تتجه الحرب الإعلامية الدائرة رحاها حالياً بين المغرب والجزائر، عبر وكالات الأنباء الرسمية للدولتين الجارتين، إلى المزيد من التأجيج، بعد نشر "وكالة المغرب العربي للأنباء"، اليوم الجمعة، تقريراً وصفت فيه الجزائر بأنها "بلد على حافة الهاوية".
وقالت الوكالة المغربية، في تقريرها الذي يأتي بعد يومين من تقرير مماثل لـ"وكالة الأنباء الجزائرية"، إنه "من مأزق إلى آخر، تجد الجزائر صعوبة في رؤية نهاية للنفق الذي زجها فيه نظام فاسد على وشك الاضمحلال، والذي قرر الجزائريون وضع حد له، من خلال الحراك، تلك الحركة الاحتجاجية السلمية التي استمرت لأزيد من سنة، والتي اضطرت للتوقف مؤقتاً بسبب جائحة كورونا".
واعتبرت الوكالة الرسمية أن "الأغلبية الساحقة من المواطنات والمواطنين ما زالوا يستحضرون الأسباب التي دفعتهم إلى النزول إلى الشارع، في 22 فبراير/شباط 2019، للوقوف في وجه نظام فوضوي، تحدوهم إرادة قوية للمضي قدماً إلى أن يسترجعوا سيادتهم التي سلبت منهم منذ أمد بعيد".
وسجلت أنه "عوض الاستجابة للمطالب المشروعة لهؤلاء المواطنين، ظل النظام، الوفي لطبيعته، يراوغ. وقد قرر هذه المرة الاستعداد لخلافة نفسه، من خلال مراجعة الدستور قصد البقاء على الرغم من حصيلة كارثية دمرت البلاد". وتابعت الوكالة المغربية: "أمام هذا الصراع بين الحكم القائم والحراك، الذي تشوبه حوادث وتجاوزات من مختلف الأنواع، لن يكون المطلب العاجل هو تغيير النظام، وإنما إنقاذ الجزائر من الانهيار".
وكانت "وكالة الأنباء الجزائرية" قد نشرت، أول أمس الأربعاء، تقريراً يشير إلى مخاوف مغربية من استعادة الجزائر لثقلها واستقرارها، واتهمت فيه الرباط بالعمل بـ"التحالف مع الأوساط الصهيونية لمنع الجزائر من استعادة الاستقرار والنظام والحقوق والحريات والنمو".
وقالت الوكالة الجزائرية إن ذلك "هو أكثر ما يقلق هذا التحالف، وإلا فكيف يمكن تفسير التصريح المخزي لقنصل المملكة المغربية بوهران بأنه يوجد في (بلد عدو) عندما يتحدث عن بلد لا يزال الجيران المغاربة يجدون فيه حسن الاستقبال والضيافة".
وقبل أسبوع، استدعت وزارة الخارجية الجزائرية السفير المغربي في الجزائر، للاحتجاج على تصريحات منسوبة للقنصل المغربي في وهران، خلال اجتماع له مع رعايا مغاربة أمام مقر القنصلية للمطالبة بترحيلهم إلى المغرب، حين وصف الجزائر بـ"البلد العدو"، ما اعتبرته الدبلوماسية الجزائرية تصرفاً غير مقبول ومخالفاً للأعراف الدبلوماسية، وطالبت السلطات المغربية باتخاذ الإجراءات اللازمة في حقه.
ولا تكاد العلاقات الجزائرية المغربية تتلمّس طريقاً لحلّ الخلافات بين البلدين حتى تعيد التصريحات السياسية الأزمة إلى نقطة بداية الخلاف الحاد. ويشكل ملف الصحراء أبرز القضايا الخلافية بين الجزائر والمغرب، إذ تتهم الرباط الجزائر بتقديم الدعم لـ"جبهة البوليساريو" الانفصالية، فيما تعتبر الجزائر القضية مسألة أممية.
ولم تؤدّ دعوة العاهل المغربي محمد السادس التي تضمنتها برقية التهنئة التي وجهها إلى الرئيس الجزائري، في 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلى "فتح صفحة جديدة" في العلاقات بين بلاده والجزائر وطي صفحة الخلافات، إلى تحسّن العلاقات بين الدولتين الجارتين. وكان اتهام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في فبراير الماضي، ما سماه اللوبي المغربي – الفرنسي بعرقلة تطور العلاقات بين الجزائر وباريس والحد من كل المبادرات خدمة لمصالح الرباط، قد ألقى بظلاله كذلك على العلاقات بين الدولتين.
وعلى امتداد الأشهر الماضية، أدخلت التصريحات السياسية العلاقات بين البلدين إلى مرحلة الأزمة، على خلفية موقف الجزائر من فتح دول أفريقية قنصليات لها في العيون والداخلة، أكبر مدن الصحراء، واتهامها بالسعي إلى إفشال منتدى "كرانس مونتانا" في الداخلة، جنوب المغرب. ومنتدى "كرانس مونتانا"، الذي يقام سنوياً تحت رعاية ملكية، يصبو إلى المساهمة في الاعتراف الدولي بالصحراء كجزء من المغرب.