كان "الحب" وما يزال الموضوع الأكثر انتشاراً في السينما عبر العالم، غير أنه اتسم في السينما العربية باتجاهات معينة بسبب عدد من العوامل الاجتماعية والنفسية للمجتمع العربي، الذي لطالما كان يتخذ موقفاً معادياً من علاقات العشاق ويضع العقبات بمختلف أنواعها في طريقهم، مما جعل الأفلام العربية في مجملها تروي هذه الأحداث العصيبة وتحاول علاجها وطرح إشكالياتها منذ بداياتها وحتى يومنا هذا.
ولعل أشهر نموذج تم التطرق إليه، هو علاقات الحب بين أشخاص من طبقات اجتماعية مختلفة، وهو ما عالجته أفلام كثيرة في الأربعينيات والخمسينيات وحتى مطلع الستينيات والسبعينيات، وذلك بسبب نمط الحياة الذي كان يعتمد على الطبقية، ونجد أن أشهر تلك الأعمال هو فيلم "صراع في الوادي" عام 1954 للمخرج يوسف شاهين، والذي قامت ببطولته فاتن حمامة وعمر الشريف وكان بداية قصة حبهما الحقيقية الخالدة. وقد قدما معاً فيلماً رومانسياً ناجحاً آخر هو "سيدة القصر" الذي عرض قصة حب فتاة فقيرة وشاب ثري مستهتر، وقد استمر صراع الحب والثروة حتى الثمانينيات ففي فيلم "حبيبي دائما" مثلا، لاحقت هذه اللعنة العاشقين وانتهت القصة مأساوياً، وقام ببطولته عام 1981 ثنائي آخر من أجمل ثنائيات العشاق في عالم الفن وهما نور الشريف وبوسي.
أما النموذج الثاني الذي أصبح متداولا في السينما المعاصرة، فليس بعيداً جداً عن الصراع السابق بين النبلاء والفقراء، إلا أنه بدل اعتراض البشوات والهوانم على زواج أبنائهم من أشخاص ينتمون إلى الطبقة المتوسطة أو الفقيرة، نجد اعتراض الأهل غالباً على زواج أبنائهم ممن هم من نفس طبقتهم، وبحث الفتيات خصوصاً عن عريس ثري يوفر لهن الحياة التي يحلمن بها، تاركات خلفهن العاشق المجروح في معترك الحياة، ومن أشهر هذه الأفلام نجد فيلم "الحب فوق هضبة الهرم" عام 1986 الذي قام ببطولته أحمد زكي وآثار الحكيم وأخرجه عاطف الطيب، وقد كانت هذه النوعية من الأفلام انعكاساً عميقاً لواقع الحياة في تلك الفترة ولموجة ضياع قصص الحب تحت أقدام الواقع الأليم والظروف الاقتصادية الصعبة.
غير أن باب الأمل يبقى مفتوحاً أمام الراغبين في التغلب على ظروفهم وواقعهم، ففي فيلم "خلي بالك من زوزو" عام 1972، استطاع الحب الانتصار على نظرة المجتمع، إذ تمسك ابن الباشا الثري بحبه لابنة الراقصة، وضرب عرض الحائط بما يقوله الناس، وكان ذلك الفيلم بالتاكيد علامة هامة في تاريخ السينما لأنه تصدى لمشكلة كبيرة في حياة كل فرد عربي، وهي الخوف من نظرة المجتمع ومحاولة إرضاء الآخرين على حساب الرغبات والسعادة الشخصية.
أما في فيلم "أميرة حبي أنا" الذي تم إنتاجه عام 1974 وتقاسم بطولته كل من حسين فهمي والسندريلا سعاد حسني، فقد قدم قصة حب مختلفة عن السائد، حيث يندم البطل على زواجه دون حب من ابنة المدير الثري بعد أن يقع في حب أميرة ويقرر التضحية بكل شيء من أجلها.
كما نجد في السينما العربية عددا من الأفلام التي قدمت الحب على الطريقة الكوميدية منها: "صغيرة على الحب" و"نص ساعة جواز" و"الزوجة 13" و"إشاعة حب" وغيرها، في حين نجد أفلاماً قدمت الدراما والألم في علاقات العشاق وأبكت الجمهور على مصير أبطالها، منها: "الوسادة الخالية" و"معبودة الجماهير" و"للحب قصة أخيرة" و"أيامنا الحلوة".
وتبقى قائمة الأفلام التي تتحدث عن الحب في مجتمعاتنا العربية طويلة جداً وغنية جداً، ولكنها في مجملها قدمت صورة عامة عن حال العشق والهوى، وعن انعكاس التطورات التاريخية بكل أنواعها على المشاعر الإنسانية التي ستبقى تبحث دائما عن الحب الحقيقي الذي يجعل العالم أجمل.
اقرأ أيضاً: الصراع التاريخي بين الفن والحب... واقع وحياة النجوم اليومية