الحاج مصطفى المصري.. شاهد على مذبحة الطنطورة

20 مايو 2016
يتذكر تفاصيل المجزرة (العربي الجديد)
+ الخط -



مشهد المذبحة والجثث الملقاة على الأرض لا يفارق خيال الحاج، مصطفى سليمان المصري، الذي تلقب عائلته بالأطرش أيضاً. يقطن اليوم قرية الفرديس، لكنه ولد سنة 1934 في الطنطورة، ليكون شاهداً حيّاً على مذبحة غيرت الكثير من مجرى حياته.

تقع قرية الطنطورة على الساحل، جنوب مدينة حيفا، وتبعد 20 كم عنها، تعرّضت لمجزرة رهيبة ارتكبتها العصابات الصهيونية بتاريخ 22 و23 مايو/ أيار 1948، وراح ضحيتها أكثر من 200 شهيد. وتختلف هذه المجزرة عن غيرها من مجازر فلسطين، لكونها ارتكبت بعد أسبوع من إعلان الاحتلال "قيام دولة إسرائيل".

الحاج المصري، في مقابلة مع "العربي الجديد"، من منزله في قرية الفرديس، يقول: "راحت البلاد ضحكة لعبة، أكبر عدو للفلسطينيين هو بريطانيا، فهي التي سلمت كل شيء لليهود وساعدت بارتكاب هذه المجزرة".

لا يشعر بطعم أي عيد أو احتفال رغم توالي السنين، فهي بالنسبة له مجرد مناسبات ألم، يسترجع فيها تفاصيل جثث ممددة وأشلاء متطايرة، وكيف استشهد شقيقه ووالده في مذبحة الطنطورة، أمام عينيه يوم 23 مايو/أيار من عام النكبة".

ويضيف: "لن أنسى كل ذلك الألم، وعندما تحل ذكرى المذبحة التي توافق 23 مايو/ أيار، أتذكر تفاصيل المأساة. كان عمري حينها 14 سنة، وعمر أخي 19 سنة، ولا تسعفني الذاكرة في نسيان كيف استشهد والدي سليمان، بعد أن تم قنصه مع مجموعة كبيرة من أهل القرية".



ويروي"في حيّنا ومنطقتنا أعدموا غالبية الرجال والشباب، واستشهد ثمانية من جيراني من عائلة دسوقي، ومن عائلة عيسى الحمدان وعائلة المصري، ولم يبق من عائلة أبو صافية سوى 3 أفراد من أصل 12، أذكر أنه حينها أمرني الجنود اليهود بأن أرافق كهلا عمره 92 عاما، وأن أسير معه دون أن أسبقه، عندها جاء جندي يهودي وضربني بـ "بوز" البندقية على رأسي، وأغمي علي وسقطت أرضا، وما زال أثر الضربة قائما".

ويتذكر الحاج كيف أن البريطانيين منعوهم من التزود بالسلاح، فقبل النكبة كان ذلك مخالفاً للقانون، "منعوا عنا السلاح، ولم يسمحوا لنا بدخول الطنطورة حتى بعد حرب عام 1967".

وعلى الرغم من صدور حكم قبل سنتين يمنع الحاج المصري من دخول القرية بعد الدعوى التي رفعها ضده يهودي من الطنطورة، إلا أنه تمكن من دخولها والاهتمام بأرضه وزراعتها: "أزور القرية بشكل دائم وقمت بزراعتها لآكل من غلتها".

للحاج المصري عشرة أبناء، خمس بنات وخمسة ذكور ولديه 75 حفيداً. يشير إلى أنّه لم يبق من القرية إلا المدرسة، التي تستعمل اليوم كمركز أبحاث للأسماك، ومقام الولي "جريمي" وبه قبر لرجل وزوجته وابنهما، وقلعة وبئر قديمة، وآثار لمنزل يعود لعائلة آل اليحيى بُني في سنة 1882 التي عرفت بثرائها.