الحرب تقتل صغار اليمن

11 فبراير 2019
هل يتهدّده الموت كذلك؟ (العربي الجديد)
+ الخط -


شهدت السنوات الأربع الأخيرة في اليمن، تحديداً منذ بدء الحرب الأخيرة في مارس/ آذار 2015، ارتفاعاً ملحوظاً في معدّلات وفيات الأطفال دون الخامسة، لا سيّما المواليد الجدد والرضّع، جرّاء تدنّي الخدمات الصحية التي توفّرها المرافق الصحية والمستشفيات الحكومية في البلاد إلى جانب عدم قدرة الآباء على تحمّل تكاليف العلاج في المستشفيات الخاصة.

بعد ساعات من ولادته، توفي ابن حنان عبد الله نتيجة عدم حصوله على الرعاية الصحية اللازمة. فهي بحسب ما تخبر "العربي الجديد"، اضطرت إلى وضع مولودها في منزلها بسبب عدم امتلاك زوجها المال الكافي لنقلها إلى مستشفى. تضيف عبد الله: "طفلي عانى من ضعف شديد ونقص في وزنه الطبيعي بالإضافة إلى صعوبة في التنفّس، الأمر الذي أدّى إلى وفاته".

وتشير إلى أنّها كانت قد أصيبت بـ"فقر الدم في خلال أشهر الحمل من دون أن أتلقّى العلاج المناسب، فأوضاعنا المعيشية صعبة، لا سيّما أنّ زوجي خسر عمله عند بدء الحرب".

عبير المرتضى فقدت كذلك طفلها الذي ولد مبكراً "على الرغم من إمكانية إنقاذه"، بحسب ما تقول. تضيف لـ"العربي الجديد": "تفاجأت بآلام المخاض في الشهر السابع، واضطررت إلى الولادة في المنزل بسبب عدم توفّر مرفق طبي أو مستشفى في قريتنا وعدم توفّر وقود لسيارة أقربائنا. وهو ما أدّى إلى وفاة مولودي الجديد بعد عملية الوضع مباشرة". وتوضح المرتضى أنّ "الوصول إلى أقرب مستشفى من قريتنا (تقع في محافظة المحويت) يتطلب نحو ثلاث ساعات بواسطة السيارة، فضلاً عن أنّ الطريق وعرة جداً"، مشيرة إلى أنّ "أهالي القرية والمناطق المجاورة يعانون جرّاء عدم توفّر مراكز طبية".



من جهتها، تروي منيرة ياسين بحسرة كيف توفي طفلها. تقول لـ"العربي الجديد": "بحثنا عن حاضنة لطفلي المولود حديثاً في أحد مستشفيات أمانة العاصمة صنعاء، من دون جدوى. المستشفيات الحكومية كلها رفضت استقباله، وزوجي لا يستطيع تحمل تكاليف العلاج المرتفعة في المستشفيات الخاصة، الأمر الذي أدّى إلى وفاته". وتحمّل ياسين "وزارة الصحة والسكان مسؤولية ما حلّ بطفلي، لعدم توفيرها حاضنات في مستشفيات حكومية قادرة على استيعاب جميع الأطفال المولودين حديثاً فيها أو في خارجها".

أمّا عبد الله الخميسي، فقد توفي طفله البالغ من العمر ثلاثة أعوام بعدما أصيب بمرض الكوليرا، شماليّ مدينة الحديدة. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "المرض قضى عليه سريعاً، ونحن لم نعرف بأنّه مصاب بمرض خطير إلا بعد وفاته". ويشير إلى "أطفال آخرين في الجوار أصيبوا بسوء التغذية، فتوفوا من دون أن يتمكّن أهلهم من إنقاذهم"، مطالباً "الحكومة بالعمل على إيجاد طرق لحماية الأطفال من الجوع والأمراض. هذه مهمتها ومهمة المنظمات الدولية".

في السياق، يقول الطبيب عبد الرحمن الصبري لـ"العربي الجديد" إنّ "استمرار تدهور المنظومة الصحية في البلاد منذ أربعة أعوام، أدّى إلى ارتفاع في وفيات الأطفال (دون الخامسة) خصوصاً في المناطق الريفية التي تعاني الفقر وانتشار الأمراض وسوء التغذية".

يضيف الصبري أنّ "عدم الاهتمام بالنساء في أثناء الحمل قد يؤدّي إلى نقص وزن الطفل بعد الولادة إلى جانب تشوّهات خلقية ومشكلات أخرى يمكن تفاديها من خلال مراجعة الطبيب المعالج بانتظام واتباع نصائحه بصورة دقيقة. لكنّ هذا أمر تهمله أسر كثيرة نظراً إلى عدم توفّر الإمكانات". ويشير الصبري إلى "إمكانية الحدّ من وفيات الأطفال من خلال التغذية الجيّدة للأمهات ومباعدة حالات الحمل والولادات، بالإضافة إلى ترسيخ مفهوم الوقاية والرعاية. لكنّ ذلك في حاجة إلى المال الذي لا يمكن توفيره بسهولة في مثل هذه الظروف لدى الأسر في الأرياف".


ويفيد تقرير حول حالة سكان اليمن في عام 2018، أصدره المجلس الوطني للسكان (مؤسسة حكومية)، بأنّ الحرب الدائرة في البلاد تسبّبت في ارتفاع معدّل الوفيات بين المواليد الجدد. وأشار التقرير إلى أنّ اليمن يواجه تحديات سكانية كبيرة نتيجة الحرب التي أدّت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية وتوقف الأنشطة والمشاريع.

من جهتها، تفيد وزارة الصحة اليمنية في صنعاء، بأنّ وفيات الأطفال دون الخامسة من عمرهم في خلال 2016 - 2018، بلغ 180 ألف طفل، بواقع وفاة طفل واحد كلّ 10 دقائق. وتشير الوزارة إلى أنّ الأرقام قد تكون أعلى لأسباب عدّة، أبرزها سوء التغذية وفقر الدم والأمراض المزمنة، موضحة أنّ 88 في المائة من الأطفال اليمنيين مصابون بفقر الدم أي بواقع نحو تسعة أطفال من أصل 10.

أمّا منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، فتشير إلى أنّ 1.8 مليون طفل يمني يعانون جرّاء سوء التغذية، 400 ألف منهم يعانون سوء التغذية الحاد وهي حالة تهدّد الحياة. وتؤكد أنّ أطفالاً كثيرين يموتون بسبب أمراض تمكن الوقاية منها عير التحصين باللقاحات اللازمة.