الحاج عبد الله يحتفظ ببلطة قطعت رؤوس أصدقائه

19 نوفمبر 2016
هذه هي البلطة (العربي الجديد)
+ الخط -

الفلسطينيون بمعظمهم خرجوا من فلسطين خلال النكبة، على أمل العودة إليها بعد أسبوع أو بعد أسابيع عدة على أبعد تقدير. الحاج عبد الله طالب الصلحاني، من بلدة البصة في قضاء عكا، واحد من هؤلاء. كان يبلغ من العمر 21 عاماً في ذلك الحين، وكانت له خطيبة تزوّجها في لبنان في وقت لاحق. كان يتمنّى أن يؤسّس بيته في فلسطين وأن يربّي أولاده هناك، لكنّه اضطر إلى التنقل من مكان إلى آخر، بحثاً عن لقمة عيش كريمة وعن مكان آمن.

لم يظنّ الحاج عبد الله في يوم، أنّه سوف يعيش "كلّ هذا العمر خارج فلسطين". ويقول بغصّة: "لم نكن أغنياء في فلسطين، بل كنا نعيش حياة بسيطة. كنا نسكن في بيت صغير مؤلف من غرفتين، لكنه كان ملكاً لنا، ولم نكن مضطرين إلى التنقل كالقطط من مكان إلى آخر بحثاً عن حياة أفضل. كذلك كنت أعمل في سكة الحديد، وكنت مستقراً، لا أحد يهددني بالفصل لأنني فلسطيني".

يخبر الحاج عبد الله أنّ "أحداً لم يعتدِ علينا حين خرجنا من فلسطين، لكننا كنا نسمع عن مجزرة دير ياسين. وقد قصدنا شخص أردنيّ يُدعى شكيب وهاب قائلاً: اخرجوا لمدة أسبوع واحد فقط. لا تأخذوا معكم أياً من أغراضكم، لأنكم سوف تعودون". يضيف: "عندما خرجنا من فلسطين، توجّهنا في البداية إلى جنوب لبنان. ومكثنا في منطقة يعتر لمدّة سنتين. بعدها، انتقلت إلى منطقة الشياح في ضواحي بيروت، وثمّ إلى مخيّم شاتيلا. ما زلت أعيش في هذا المخيّم حتى اللحظة".

لم يكن الحاج عبد الله قد تابع تعليمه، فراح يعمل في جنوب لبنان في بيع الدخان. "وعندما انتقل إلى منطقة الشياح، فتح محلاً لتأجير الدرّاجات. وبعد انتقالي إلى مخيّم شاتيلا، عملت في فلاحة الأرض لأعيل أولادي الاثنَي عشر. تابعوا تعليمهم وهم يعيشون اليوم في دول أوروبية، باستثناء واحد مستقرّ في لبنان وآخر استشهد خلال حرب المخيمات الفلسطينية في الثمانينيات".

يشدّد الحاج عبد الله على أنّ "حياتنا لم تكن مريحة في مجملها. بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، وصلت قوات الاحتلال إلى تخوم مخيمات بيروت". يضيف: "وفي 15 سبتمبر/ أيلول من ذلك العام، حاولت وأربعة من أصدقائي الخروج من المخيّم لمعرفة ما يحدث، لا سيّما وأنّ النساء وكبار السنّ والأطفال هم الذين بقوا فيه. عدت أدراجي بعدما اكتشفت أنّني نسيت هويّتي في البيت، أمّا أصدقائي فتابعوا طريقهم. لكنّهم قُتلوا جميعهم وقطعت رؤوسهم بالبلطة".

اليوم، ما زال الحاج عبد الله يحتفظ بالبلطة التي قُطعت بها رؤوس أصدقائه، قبل مجزرة صبرا وشاتيلا بيوم واحد فقط.

المساهمون