فيما تتواصل مفاوضات الملف النووي بين طهران وأميركا والقوى الخمس الأخرى في لوزان بسويسرا، ويتواتر الحديث بشأن قرب الوصول إلى اتفاق شامل بشأن تجميد البرنامج النووي، اعترف تقرير أميركي بأن الحظر الاقتصادي الأميركي ضد إيران فشل في تحقيق أهدافه الرامية إلى كبح تمدّد إيران في منطقة الشرق الأوسط.
وقال التقرير، الصادر عن أبحاث الكونجرس هذا الشهر، إن الحظر فشل في كبح جماح تقديم
إيران مساعدات عسكرية ومادية للمليشيات الطائفية بدول المنطقة، ورغم أنه حقق نجاحات محدودة على صعيد عرقلة عجلة النمو الإيراني وتطوير البرنامج النووي، ولكنه نجح في منع إيران من تطوير ثروات النفط والغاز الطبيعي.
ويثير التقرير شكوكاً حول سياسة غض الطرف التي تمارسها إدارة الرئيس باراك أوباما فيما يسمى بسياسة "تخادم المصالح" في المنطقة، وخرق الإدارة لبعض المواد القانونية الخاصة بحظر تقديم المساعدات العسكرية للمليشيات الطائفية والشخصيات المحظورة مثل قاسم سليماني وبعض أفراد الحرس الثوري الإيراني.
على الصعيد السياسي، اعترف التقرير بأن الحظر الأميركي على إيران لم يضعف قدرتها على تنفيذ أهداف سياستها الخارجية الرامية إلى التمدد وتوسيع نفوذها في المنطقة العربية.
ويقول التقرير إن الحظر الأميركي على حكومة طهران، والذي دعمه منذ منتصف العام الماضي انخفاض أسعار النفط بنسبة 50% في النصف الثاني من عام 2014، لم يضعف قدرة إيران على تسليح المليشيات الطائفية الموالية لها في المنطقة العربية، كما لم يضعف قدرتها على منح المساعدات العسكرية والاستشارية والمالية لنظام بشار الأسد في سورية والنظام الطائفي في العراق.
وحسب التقرير، فإن إيران واصلت تصدير السلاح إلى المليشيات الحوثية التي انقلبت على النظام الديمقراطي الشرعي في اليمن، ولا تزال تسعى إلى تصدير السلاح إلى المليشيات الشيعية المتطرفة في البحرين.
وعزا التقرير التقدم الكبير الذي أحرزته المليشيات الحوثية في استيلائها على صنعاء وتقدمها نحو الاستيلاء على عدن، إلى شحنات السلاح المتواصلة التي تصل إلى هذه المليشيات من إيران.
وأشار التقرير إلى أن تصدير إيران السلاح إلى المليشيات الطائفية في العالم العربي يتعارض مع مادة قانون الحظر الأميركي "رقم 1747"، التي تحظر تصدير إيران للسلاح.
وهذا يعني أن تقرير الكونجرس يعترف بأن الإدارة الأميركية الحالية تغض الطرف عن خرق الحكومة الإيرانية للقوانين الأميركية ضمن سياسة "تخادم أو تبادل المصالح" الجارية بين طهران وواشنطن في المنطقة العربية، وتسمح بموجبها إدارة الرئيس باراك أوباما لحكومة طهران بالتحرك بحرية في المنطقة العربية ما دامت ستساعدها في خدمة بعض أهدافها الأمنية والسياسية.
وعلى الصعيد النووي، شكك التقرير في نجاعة الحظر في تحجيم البرنامج النووي الإيراني، رغم العراقيل التي وضعها أمام إيران بشأن استيراد التقنيات الخاصة بتطوير السلاح النووي. ولكن التقرير قال إن الحظر الأميركي نجح فقط في تأخير المقدرات الإيرانية لإنتاج القنبلة النووية.
أما على الصعيد الاقتصادي، فيقول التقرير إن الحظر الأميركي الغربي الذي شدد في نهاية العام 2012، كانت له نتائج إيجابية محدودة على صعيد إبطاء عجلة نمو اقتصاد إيران. وحسب التقرير، فإن الاقتصاد الإيراني انكمش بنسبة 5.0% خلال العام 2013.
وتشير الإفادات التي أدلى بها مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون الاستخبارات والإرهاب، ديفيد كوهين، أمام لجنة الكونجرس الخاصة بالدفاع في يناير/ كانون الثاني، إلى أن الاقتصاد الإيراني انكمش منذ تشديد الحظر في العام 2010 بنسبة تراوحت بين 15 إلى 30% من
إجمالي الناتج المحلي.
اقرأ أيضاً:
حبوب روسيا مقابل نفط إيران: المصلحة أولاً
ونسب التقرير إلى كوهين قوله إن الحظر أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة بحوالي 20%، رغم
أن الحكومة الإيرانية تقول إن معدل البطالة في إيران يبلغ 13%. ولكن صندوق النقد الدولي يقول إن "إعفاءات الحظر" التي منحت لإيران في العام الماضي ساهمت في دفع الاقتصاد الإيراني للنمو بنسبة تراوحت بين 1.0-1.5% خلال العام 2014.
كما يشير كوهين كذلك، في إفاداته التي نقلها التقرير، إلى أن العديد من شركات القطاع الخاص الإيرانية لم تتمكن من دفع مرتبات لموظفيها لمدة شهور وبعضها الآخر شهد تأجيلاً في دفع الأجور.
ويذكر أن الريال الإيراني شارف على الانهيار في الشهور الأخيرة من حكم الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، ولكنه عاد للتحسن في أعقاب انتخاب الرئيس الحالي حسن روحاني.
وعلى صعيد التضخم، اعترف البنك المركزي الإيراني بأن التضخم في إيران بلغ 45% في يوليو/ تموز من العام 2013، بسبب تدهور الريال الإيراني، لكنه عاد للتحسن في أعقاب "إعفاءات الحظر المؤقتة" التي منحتها أميركا والقوى الغربية لحكومة طهران في نهاية العام الماضي. ونسب التقرير إلى اقتصاديين قولهم إن التضخم في إيران يراوح حالياً بين 25 و35%.
الصناعة النفطية
ولكن التقرير يشير إلى النجاحات الكبيرة المتحققة على صعيد عرقلة الحظر لتطوير ثروات الطاقة الإيرانية، حيث منعها من استيراد التقنيات الخاصة بالنفط، وأجبر شركات النفط والغاز الطبيعي الغربية على مغادرة إيران والتخلي عن العقود الموقعة لتطوير حقل بارس الضخم للغاز الطبيعي.
وحسب التقرير، فإن الحظر الأميركي أدى إلى انخفاض صادرات النفط الإيرانية بحوالي 60% من 2.5 مليون برميل يومياً، في العام 2011، إلى حوالي مليون برميل يومياً فقط خلال العام الماضي 2014.
وقدّر التقرير الدخل الإيراني من مبيعات النفط بحوالي 35 مليار دولار في العام 2013، مقارنة بدخل 100 مليار دولار في العام 2011.
وأشار في هذا الصدد، إلى أن دخل مبيعات النفط الإيرانية ربما تكون انخفضت إلى أقل من ذلك في العام 2013.
وتسعى إيران إلى تعويض النقص في الدخل النفطي ببيع بعض المكثفات والمشتقات النفطية.
ولكن خبراء في لندن يعتقدون أن إيران تستخدم النفط العراقي في تغطية احتياجاتها التوسعية بالمنطقة، خاصة استغلال إنتاج الآبار النفطية المشتركة مع العراق أو تلك القريبة من حدودها.
وتشير أرقام الميزانية الإيرانية لعام 2015، التي أعلنت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إلى أن إيران توقعت الحصول على دخل نفطي يقدّر بحوالي 34 دولاراً للبرميل.
ولكنها احتسبت سعراً متوسطاً في الميزانية يبلغ 72 دولاراً للنفط، قبل أن تعود وتصحح حساباتها في يناير/ كانون الثاني وتحتسب سعر النفط في الميزانية بسعر 40 دولاراً وتقدّر دخلها النفطي في العام 2015 بحوالي 20 مليار دولار.
اقرأ أيضاً:
إيران تخترق العقوبات بالصلب
اقرأ أيضاً:
إيران تراجع ميزانيتها على أساس 40 دولاراً للبرميل