أعلنت السلطات الأمنية الباكستانية، اليوم الإثنين، إنتهاء الهجوم على مطار "جناح الدولي" في كراتشي، واستعادة السيطرة عليه بشكل كامل، لتكون خاتمة عملية عسكرية، استغرقت نحو 12 ساعة، للقضاء على مسلحين تابعين لحركة "طالبان- باكستان" هاجموا المطار.
وحبست باكستان الأنفاس خشية أن يتحول اقتحام المطار الأكبر في البلاد إلى عملية احتجاز رهائن طويلة، وما أن انقشع غبار القتال حتى تكشف ليل باكستان الدامي عن 31 قتيلاً بينهم جميع منفذي الهجوم الـ 12، بحسب السلطات الأمنية.
وقال المتحدث باسم قوات الأمن في إقليم السند، سبتين رضوي، إن الجيش والقوات شبه العسكرية ستنقل السيطرة على المطار إلى السلطات المدنية عند منتصف النهار. وأضاف أن "الهجوم انتهى وقضينا على جميع المهاجمين". وكانت تصريحات سابقة لرضوي أشارت إلى تجدد الاشتباكات صباح اليوم، مشيرا في حينه إلى "استأنف العملية العسكرية بإرسال قوات كوماندوز إضافية بعد اطلاق نار أدى إلى إصابة شرطي".
وأعلنت حركة "طالبان- باكستان" في بيان نقلته وسائل الإعلام الباكستانية والعالمية، مسؤوليتها عن الهجوم. وتأتي العملية في سياق الرد على تعثر المفاوضات بين اسلام أباد والحركة، التي عانت من انشقاقات أخيرا، وتلويح الحكومة بزجّ قوات اضافية إلى إقليم وزيرستان المحاذي للحدود مع أفغانستان، في استعراض للقوة.
وشنّ عناصر من الحركة مدججين بالأسلحة، ليل الأحد، هجوماً على مطار كراتشي الدولي في جنوب باكستان، وحاصروا أكبر مطار في البلاد لساعات، قبل أن يتمكن الجيش من "سحقهم"، بحسب المسؤولين، رغم استمرار المناوشات المتقطعة لساعات لاحقة، بحثاً عن مهاجمين محتملين تحصنوا داخل المطار.
وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم الجيش الميجور جنرال عاصم باجوا، عبر حسابه على موقع "تويتر"، إن "المنطقة أصبحت آمنة. ما من أضرار لحقت بالطائرات. الحريق الذي شوهد في الصور لم يكن في طائرة بل في مبنى وقد أخمد الآن. لم يتأذ أي من المنشآت الحيوية". وأضاف أنه تمت تصفية جميع المهاجمين، في معارك دارت بينهم وبين قوات الأمن، التي ضبطت كل الأسلحة والذخائر الموجودة بحوزة المهاجمين من رصاص وصواريخ وقذائف مضادة للدروع.
وقال الضابط باجوا إنه "يتم اجراء عملية تمشيط احترازية وإخلاء المطار بحلول منتصف نهار اليوم الإثنين، واعادة تسليمه إلى هيئة الطيران المدني وجهاز أمن المطار".
وقاد الجيش عملية القضاء على المهاجمين بالتعاون مع القوات شبه العسكرية والشرطة وجهاز أمن المطار. وبإعلانه هذا يكون الجيش قد وضع حدا للمخاوف التي سرت من احتمال أن يتحول الهجوم على "مطار جناح الدولي" إلى حصار طويل الأمد لأكبر مطار في باكستان، مثلما حصل في هجمات سابقة استهدفت في السنوات الأخيرة منشآت حساسة مماثلة، أشهرها المسجد الأحمر في العام 2007.
وفي عام 2011 هاجم مسلحون قاعدة كراتشي البحرية فدمروا طائرتين أميركيتين الصنع وقتلوا عشرة من جنود القاعدة في هجوم استمر 17 ساعة.
وبحسب المعلومات التي أوردها مراسل "العربي الجديد"، لهجوم مطار كراتشي، فإن المهاجمين تسللوا إلى المطار من ثلاثة جهات، وذلك عن طريق قص الشريط الشائك الذي يسيج مبنى الركاب القديم الذي لم يعد يستخدمه الركاب، ولكنه اصبح مقرا لمكاتب الموظفين والمشاغل والمخازن. وأفاد مراسل "العربي الجديد" في وقت سابق، باندلاع مواجهات عنيفة بين قوات الجيش الباكستاني ومسلحين، تحصنوا داخل المطار طيلة ساعات الليل والفجر. واشتدت المواجهات مع تدخل الفرق الخاصة لقوات الجيش.
وبحسب شهود عيان، فإن عدد المسلحين المشاركين في الهجوم تراوح بين عشرة وخمسة عشر مسلحاً مزودين ببنادق حديثة، فضلاً عن القنابل اليدوية والأحزمة الناسفة. وسمع دوي انفجارين عنيفين بمحيط المطار، تردد صداهما في مختلف أنحاء كراتشي، عاصمة إقليم السند وكبرى مدن باكستان.
وأظهرت مشاهد تبثها قناة "أي أر واي" المحلية، سحابة من الدخان تغطي المطار. وتحدثت القناة عن احتجاز المسلحين لرهائن، علماً أن القيادي في الحركة القومية المتحدة، فاروق ستار، كان في المطار متجهاً إلى لندن لحظة وقوع الهجوم. كما فجّر اثنان من المهاجمين حزاميهما الناسفين.
وفي وقت سابق، أعلن المتحدث باسم ادارة الطيران المدني عبيد قيمخاني أنه تم تعليق كل الرحلات في المطار. بدوره قال المتحدث باسم جهاز أمن المطار عاصم سليم باجوا ان "كل الركاب والطائرات تم اخلاؤهم". ولم تتبن أي جهة الهجوم في الحال، غير أن السلطات الباكستانية تتصدى منذ أكثر من عشرة اعوام لمتمردين أسفرت هجماتهم عن مقتل الآلاف. في إطار المواجهة الدائرية بين اسلاميين والقوات الباكستانية على خلفية التعاون بين الأخيرة والولايات المتحدة فيما عرف بالحرب على الارهاب إثر هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.
وأشرف رئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف، على العملية ضد المسلحين، كما قام رئيس وزراء الحكومة الإقليمية في إقليم السند، قائم علي شاه، بزيارة المطار، بالتزامن مع وصول تعزيزات.
ورأى المحلل الأمني، الجنرال المتقاعد طلعت حسين، أن الهجوم ربما كان رد فعل على العمليات التي يشنها الجيش في المقاطعة القبلية.
وكانت وزارة الداخلية الباكستانية قد حذرت من قيام مسلحي حركة "طالبان" باستهداف مواقع حساسة في مدينة كراتشي.
وبدأت حكومة نواز شريف في شباط/فبراير الماضي عملية تفاوضية مع متمردي "طالبان" الباكستانية. وأعلن وقف لإطلاق النار في بداية اذار/مارس الماضي، لكنه سرعان ما انهار بعد شهر واحد.