب السيارات والراجلين معاً إلى التأزّم. واقع يلخّصه عمر، وهو مواطن من ولاية البليدة بقوله: "في طرقات بلديتنا بين كل ‏حفرة وحفرة توجد حفرة". ويضيف أنه يقضي في ‏الطريق المهترئة ثلاثة أضعاف الوقت الذي من المفترض أن ‏يقضيه من أجل الوصول الى الطريق السريع. أما السبب فالحفر ‏والمياه التي تغمرها وتُغرق معها الطريق.
‏أما مواطنو ببراقي، وهي إحدى بلديات العاصمة، فيشتكون من سوء ‏حال العديد من الطرقات، بسبب الحفر التي تتركها شركة أعمال ‏تركيب وتصليح أعطاب الغاز والماء وغيرها. حيث تتراخى ‏البلدية في إعادة التزفيت.
وبحسب مدير بورصة المناولة والشراكة في وزارة التجارة الجزائرية، ‏العايب عزيوز، فإن فاتورة واردات البلاد من قطع الغيار ‏تتراوح بين السبعة والثمانية مليارات دولار سنوياً. في حين تشكل الحوادث الناجمة عن سوء الطرقات ‏ما نسبته 5‏‎%‎‏ من إجمالي أسباب حوادث المرور في الجزائر، ‏حسب إحصائيات مصالح الأمن الوطني.‏
من جهة أخرى، يقدر رئيس ‏جمعية إعانة المصابين بمرض ارتفاع الضغط الشرياني ‏لولاية الجزائر خير الدين مخبي أنه تم تسجيل أكثر من سبعة ملايين مصاب بداء ارتفاع ضغط الشرايين بالجزائر ‏السنة الماضية، وهو الداء الذي يمثل نسبة 58‏‎%‎‏ من النسبة ‏الإجمالية للوفيات سنوياً في الجزائر. ويرجع المتحدث ‏السبب في ذلك إلى القلق والتوتر الذي يعيشه الجزائري ‏يومياً، ويعود في جزء منه إلى الزحام المروري وسوء حالة الطرقات وضياع الوقت في التنقل.‏
ويرى الخبير الاقتصادي محمد حميدوش في حديث لـ "العربي ‏الجديد" أن شبكة الطرقات تلعب دوراً كبيراً في دفع التنمية الاقتصادية ‏بأي بلد، سواء تعلق الأمر بتنقل الأشخاص أو السلع. فهي ‏تسهم من 30 الى 50 نقطة أي من 0.3‏‎%‎‏ الى 5‏‎%‎ من حجم التنمية، مثلها ‏مثل وسائل تكنولوجيات الاتصال الحديثة التي تسهل تنقل ‏المعلومة، حسبما أثبتته الدراسات القياسية.‏
ويفسر الدكتور حميدوش ذلك بكون تسهيل الطرقات للتنقل ‏معناه الربح في الوقت، الذي يؤدي الى الربح في التكلفة، ‏ما ينتج منه ربح في التنافسية للاقتصاد الوطني وبالتالي دفع ‏عجلة النمو.
ويضيف الخبير الاقتصادي أن إنجاز طريق ‏سيار مثلاً بسبعة مليارات دولار سيكلف سنوياً نحو مليار دولار ‏صيانة، وهذا معناه وجوب اعتماد صيغ لتعويض ‏مصاريف الصيانة بخلق نقاط دفع ‏لمستعملي الطريق. و"إلا نكون مضطرين بعد 10 الى 15 ‏سنة إلى إنجاز طريق سيار جديد على اعتبار أن ‏العمر الافتراضي للطريق مقدّر بـ10 سنوات"، وفق حميدوش.‏
المساهمون