27 سبتمبر 2018
الحرية في سورية وإسقاط النظام
كان شعار الثورة التي انطلقت في سورية هو الحرية، كما صاغته فئات تظاهرت، وكان مؤسساً على مجمل الأفكار التي حملها "ربيع دمشق"، حيث كان تركيز أحزاب المعارضة والنخب المثقفة على ضرورة الحرية، والسعي إلى الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية. الحرية التي كانت هاجس هؤلاء، والذي نقل إلى فئات شابة دفعها انغلاق السلطة الذي منعها من التعبير عن ذاتها، إلى أن تبحث عن الحرية التي تتواصل عبر النت في فضائها، لكنها باتت تريده في الواقع.
وعلى الرغم من أنه كان في الأمر ابتسار لواقع الشعب السوري، لأن هذا الهدف أولوية تلك الأحزاب والنخب بالأساس، بينما كانت أولوية الطبقات الشعبية تتمثّل في حق العمل والأجر الذي يسمح بالعيش، والمقدرة على تعليم الأبناء وعلاجهم، وإيجاد مسكن. وبالتالي، كان هناك تغليب لمصالح فئة على حساب مجمل الطبقات التي شاركت في الثورة، والتي ما زالت تلعب الدور الأساسي على الأرض، وكان هناك ميل "متطرف" نحو التركيز على الحرية، وحتى نفي ضرورة أو حتى وجود المطالب الأخرى. على الرغم من ذلك كله، نلمس أنه، بعد ثلاث سنوات من الثورة، بدأت هذه الأحزاب والنخب تميل إلى التركيز على "إسقاط النظام"، وتخفي شعار الحرية، بمعنى أن الهدف الأساسي الذي هو الحرية بات ثانوياً لمصلحة هدف إسقاط النظام.
بالطبع، كان تحقيق الحرية يفترض إسقاط النظام بالضرورة، فليس من حريةٍ في ظله، وليس من ديمقراطية ممكنة عبره، كما توضّح خلال عقود أربعة، وخصوصاً بعد الأوهام التي نشأت بعد تسلّم بشار الأسد السلطة، وراثة عن أبيه. وبالتالي، يجب إسقاط النظام، لكن، وفق الهدف الذي طرحه هؤلاء (وهو هدف حقيقي) يجب إسقاط النظام من أجل الحرية وبناء نظام ديمقراطي. وهذا يعني أن تصبح الأحزاب والنخب الديمقراطية المحرِّك للثورة. طبعاً خلال سنوات الثورة، لم تصبح هذه الأحزاب والنخب لا المحرِّك ولا المؤثر فيها، نتيجة قصور وعي وفاعلية، وهامشيتها التي تأسست على ضوء سوء فهمها للواقع.
ما هو أسوأ أنها باتت تركز على إسقاط النظام فقط، ونسيت مطلب الحرية وضرورة الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية. فقد أدت تحولات ميزان القوى على الأرض إلى أن تصبح المجموعات الأصولية، الإرهابية، هي القوة الأكبر في الصراع، نتيجة دعم متعدد الأطراف لها، سواء النظام نفسه، أو إيران، وأيضاً أميركا والسعودية والخليج عموماً، وذلك كله من أجل إجهاض الثورة بتحويل الصراع إلى صراع طائفي أو صراع ضد الإرهاب، أو تعزيز قوى النظام بقوى طائفية تدعمه، مباشرة أو عبر وجودها في بيئة الثورة لتخريب هذه البيئة وقتل الثورة. وبالتالي، بات كثير من يطرح هدف الحرية ضد طرح مجمل مطالب الشعب يركز على إسقاط النظام، لكي يقبل دعم أو التغطية على هذه القوى الأصولية، على أساس أنها ستسقط النظام، وهذا يكفي انتقاماً منه.
لكنه انتقام من الشعب الذي ثار كما تريد الدول التي دعمت وجود هذه المجموعات، الشعب الذي ثار من أجل العيش والحرية.
وبهذا، بدت هذه الأحزاب والنخب عارية إزاء ما كانت تطرح، وظهر أن ما يسكن مكنونها هو الانتقام من السلطة، وليس السعي إلى تحقيق الحرية وبناء النظام الديمقراطي، فتلك المجموعات الأصولية ليس فقط، ليست ديمقراطية، بل هي أكثر شمولية من النظام القائم، بالضبط، لأنها تعمم الاستبداد من المستوى السياسي إلى المستوى المجتمعي الشامل، والشأن العام إلى الشأن الخاص. فتفرض سلوكاً خاصاً على المجتمع، وتمارس الوحشية على كل مخالف لها، عبر تطبيق أقذر أشكال العنف. إيران مثال، والسودان مثال، وأيضاً السعودية مثال، إضافة إلى ممارسات النصرة وداعش في مناطق سيطرتها.
في ذلك كله، تظهر هشاشة الأحزاب والنخب، وسطحية تعلقها بالحرية والديمقراطية. لهذا، لم تستطع أن تلعب دوراً ضرورياً لتطور الثورة ونجاحها. على العكس، كانت عبئاً كبيراً عليها.
بالطبع، كان تحقيق الحرية يفترض إسقاط النظام بالضرورة، فليس من حريةٍ في ظله، وليس من ديمقراطية ممكنة عبره، كما توضّح خلال عقود أربعة، وخصوصاً بعد الأوهام التي نشأت بعد تسلّم بشار الأسد السلطة، وراثة عن أبيه. وبالتالي، يجب إسقاط النظام، لكن، وفق الهدف الذي طرحه هؤلاء (وهو هدف حقيقي) يجب إسقاط النظام من أجل الحرية وبناء نظام ديمقراطي. وهذا يعني أن تصبح الأحزاب والنخب الديمقراطية المحرِّك للثورة. طبعاً خلال سنوات الثورة، لم تصبح هذه الأحزاب والنخب لا المحرِّك ولا المؤثر فيها، نتيجة قصور وعي وفاعلية، وهامشيتها التي تأسست على ضوء سوء فهمها للواقع.
ما هو أسوأ أنها باتت تركز على إسقاط النظام فقط، ونسيت مطلب الحرية وضرورة الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية. فقد أدت تحولات ميزان القوى على الأرض إلى أن تصبح المجموعات الأصولية، الإرهابية، هي القوة الأكبر في الصراع، نتيجة دعم متعدد الأطراف لها، سواء النظام نفسه، أو إيران، وأيضاً أميركا والسعودية والخليج عموماً، وذلك كله من أجل إجهاض الثورة بتحويل الصراع إلى صراع طائفي أو صراع ضد الإرهاب، أو تعزيز قوى النظام بقوى طائفية تدعمه، مباشرة أو عبر وجودها في بيئة الثورة لتخريب هذه البيئة وقتل الثورة. وبالتالي، بات كثير من يطرح هدف الحرية ضد طرح مجمل مطالب الشعب يركز على إسقاط النظام، لكي يقبل دعم أو التغطية على هذه القوى الأصولية، على أساس أنها ستسقط النظام، وهذا يكفي انتقاماً منه.
لكنه انتقام من الشعب الذي ثار كما تريد الدول التي دعمت وجود هذه المجموعات، الشعب الذي ثار من أجل العيش والحرية.
وبهذا، بدت هذه الأحزاب والنخب عارية إزاء ما كانت تطرح، وظهر أن ما يسكن مكنونها هو الانتقام من السلطة، وليس السعي إلى تحقيق الحرية وبناء النظام الديمقراطي، فتلك المجموعات الأصولية ليس فقط، ليست ديمقراطية، بل هي أكثر شمولية من النظام القائم، بالضبط، لأنها تعمم الاستبداد من المستوى السياسي إلى المستوى المجتمعي الشامل، والشأن العام إلى الشأن الخاص. فتفرض سلوكاً خاصاً على المجتمع، وتمارس الوحشية على كل مخالف لها، عبر تطبيق أقذر أشكال العنف. إيران مثال، والسودان مثال، وأيضاً السعودية مثال، إضافة إلى ممارسات النصرة وداعش في مناطق سيطرتها.
في ذلك كله، تظهر هشاشة الأحزاب والنخب، وسطحية تعلقها بالحرية والديمقراطية. لهذا، لم تستطع أن تلعب دوراً ضرورياً لتطور الثورة ونجاحها. على العكس، كانت عبئاً كبيراً عليها.