الحجاب والغناء: الموهبة والفشل بعيداً عن الدهشة

08 فبراير 2018
منال في "ذا فويس" فرنسا (فيسبوك)
+ الخط -
في الأول من شباط/ فبراير الحالي انطلقت تظاهرة على مواقع التواصل الاجتماعي مرتبطة بالحجاب واحترام الثقافات المختلفة في العالم الغربي. فاطمة خان، صاحبة هذه الدعوة، بدأت نشاطها عام 2013 لتذكر النساء غير المحجبات بضرورة ارتداء الحجاب كنوع من التضامن مع المحجبات في هذا اليوم.
 
المبادرة لقيت تجاوباً كبيراً بين المتابعين وجلهم من النساء الذين أيدوا صفة التضامن، وأطلقوا مجموعة من النداءات التي تساند النساء المحجبات في العالم.

ليس بعيداً عن الأول من فبراير/ شباط، يوم السبت الماضي، تصدرت الشابة السورية منال مواقع التواصل الاجتماعي بعد مرورها الأول في النسخة الفرنسية من برنامج "ذا فويس". صورة فاجأت المتابعين في أوروبا كما حال الجمهور العربي، الذي التقط الفيديو الأول لمنال، المغنية، الجميلة التي غنت "هاليلويا" للراحل ليونارد كوهين، بالإنكليزية ثم بالعربية.

صورة "الدهشة"، تحضر في مثل هذا النوع من البرامج، وتقوم بالتالي على تعاطف صاروخي، وتصفيق وحماسة للفتاة "المبهورة" بما يحصل أمامها. وهي في رأي المُدربين والجمهور الفرنسي الحاضر في استديو "ذا فويس"، احتفالية، كسرت طوق التقليد، أو الالتزام الديني، وجاءت بحجابها العصري، كما وصفته الصحافة الفرنسية، للكشف عن حلم راودها منذ الطفولة، وهي نفسها كسبت شهرة واسعة على مواقع التواصل (50 ألف متابع على انستاغرام) بعد نشرها فيديوهات تغني وتعزف فيها على البيانو، ووصلت اليوم إلى أشهر برامج المواهب.

صورة منال، أمام مغنين عالميين لهم شهرتهم، وانكشاف موهبتها الأقرب إلى الاحتراف وحصادها استدارة المدربين الأربعة، تعيدنا إلى مواقف "الصدمة" المعتادة في البرنامج ذاته. إذ اكتشف المدربون في "ذا فويس" فرنسا، موهبة الفنانة اللبنانية هبة طوجي قبل أكثر من سنتين، فاحتفل المدربون أنفسهم بطوجي "غير المحجبة"، لكن التي غنت بالعربية. ردة فعل استمرت في حلقات متتالية إلى أن خرجت طوجي من المسابقة.

بعيداً عن "الدهشة" التي تسكن المدربين، بعضهم يكون على علم مسبق بمرور المتسابقين، والسعي وراء تعاطف يزيد من نسبة المشاهدة التلفزيونية، ويتحول إلى "ترند" مع اتساع رقعة الميديا البديلة اليوم، لا بد من الاشارة إلى أن هذه المواهب تستحق فعلاً الضوء، لما تملكه من تقنية عالية في المجال الموسيقي والغنائي.


قبل عامين، ظهرت نداء شرارة في النسخة العربية من "ذا فويس" ولم تقل ردة فعل المدربين الفرنسيين قبل أيام، أمام منال، عن ردة فعل المدربين العرب تجاه نداء شرارة. استعطاف جنوني، وإشادة اتخذت شكل المزايدات على موهبة أردنية، كسرت "تابو" الأهل والمجتمع، وخرجت لتقول "صوتي يستحق"، لكنها لم تنج من إصرار المحطة ولا المدربين على استغلال حجابها. إثارة، تشد من تفاعل المشاهد، وتدفع البعض لزيادة معدل التصويت والكسب المالي، أو التضامني مع "المحجبة" التي جاءت باحثة عن فرصتها في الغناء والشهرة. ثم جاء فوز نداء شرارة باللقب، فنالت MBC المبتغى، لتبدأ شرارة رحلة المتاعب، بين الضوء والعمل والبحث عن منتج يأخذ بيدها لما أرادت تحقيقه.

نكثت شيرين عبد الوهاب بكل وعودها لنداء شرارة، لأسباب لم تعرفها نداء، ولم تساعدها، حتى بوعد الظهور معها في بداية حفل ستحييه شيرين، بعد البرنامج، تجهزت له نداء جيداً، لكن شيرين تهربت منها، وانتهى التفاعل بين الطرفين، لتتخذ شرارة طريقاً منفرداً لم يعد أمامها غيره في الانضمام لشركة الموسيقي جان ماري رياشي.



الهروب إلى الحجاب
ليس من رابط بين اعتزال مغنية وارتدائها الحجاب وبين "حالتي" منال ونداء شرارة في برنامج "ذا فويس". ربما تكون أسباب الاعتزال كثيرة وتُنهي بذلك طريق فنانة وجدت في اعتزالها حداً فاصلاً بين حياة اختارتها بكل رضى، وأرادت اليوم وضع نهاية لها.

أمل حجازي، التي عرفت بداية القرن الحالي، كمغنية، لم تستثمر موهبتها الفنية في إطار صحيح، ولم يعرفها الجمهور إلا بحضور وأعمال غنائية خفيفة، خجولة، فضاعت بين البحث عن نجومية تحلق بها، كما حصل مع فنانات جيلها (إليسا ونانسي عجرم وغيرهما بعد صعود نجميهما تلك الحقبة)، بينما عاشت حجازي محاولات فنية فقط، لم تمكنها من العبور إلى المساحة المطلوبة وضمان "النجومية". تاهت حجازي لوقت طويل، وبقيت على تماس أبعدها عن الحرفية المطلوبة لمن سبقنها، خسرت أمل حجازي مكانها في الغناء، بسبب إهمالها، واختارت الاعتزال قبل أشهر، ووضعت الحجاب لتؤكد على قرار كان بإمكانها اتخاذه دون حجاب عصري، أيضاً، واستغلت ذلك حجازي في مجموعات من الصور أشبه بصور عارضات "كاتولوغات الموضة" إلى إعلانها عن قبولها بالأناشيد أو الابتهالات الدينية، إذ لاقت إصراراً من المتابعين على الغناء من جديد.



المشكلة، في الحالتين، تنقل صورة "ازدواجية" في التعاطي الترويجي الضروري، برأي أصحاب المحطات التلفزيونية والإعلانات، لصيد ثمين عن طريق محجبة تغني، والحالة الثانية هروب فنانة في لحظة "تخلٍ فني" أو تراجع فني، أو قرار ديني مفاجئ إلى "الحجاب" كنوع من ردة الفعل على الغناء أو التمثيل أو عالم الفن وإسدال الستارة بعبارة "اعتزال".



دلالات
المساهمون