حكايات اللاجئين الفلسطينيّين لا تنتهي، وما زال كثيرون يحفظون تفاصيل كثيرة تعنيهم وتؤلمهم. الحاجة صبحيّة أبو هيكل، التي تتحدّر من المنشية في قضاء عكّا في فلسطين، كانت قد تركت بلدها في عام النكبة (1948)، حين كانت في الثانية عشرة من عمرها. في الوقت الحالي، تعيش في مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، بعد رحلة طويلة من اللجوء.
تقول أبو هيكل لـ "العربي الجديد": "لم نخرج من بلدنا بسهولة، بل تركناه بعد سبعة أيام من المقاومة. ظلّ المقاومون يناضلون حتى استطاع الصهاينة الوصول إلى منطقتنا، علماً بأنّهم لم يتمكنوا من احتلال عكا بسهولة". وتضيف أن الكثير من الصهاينة قتلوا عند سور عكا، مشيرة إلى أنّ بوابة عكا كانت عصيّة على المعتدين. "رأينا جثثاً ملقاة أمامنا. لكن بعد مرور سبعة أيام من المقاومة، استطاع الصهاينة الدخول إلى عكّا عن طريق البحر، فهربنا إلى بلدة دير القاسي، حيث بقينا يومين، ثمّ توجّهنا إلى الحدود اللبنانية خشية أن يلحقوا بنا. في هذا اليوم، خرجنا من فلسطين وتوجهنا إلى لبنان. وخلال سيرنا، كان المناضلون الفلسطينيّون يسهّلون خروجنا بهدف إبعادنا عن الخطر. بعدها، وصلنا إلى منطقة كونين الجنوبية اللبنانية، ثم إلى تبنين".
تشير إلى أن عائلتها كانت ترغب في الوصول إلى صيدا، وهو ما حدث "جلب لنا سائق حافلة نقل صغيرة، وأوصلنا إلى سكّة الحديد". تذكر أن والدها أعطاه المال بالعملة الفلسطينية، ولم يكن يعرف أنّها تساوي أضعاف الليرة اللبنانية آنذاك. ومن هناك، ركبت العائلة القطار إلى مدينة حلب في سورية، حيث مكثوا عاماً ونصف العام. تذكر أنّ هذه الفترة كانت الأصعب في حياتها، إذ كان البرد قارساً، ولم يكونوا يملكون المال، وكانت فرص العمل قليلة، علماً بأنّ الناس كانوا يقدّمون لهم الأغطية والطعام "وعندما أتيحت لنا فرصة المجيء إلى لبنان، ركبنا القطار وعدنا مجدداً. على الأقل، كان الطقس أكثر دفئاً، كما أنّ معظم أقاربنا استقرّوا في صيدا. وكانت الحياة في المخيم أفضل مما عشناه في حلب".
اقــرأ أيضاً
بعد مرور ثلاث سنوات على انتقالهم إلى لبنان، تزوجت، ولم ترزق بأطفال إلّا بعد مرور اثني عشر عاماً، فأنجبت ستة أولاد. تقول أبو هيكل إنّ الحياة اختلفت كثيراً عمّا كانت عليه في السابق "في ما مضى، كنّا نسكن الشوادر، وكانت الأحوال الماديّة أصعب. زوجي كان يعمل في مصنع، إلّا أنّه لم يتمكّن من الاستمرار في عمله هذا لساعات طويلة. فصار يعمل فيه ساعات أقل، وفتح دكّاناً. ثمّ كان الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، وقد اعتقل الإسرائيليون زوجي بالإضافة إلى رجال آخرين، بعدما جمعوهم في الشارع، وعصّبوا أعينهم، ووضعوهم في الشاحنات".
في غياب زوجها، اضطرت إلى العمل محلّه في الدكان حتى تتمكن من العيش. لكن خلال هذه الفترة "كان العملاء يأتون ليأخذوا مني المال. لم أكن أستجيب لهم لأنني لا أملك مالاً. كان البيع خفيفاً نتيجة الأوضاع السيئة آنذاك. وكان معظم الرجال قيد الاعتقال".
وتذكر أنّه خلال الاجتياح الإسرائيلي، تركت عائلات كثيرة بيوتها في المخيم، لأنّ القصف كان عشوائياً، لافتة إلى أنّ الملاجئ قُصفت أيضاً: "بداية، ذهبنا إلى منطقة عبرا، شرق مدينة صيدا، وسكنّا في أحد المباني وعانينا بسبب الحرمان والفقر. بعدها، انتقلنا إلى مدينة صيدا ومكثنا في إحدى المدارس مدة شهر كامل. عشنا أيّاماً صعبة في تلك الفترة. لكنّ بعد دحر العدو الصهيوني وعملائه وعودة الفدائيّين إلى المخيم، ارتحنا من ظلم العملاء وسطوتهم على الناس".
لم تنته المعاناة. تقول الحاجة إن الوضع الأمني في المخيّم صعب للغاية، ولا يمر يوم من دون مشاكل أو مناوشات، لافتة إلى أن الهدف من كلّ ذلك هو "زعزعة الأمن في المخيم". اليوم، ليس لديها أحلام، باستثناء الاستقرار الأمني، حتى تعيش سنواتها المتبقية بسلام.
اقــرأ أيضاً
تقول أبو هيكل لـ "العربي الجديد": "لم نخرج من بلدنا بسهولة، بل تركناه بعد سبعة أيام من المقاومة. ظلّ المقاومون يناضلون حتى استطاع الصهاينة الوصول إلى منطقتنا، علماً بأنّهم لم يتمكنوا من احتلال عكا بسهولة". وتضيف أن الكثير من الصهاينة قتلوا عند سور عكا، مشيرة إلى أنّ بوابة عكا كانت عصيّة على المعتدين. "رأينا جثثاً ملقاة أمامنا. لكن بعد مرور سبعة أيام من المقاومة، استطاع الصهاينة الدخول إلى عكّا عن طريق البحر، فهربنا إلى بلدة دير القاسي، حيث بقينا يومين، ثمّ توجّهنا إلى الحدود اللبنانية خشية أن يلحقوا بنا. في هذا اليوم، خرجنا من فلسطين وتوجهنا إلى لبنان. وخلال سيرنا، كان المناضلون الفلسطينيّون يسهّلون خروجنا بهدف إبعادنا عن الخطر. بعدها، وصلنا إلى منطقة كونين الجنوبية اللبنانية، ثم إلى تبنين".
تشير إلى أن عائلتها كانت ترغب في الوصول إلى صيدا، وهو ما حدث "جلب لنا سائق حافلة نقل صغيرة، وأوصلنا إلى سكّة الحديد". تذكر أن والدها أعطاه المال بالعملة الفلسطينية، ولم يكن يعرف أنّها تساوي أضعاف الليرة اللبنانية آنذاك. ومن هناك، ركبت العائلة القطار إلى مدينة حلب في سورية، حيث مكثوا عاماً ونصف العام. تذكر أنّ هذه الفترة كانت الأصعب في حياتها، إذ كان البرد قارساً، ولم يكونوا يملكون المال، وكانت فرص العمل قليلة، علماً بأنّ الناس كانوا يقدّمون لهم الأغطية والطعام "وعندما أتيحت لنا فرصة المجيء إلى لبنان، ركبنا القطار وعدنا مجدداً. على الأقل، كان الطقس أكثر دفئاً، كما أنّ معظم أقاربنا استقرّوا في صيدا. وكانت الحياة في المخيم أفضل مما عشناه في حلب".
بعد مرور ثلاث سنوات على انتقالهم إلى لبنان، تزوجت، ولم ترزق بأطفال إلّا بعد مرور اثني عشر عاماً، فأنجبت ستة أولاد. تقول أبو هيكل إنّ الحياة اختلفت كثيراً عمّا كانت عليه في السابق "في ما مضى، كنّا نسكن الشوادر، وكانت الأحوال الماديّة أصعب. زوجي كان يعمل في مصنع، إلّا أنّه لم يتمكّن من الاستمرار في عمله هذا لساعات طويلة. فصار يعمل فيه ساعات أقل، وفتح دكّاناً. ثمّ كان الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، وقد اعتقل الإسرائيليون زوجي بالإضافة إلى رجال آخرين، بعدما جمعوهم في الشارع، وعصّبوا أعينهم، ووضعوهم في الشاحنات".
في غياب زوجها، اضطرت إلى العمل محلّه في الدكان حتى تتمكن من العيش. لكن خلال هذه الفترة "كان العملاء يأتون ليأخذوا مني المال. لم أكن أستجيب لهم لأنني لا أملك مالاً. كان البيع خفيفاً نتيجة الأوضاع السيئة آنذاك. وكان معظم الرجال قيد الاعتقال".
وتذكر أنّه خلال الاجتياح الإسرائيلي، تركت عائلات كثيرة بيوتها في المخيم، لأنّ القصف كان عشوائياً، لافتة إلى أنّ الملاجئ قُصفت أيضاً: "بداية، ذهبنا إلى منطقة عبرا، شرق مدينة صيدا، وسكنّا في أحد المباني وعانينا بسبب الحرمان والفقر. بعدها، انتقلنا إلى مدينة صيدا ومكثنا في إحدى المدارس مدة شهر كامل. عشنا أيّاماً صعبة في تلك الفترة. لكنّ بعد دحر العدو الصهيوني وعملائه وعودة الفدائيّين إلى المخيم، ارتحنا من ظلم العملاء وسطوتهم على الناس".
لم تنته المعاناة. تقول الحاجة إن الوضع الأمني في المخيّم صعب للغاية، ولا يمر يوم من دون مشاكل أو مناوشات، لافتة إلى أن الهدف من كلّ ذلك هو "زعزعة الأمن في المخيم". اليوم، ليس لديها أحلام، باستثناء الاستقرار الأمني، حتى تعيش سنواتها المتبقية بسلام.